أسأل الله ان نكون من الذين يستمعون القول ويتعضون وواقعنا وحالنا خير دليل على ذلك
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في زمرته يوم يقوم الناس لرب العالمين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى، واعرفوا قدر الأوقات التي هي خزائن أعمالكم، بادروها بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وانصرام الزمان، إن كل يوم، بل كل ساعة، بل كل دقيقة، بل كل لحظة تمر بكم فلن ترجع إليكم، وإن كل يوم وساعة ودقيقة ولحظة تمر بكم فإنها قصر في أعماركم ودنو لآجالكم، فانتبهوا عباد الله لهذه الحقيقة، فما هي إلا سويعات ولحظات، ثم إذا بكم قد حلَّ بكم المنون وندمتم على ما فرطتم من الأعمال الصالحة في الأوقات التي يمكنكم أن تعملوا بها صالحاً، إن هذه الحقيقة يغفل عنها كثيرٌ من الناس فانتبهوا لها.
وليعلم أن هؤلاء المسافرين إلى بلاد الكفر وإن نعموا أبدانهم بما نالوه من الترف، فقد أتلفوا أرواحهم، وفقدوا راحتهم بما حصل لهم من التعب الفكري والقلق النفسي إذا فقدوا هذا برجوعهم إلى أوطانهم، وربما يكونون قد لوثوا أدمغتهم، ولا أقول قد غسلوا أدمغتهم؛ لأن الغسل تطهير، ولكن صواب العبارة أن يقال: لوثوا أدمغتهم بما سمعوا أو شاهدوا من أفكار وأخلاق، ولا شك أن هذا سيكون له تأثير على النشء الصغار الذين صحبوهم، فإن الصغار لن ينسوا هذه المشاهدات والمسموعات، فليتقِ الله أمرؤ في نفسه، وليتقِ الله في أهله، وليتقِ الله في مجتمعه إن هذه اللوثات والقاذورات إذا رجع بها إلى بلده فسوف يؤثر على من حوله وعلى كل من يتصل به من قرابات أو جيران وحينئذٍ تبقى بلادنا فريسة لأمثال هؤلاء الذين تلوثوا بما تلوثوا به من أخلاق الكفرة.
أيها الإخوة، احذروا هذا، وحذروا إخوانكم، وبثوا في نفوس مجتمعكم الحذر العظيم من ذلك، فإنه والله داء جسيم، وأمر عظيم، ربما لا يظهر أثره في سنة أو سنتين ولكن لا بد أن يؤثر، وإنني أختم كلمتي هذه بما وجهه الله – تعالى – إلى عباده المؤمنين حيث قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة: 172]،
أسأل الله – تعالى – أن يرزقني وإياكم شكر نعمته، وأن يعيننا وإياكم على طاعته، وأن يجعلنا من المتبصرين المبصرين إنه على كل شيء قدير، اللهم اهدِ قومنا لأحسن الأقوال والأعمال، وجنبهم أسوئها يا رب العاملين، اللهم احفظ علينا ديننا، واحفظ ديننا بنا يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة والنجاة من النار إنك على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. ومن ترك شي لله عوضه خير منه