* حوار طبي
* «الشرق الاوسط» التقت الدكتور طارق رضا استشاري التغذية العلاجية والصحة العامة وزميل معهد التغذية بجامعة كولومبيا بأميركا ليجيب على تساؤلات عديدة عن السمنة وعلاجها وأسباب انتشارها الذي بدأ حديثه بقوله: «ان أحدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية.. عن السمنة أكد ان حوالي نصف بليون من سكان العالم يعانون زيادة الوزن والسمنة ووجدوا ان تبعات مرض السمنة أكثر من ميزانية أي دولة ان تتحملها، مثلا في اميركا مرض السمنة يكلف الدولة ما يوازي 70 بليون دولار سنوياً وان تكلفة السمنة لأي دولة تنقسم الى ثلاث مراحل تكلفة مباشرة بمعنى عدم القدرة على مواصلة العمل لعدم القدرة على النوم والإرهاق، وتوفير أماكن خاصة للأشخاص البدناء في جميع وسائل المواصلات وجميع مرافق الدولة، بالاضافة الى تكلفة العلاج المختلفة لانقاص الوزن، وتكلفة غير مباشرة لعدم الاقبال على الحياة مما يؤدي الى الانطواء والعزلة، وتكلفة غير معروفة تتشكل في خفض عدد ساعات العمل، ومن المشاكل التي تؤرق المنظمات الطبية في العالم الآن أيضاً انتشار هذا المرض بين الأطفال والشباب.
أما عن سبب انتشار السمنة في الآونة الأخيرة حتى أصبحت وباء العصر فيقول: يرجع ذلك بسبب التطور التكنولوجي الهائل ووسائل المدنية الحديثة مما أدى الى راحة الانسان وقلة الحركة وعدم استخدامه ساقيه في جميع وسائل الحياة من حوله في المشي أو صعود السلالم سواء داخل البيت أو خارج البيت مما نتج عنه قلة الحركة والنشاط، مما أدى الى خفض معدل حرق السعرات الحرارية وخفض معدل استهلاكها، الى جانب اتجاه معظم الأطفال والشباب والأسرة الى تناول أطعمة التيك آواي الغنية بالدهون والسعرات الحرارية التي تؤدي الى السمنة والى ارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم والأوردة وتخزين الدهون بمناطق مختلفة في الجسم.
وعن سبب حدوث السمنة يقول د.طارق رضا: «ان السمنة تحدث عامة نتيجة زيادة الطاقة الداخلة (السعرات الحرارية) عن الطاقة الخارجة حيث نأكل فتدخل في أجسامنا سعرات حرارية بطاقات معينة تتحول داخل الجسم الي دهون ثلاثية تتراكم داخل الخلايا الدهنية فتزيدها في الحجم اذا كان الشخص بالغاً ثم في العدد اذا كان طفلا. ثم يزداد الحجم، فاذا لم يتم اخراج تلك الطاقة في صورة زيادة في النشاط العضلي أو التمرينات، تتراكم الدهون داخل الخلايا أكثر ويزداد حجمها ثم تنقسم وهكذا مما ينتج عنه السمنة».
أما سمنة الأطفال فتحدث نتيجة لزيادة في غدد الخلايا الدهنية بالجسم التي تظل في ازدياد حتى وصوله لسن البلوغ. لكن تزداد السمنة بالزيادة في حجم الخلايا بعد البلوغ، وهذا يفسر خطورة وصعوبة السمنة عند الأطفال حيث ان الطفل البدين بعد وصوله سن البلوغ يظل يعاني السمنة طوال حياته ويكون علاجه أصعب بكثير ممن أصيب بالسمنة بعد البلوغ، هنا لا بد أن يكون العلاج للأسرة بأكملها وليس للطفل وحده، وذلك بتوعية أفراد الأسرة وتغيير عاداتهم الغذائية السائدة بالبيت واتباع اسلوب حياة مختلف يتسم بالوعي الغذائي والنشاط والرياضة والحيوية.
* الغذاء الصحي
* وعما اذا كان يمكن للغذاء الصحي في تركيبته الصحيحة أن يمنع الاصابة بالأمراض أو يقي الانسان منها، يقول د.طارق: «ان الطعام بالطبع هو أحد المقومات الضرورية لكي يتمتع الانسان بصحة جيدة ولكن لا بد أن ننتقي التغذية السليمة ونصحح مفاهيم خاطئة حتى نحقق لأنفسنا الصحة والنحافة بمعنى ان «أنا آكل.. إذن أنا أزداد نحافة» أي ان النظام الغذائي الصحي والتوازن في الأكل يقينا الكثير من الأمراض، وان البدانة ليس سببها كمية الطعام الذي نتناوله بقدر ما هي عادات غذائية سيئة ونوعية ضارة من الأغذية نختارها».
ويضيف د.طارق رضا فيقول: «لا بد من الاعتدال في الأكل وعدم الافراط في الطعام وملء المعدة بالطعام لان امتلاء المعدة بالطعام يعيق هضمه كما يعيق عملية التنفس للمدى الطبيعي بسبب ضغط المعدة الممتلئة بالطعام على الحجاب الحاجز فلا تستطيع عضلته الانقباض بالقدر الكافي الذي يسمح للرئتين بالتمدد الكامل ودخول الهواء بالقدر الكافي إليهما وبذلك تضطرب عملية التنفس وباضطرابها يضطرب وصول الدم الوريدي غير المؤكسد الى القلب بسهولة مما يؤثر على جميع أجهزة الجسم، وبالتالي ينتج عن هذا الافراط، البدانة وما يصاحبها من أمراض مثل الأمراض القلبية الوعائية وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الدهون الضارة والبول السكري والسكر وحصيات المرارة ودوالي الساقين وفتوق كل من المعدة والحجاب الحاجز والتهاب المفاصل وغيرها كما ان السمنة تعتبر من العوامل المؤثرة بالسلب في كفاءة جهاز المناعة ويعتمد علاج السمنة أولا على سبب حدوث السمنة وطبيعة مريض السمنة وظروفه الصحية والنفسية والاجتماعية».
ولكن لكي نضع النقط على الحروف على كل ما تتناوله الأسرة من طعام أو شراب أو حلوى من حيث المكونات الغذائية لها، للاستفادة منها على الدوام كقاموس غذائي يمكن الاسترشاد به في كل وقت يقول د. طارق: «هناك هرم غذائي مرضي وهرم غذائي صحي Dr. Reda"s Food Pyramids يساعد الانسان على اختيار ما يأكله ويحدد له الكمية التي يتناولها من كل غذاء ويعطيه حرية تناول جميع الأغذية يومياً على أساس ان التغذية الصحية لا تعتمد اطلاقاً على أنواع معينة من الأطعمة وإنما تعتمد على التنوع المعتدل من كل المجموعات الغذائية للمحافظة على الوزن الصحي المثالي، وقد تم ترتيب هذه الاغذية في شكل هرمي تبعاً لقوة مكوناتها الضارة للأشخاص البالغين».