{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} الصاحب ساحب … إلى … [1]
قالت الفتاة وهي تشكو لي:
كنت أظنها صادقة، كنت أظنها صافية، كانت توهمني أنها تحبني وتحب الخير لي، ولكني اكتشفت الحقيقة أنها ساحرة .. أنها كاذبة، عندما ألحت علي في هذا الطلب .. طلب وأي طلب .. أن أذهب معها للقاء صديق لها تتوهم أنه يحبها وسيتزوجها، هي في الحقيقة توهم نفسها وتوهمني بذلك، وذهبت معها ـ لتأثيرها السحري علي ـ وهناك وجدت آخرًا لي أنا أيضًا.
لا لا أنا لست كذلك .. لا أصاحب شابًا ولا أسير في الطرقات كما تسير الفاجرات.
كيف أفعل ذلك؟ وكيف جرأت صديقتي على دفعي في هذا الطريق؟
لقد عرفت الحقيقة الآن أنها ليست صديقة إنها ليست رفيقة .. إنها ماكرة مخادعة سحبتني، ولكن الله تغمدني بلطفه وفضله ورجعت في الوقت المناسب، وصدق المثل القائل: ‘الصاحب ساحب’.
وصدق الله العظيم حيث قال: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً[27]يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً[28]لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27ـ29].
عزيزتي الفتاة المسلمة:
الإنسان اجتماعي بطبعه والرفقة مطلب نفسي لا يستغنى عنه الإنسان خاصة في مرحلة المراهقة .. ولكن!!!
1ـ ما تفسير حاجتي إلى الرفقة؟
2ـ وما أثر الرفقة على سلوكي؟
3-وما سمات الصديقة الصالحة؟
4ـ وكيف أختار صديقتي؟
إجابات هذه الأسئلة هي محور موضوعنا،
فتعالي معي لنتعرف على رأي علم النفس حول حاجة المراهقة إلى الرفقة.
1ـ حاجة المراهقة إلى الرفقة:
من الحاجات الاجتماعية التي تحتاج إليها المراهقة الحاجة إلى الرفقة التي من خلالها تحقق ذاتها والحقيقة تعتبر الرفقة مطلبًا نفسياً لا يستغني عن الإنسان خاصة في مرحلة المراهقة، وبوجود الرفقة المنسجمة يتم قضاء الأوقات وتبادل الآراء والخبرات وبث الآمال والتشارك في الأحاسيس والمشاعر.
وتقوم الرفقة في كثير من الأحيان بإعطاء الرأي وبلورة الفكر ووضع الخطة وتنفيذها, فهي ليست محضًا شعوريًا ونفسيًا فقط بل هي أيضًا ذات بعد عملي وتنفيذي في حياة الشباب ويتعذر منع الشباب المراهق عن الرفقة أو فرض العزلة عليهم، وهو أمر يصطدم مع طبع الإنسان وجبلته ويحرمه من حاجة نفسية مهمة.
والمراهقة تستوحش العزلة وتمقت الانزواء والانطوائية ما لم تلجئها إليها ضرورة أو تفرض عليها فرضًا، فهي تحس بحاجة داخلية ملحة للالتقاء بصويحباتها وبنات مرحلتها، وتشعر أنهن يمدونها بزاد نفسي لا يقدمه لها الكبار أو الأطفال.
ويتجه المراهقون إلى أقرانهم وزملائهم المقاربين لهم في السن ليكونوا رفقة واحدة تشترك في أشياء كثيرة من أهمها التشابه في التحولات الجسدية والعضوية والنفسية والعقلية والاجتماعية، والتشابه في المعاناة والمشكلات، والتشابه في المواقف من الكبار، هذا إلى جانب الاقتران في المرحلة الدراسية أو نوع العمل أو جهة السكن أحيانًا، وينضم إلى ذلك ـ بعد فترة ـ وحدة التجربة ونوع الخبرة التي تكتسب من خلال المواقف المختلفة التي تمر بالرفقة.
ويؤدي الاقتران والتشابه بين الأقران ـ في كثير من الأحيان ـ إلى التوحيد والتعلق بالرفقة بحيث لا يقدم المراهق عليها أحدًا، ويربط مصيره بمصيرها ورأيه برأيها، وربما تعصب لرفقته ضد أي خطر خارجي يرى أنه يهددها.
وذلك لأمرين:
الأول: لأن الرفقة اختيارية في الغالب ـ فهي علاقة يختارها المراهق لنفسه، فهو الذي ينتقي أصدقاءه ويبني العلاقة معهم برغتبه وحسب ميله ويتم هذا الاختيار النفسي إما بصورة عفوية حيث ينشأ مع المراهق خلال طفولته أو مراهقته أو يتم بصورة انتقائية حسبما يتوفر للمراهق من أجراء ومناسبات اجتماعية تجمعه بأبناء مرحلته وهذا بخلاف علاقته بوالديه أو أساتذته أو زملاء صفه, فإنها تكون مفروضة عليه، والاختيار نشاط يريح المراهق ويشعره بحريته وذاتيته.
الثاني: الانسجام بين النفوس والأرواح والتقارب في الخبرات ونوع المشكلات، وهذا أمر يضاعف من أثر الرفقة عليه، ويزيد التوحد والخلة بين الأصحاب.
عزيزتي الفتاة:
يرى بعض المتخصصين أن الشباب الصغار يقاطعون مجتمع الكبار ويتجهون لتشكيل بيئات وثقافات خاصة بهم لها لغتها ورموزها، فهم يتجهون إلى الشركاء المقربين ممن هم في نفس السن للحصول على الأمن والتأييد في وسط مجتمعات الكبار البعيدة عن عالمهم وأحاسيسهم ومشكلاتهم.
ويستمد المراهقون السلوك والرأي من أصدقائهم في قضايا ومجالات مؤثرة، تتعلق بأنماط السلوك والملبس، والبرنامج اليومي والهوايات والمشاركة في النوادي وقضاء أوقات الفراغ والرحلات ونوع السيارة .. وغير ذلك وكل هذه قضايا خطيرة ومتجددة تحدث أثرًا تراكميًا عبر الزمن تتأسس عليها شخصية المراهق وسماته وطبائعه.
إذن هناك أسباب أساسية للجاذبية بين الرفقاء وهي:
1ـ الحاجة النفسية: كون الرفقة تغذي حاجة نفسية ملحة يندر أن يستأنس المراهق بدونها.
2ـ التشابه: وجود التشابه في الطبائع والأحاسيس.
3ـ الاختيارية: أن الرفقة اختيارية لا يلزم بها المراهق، وإنما يحددها باختياره مع مراعاة عوامل تساعد على ذلك مثل الجوار والقرابة والزمالة، وهو توجه عام في مرحلة المراهقة حيث ينزع المراهق إلى الاستقلالية في الرأي والتصرف.
وهناك أسباب وسيطة لجاذبية الرفقة وهي:
1ـ المعايشة 2ـ الجماعية 3ـ الصراع
1ـ المعايشة: حيث يتأثر المراهق برفقته من خلال المعايشة اليومية.
2ـ الجماعية: حيث يكتسب السلوك والرأي قوة جماعية، فتجد الرفقة تجتمع على الرأي والمرء ضعيف بمفرده قوي بأقرانه.
3ـ الصراع: فموقف الأسرة أو المدرسين أو الكبار عمومًا المعارض للمراهقين أو المحتقر لهم يزيد من التصاق المراهق برفقته، فذلك الصراع يؤدي إلى توحد أجزاء الجبهات المتنازعة وتقاربها، والتجابه هنا هو بين مجتمع المراهقين ومجتمع الراشدين.
أيتها الفتاة المسلمة:
تقول الحكمة ‘ الصاحب ساحب’ لما له من أثر كبير على سلوك المراهق فتعالي معي لنرى أثر الرفقة على سلوك الفتاة المراهقة.
2ـ أثر الرفقة على سلوك الفتاة المراهقة: إن للصاحب أثر كبير في تعديل سلوك صاحبه، واقتباس ما عنده، ومن ثم تبادل الخبرات والاهتمامات.
يقول د/ عبد العزيز النقيمشي في كتابه المراهقون:
‘إن للجليس أثرًا قويًا متدرجًا على شخصية المرء وأخلاقه، ولابد أن يكون الجليس الذي تكثر مجالسته وملازمته محبوبًا ومقربًا، وكذلك حال المراهقين مع رفقتهم حيث تتحد الأهداف والمشاعر، ويخلص الود وتتطابق الأمزجة والسمات’.
وللدلالة على تأثير الرفقة الخطير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ‘المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل’. [أخرجه الترمذي] ويقول صلى الله عليه وسلم مبينًا أهمية الصحبة وأثرها: ‘المرء مع من أحب’ [متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري]
وقلما نجد مراهقًا كان له خلة ومحبة وملازمة لرفقة ما، إلا ويكون على نهجها وطريقتها، يتحد معها في أفكاره ومسالكه وأخلاقه، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر’.
وقال صلى الله عليه وسلم ‘الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف’. [أخرجه الإمام مسلم في صحيحه]
فقد يكون عامل الائتلاف مع الأصدقاء هو السن أو وحدة الاهتمام أو المهنة الواحدة أو ائتلاف الأخيار مع بعضهم، والأشرار مع بعضهم’ وقديمًا قيل: ‘إن الطيور على أشكالها تقع’.
والصحبة التي تبنى على الأسس السليمة سيكون أثرها متينًا قويًا في حياة المراهق بإذن الله، خلافًا لصاحب السوء.
روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‘إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير: فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة’ [متفق عليه].
والجليس صيغة مبالغة على وزن فعيل ‘من كثرة المجالسة والملازمة’.
وقد بين الحديث الأثر البالغ للجليس في مستويات متدرجة ومثل له رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثال حسن يتضح فيه التأثير ولو كان قليلاً جدًا, حيث جعل المثل في المشمومات من الروائح الطيبة أو الكريهة.
والقرين يؤثر على عقيدة قرينه، وعلى قناعاته الفكرية فكم من صديق قد جر الويلات على صديقه، وكم من قرين كان سببًا في انحراف قرينه وعندها لا ينفع الندم، وانظري إلى هذا المشهد البليغ الذي جسده لنا القرآن حيث قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً[27]يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً[28]لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} [الفرقان:27ـ29].
{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} فلا تكفيه يد واحدة يعض عليها، إنما هو يداول بين هذه وتلك أو يجمع بينهما لشدة ما يعانيه من الندم اللاذع المتمثل في عضه على اليدين وهي حركة معهودة يرمز لها إلى حالة نفسية فيجسمها تجسيمًا {يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} فسلكت طريقه ولم أفارقه ولم أضل عنه.
عزيزتي الفتاة فلا طريق إلا طريق الله مهما كان فيه من الصعوبات، ولا اختيار إلا مصاحبة الأخيار مهما كان عندهم من سلبيات.
{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} فلانًا بهذا التجهيل ليشمل كل صاحب سوء يصد عن سبيل الرسول ويضل عن ذكر الله {لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} لقد كان شيطانًا يضل أو كان عونًا للشيطان {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً}يقوده إلى مواقف الخذلان. [في ظلال القرآن ـ سيد قطب ج5].
عزيزتي الفتاة:
نفهم من الآيات السابقة أن في الصحبة منعطفًا خطيرًا ينبغي أن ينتبه الإنسان له وقد يؤدي بالإنسان إلى مهاوي الهلاك بسبب قرين السوء.
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فـكـل قـريـن بالـمقـارن يقـتـدي
وللصحبة السيئة أثر خطير، وطرقها خبيثة، فقد يكون تأثيرها بطريق الإغواء، والتأثير غير المباشر كإظهار الحب، ومنح بعض المال أو إدخال المراهق قرينه السينما مثلاً أو الأماكن المشبوهة .. وقد يكون عن طريق القسر والإرهاب، أو التهديد بفضح أمره وأسراره، ومن ثم قد يفرض الأشرار عليه سلوكًا معينًا فيعيش ضحية لهم [مثال لذلك عصابات النشل، والعصابات التي تستغل الصغار في الأمور الجنسية]. [انحراف الصغار ـ سعد المغربي].
وفي التحذير من صحبة الأشرار قال الشاعر:
هل يستوي مَن رسول الله قائده
وأين من كانت الزهراء أسوتها
إن الرذيلة داء شره خطر
دومًا وآخر هاديه أبو لهب؟
ممن تقفت خطى حمالة الحطب
يعدي ويمتد كالطاعون والجرب
وأعجبني أيضًا قول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل
فكم من جاهل أردى
يقاس المرء بالمرء
وذو العر إذا احتك
وللشيء من الشي
وللروح على الروح
وإياك وإياه
حليمًا حين وافاه
إذا ما هو ماشاه
بذي الصحة أعداه
مقاييس وأشباه
دليل حين يلقاه
معنى العر: الجرب
[روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ـ أبو حاتم السبتي، وابن جماعة: تذكرة السامع والمتكلم]
وللحديث بقية فتابعي معي في الجزء الثاني من المقال
وإلى حين ذلك لك مني خالص الحب والوفاء وحسن الصحبة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الصاحب ساحب 2
فتاتي العزيزة:
: كثير من الفتيات تحب إقامة صداقات مع الجميلة المرحة الكريمة التي تعزم صديقاتها على البيتزا والآيس كريم وغير ذلك … والبارعة أيضًا في طريقة التعرف على الشباب، الفتاة الشيك المنطلقة، هذا للأسف هو كل ما تفكر فيه الفتاة وإذا سألتيني أيتها الفتاة كيف أختار صديقتي؟
كانت الإجابة:
انتبهي عزيزتي أن هناك سمات مختلفة تمامًا ينبغي أن تبحث عنها كل فتاة مسلمة عند اختيار الصديق نذكر منها
1ـ الخيرية 2ـ الاتزان والتعقل 3ـ الانسجام
1ـ الخيرية:
وهي نزوع الرفيق إلى الخير قولاً وعملاً وظهر ذلك عليه في سيماه وسلوكه وتوجهاته فالصديق الصالح من كانت صداقته لله، قال صلى الله عليه وسلم مبينًا الأساس الذي تبنى عليه الصداقة: ‘ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار’ [أخرجه البخاري كتاب الإكراه] وقد عبر رسولنا الكريم عن الصداقة القائمة على الحب في الله في قوله صلى الله عليه وسلم: ‘إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي’. [أخرجه مسلم باب فضل الحب في الله]
2ـ الاتزان والتعقل:
ويظهر الاتزان أو عدمه عند تلبية المراهقة لحاجاتها الجنسية والاستطلاعية.
3 ـ الانسجام في الطبع والمزاج:
وهو أن يحمل الرفيق في طبعه ومزاجه من الصفات ما يدعو إلى الانسجام معه والارتياح إليه وهذا يرتبط أيضًا بتأثير البيئة المحيطة على الرفيق، فعلى المراهق اختيار الرفيق من وسط صالح وبيئة طيبة.
قال ابن جماعة في اختيار الأصدقاء وصفات الصاحب الصالح: ‘ إذا تعرض المرء لصحبة من يضيع عمره معه، ولا يفيده، ولا يستفيد منه، فليتلطف في قطع عشرته من أول الأمر قبل تمكنها، فإن الأمور إذا تمكنت عسرت إزالتها … فإن احتاج إلى من يصحبه فليكن صاحبًا صالحًا دينًا تقيًا ورعًا ذكيًا، كثير الخير، قليل الشر، حسن المداراة، قليل المجاراة، إن نسى ذكره وإن ذكر أعانه، وإن احتاج واساه، وإن ضجر صبره’ [تذكرة السامع والمتكلم ابن جماعة] وهناك مثل إنجليزي يقول: ‘A friend in need is a friend indeed’ يعني الصديق عند الضيق، وصديقك من صَدَقَكَ، لا من صَدَّقك في كل شيء.
ومن واجب الصديق على صديقه أن يحفظ غيبته، ويهب لنجدته ويرعى مصالحه، ويقدم له النصيحة في لطف وكياسة، كما أن من واجب الصداقة أن يكون الإنسان سهلاً في محاسبته لأصدقائه، ويتجاوز عما قد يقع منهم أحيانًا من خطأ غير مقصود، ويقبل عذرهم عن خطأ مقصود حتى يحافظ بذلك على بقاء محبتهم ولا يفرقهم من حوله’ [الذرية الإسلامية للطفل والمراهق محمد جمال الدين محفوظ]
عزيزتي الفتاة المسلمة:
لقد ضرب لنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه خير مثل على الصداقة وحسن الصحبة مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان يجمع بينهما الارتباط النفسي والمصيري الذي اقتضته هذه الصحبة الفريدة، فنجد أبا بكر يعيش مع صديقه وحبيبه الرسول صلى الله عليه وسلم الحلو والمر، والسهل والصعب، والغنى والفقر، والأمن والخوف، قال تعالى عن الصديق رضي الله عنه:{إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40].
وقد كانا في سن متقاربة بينهما سنتان وكان يجمع بينهما طبع متقارب في العقل والمروءة وبعد النظر، وفي السماحة والنبل والكرم، وفي الشفقة والرقة والعطف، وفوق كل ذلك وحدة الهدف.
وأترك لك عزيزتي الفتاة فرصة فتح القرآن الكريم لتتعرفي على صفات الصالحين من كلام الله لا من كلام من يدعون التقدم والتحرر والانطلاق والحياة الجميلة، في أوائل سور: البقرة والأنفال والمؤمنون وفي أواخر سور: الفرقان وفي سورة المعارج وتفسيرها في تفسير ابن كثير وفي ظلال القرآن لسيد قطب.
وللأم والأب دور في ربط الفتاة المراهقة بالرفقة المناسبة:
عزيزتي الأم المربية لا تنسي في هذا المقام دورك الكبير في ربط ابنتك المراهقة بالرفقة المناسبة فكيف يكون ذلك.
أ ـ التهيئة لوجود الرفقة الصالحة:
على الأم الفاضلة إعطاء ابنتها المراهقة المواعظ والخبرات وتبصيرها بأهمية الرفيق الصالح وجميل أثره، وسوء عاقبة مرافقة الطالحين وخطر مجالستهم.
ب ـ اختيار السكن المناسب:
على الأب اختيار السكن المناسب الذي تجاوره أسر تحرص على صلاح أبنائها واستقامتهم، ولا يضير الأب أن يغير المسكن بسبب سوء الجيران وفساد ذريتهم لئلا يتعدى ذلك على ذريته، وأن يختار المدرسة المناسبة أيضًا التي تعنى باستقامة طلابها وتهتم بالأخلاق إن وضع المراهق في بيئة صالحة كالبلد والحي والجيران والمدرسة هو مفتاح التهيئة لأحداث الرفقة الصالحة المناسبة.
ج ـ ربط المراهقين بالأنشطة الجادة والهادفة:
مثل المكتبات والحلق العلمية وأنشطة تحفيظ القرآن الكريم فهذه المواطن تحتضن طالبات يتسمن بالخلق الرفيع والاتزان والايجابية الاجتماعية، ويسلمون غالباً من التهور والانحراف في إشباع العواطف والحاجات.
د ـ متابعة الوالدين بطريقة غير مباشرة:
فإن المراهقين يرفضون الملاحظات المباشرة ويمقتون الرقابة ولا يستجيبون للأوامر والتوجيهات الآتية بطريقة التلقين.
هـ ـ إكرام الوالدين لصحبة ابنتهما الصالحة وتقبلها:
وذلك بتأييد الفتاة على رفقتها الصالحة واستقبالهم وإكرامهم وتفقد أحوالهم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته يختلطون بالشباب والصبيان، ويسلمون عليهم ويكرمونهم ويشركونهم في الأنشطة والمناسبات.
فالسلبية والجفاء مع صديقات المراهقة الصالحات ستشعر الابنة بعدم قبولهم، وعدم الرضا عنهم فتسعى لمقاطعتهم أو تخفي علاقتها بهم مما يكون له انعكاسات سلوكية ونفسية سيئة على الفتاة المراهقة.
وأخيرًا .. أيتها الفتاة المسلمة:
لا تسمعي لمن تقول ‘ويفوز باللذات كل مغامر’ فإن المغامرة هنا تعني المغامرة بكل شيء، العرض والنفس والحياة ولكن تعاوني أنت وصديقتك على البر والتقوى، يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] خذي بيدك ويدها إلى كل خير وصلاح وجديد ومفيد في غير معصية، صومي معها وأفطري معها، واذهبي لزيارة المريضة معها، واخرجي للتنزه معها في غير معصية، واحفظي القرآن معها، ولا تحرمي نفسك من ظل الرحمن يوم لا ظل إلا ظله: ‘ اثنان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ‘.
المراجع:
1ـ المراهقون د/ عبد العزيز بن محمد النغيمشي
2ـ الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة
في مرحلة المراهقة حنان عطية الطوري
3ـ تربية المراهق في الإسلام سيد قطب
4ـ تفسير القرآن العظيم لابن كثير
وفعلا الصاحب مطلوب لكن بشروط
وكذلك يجب ان يكون الشخص يقض ولايعطي الثقه التامه لاي كان
جزاك الله خير
أحسنت في إختيار الموضوع أحسن الله تعالى إليك
اللهم وفق بناتنا وبنات المسلمين لما تحبه وترضاه
وفقك الله