تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الأسباب الموجبة لزوال عقوبة الذنوب

الأسباب الموجبة لزوال عقوبة الذنوب 2024.

قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (7/487-500): "قَدْ دَلَّتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ : عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الذُّنُوبِ تَزُولُ عَنْ الْعَبْدِ بِنَحْوِ عَشَرَةِ أَسْبَابٍ:

أَحَدُهَا : التَّوْبَةُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ تَعَالَى: ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[.

السَّبَبُ الثَّانِي : الِاسْتِغْفَارُ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "إذَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ : أَيْ رَبِّ أَذْنَبْت ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْت ذَنْبًا آخَرَ. فَاغْفِرْهُ لِي فَقَالَ رَبُّهُ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْت لِعَبْدِي فَلْيَفْعَلْ مَا شَاءَ قَالَ ذَلِكَ : فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ"، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : "لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمِ يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ".
وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: الِاسْتِغْفَارُ هُوَ مَعَ التَّوْبَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ: "مَا أَصَرَّ مَنْ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ"، وَقَدْ يُقَالُ : بَلْ الِاسْتِغْفَارُ بِدُونِ التَّوْبَةِ مُمْكِنٌ وَاقِعٌ وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ فَإِنَّ هَذَا الِاسْتِغْفَارَ إذَا كَانَ مَعَ التَّوْبَةِ مِمَّا يُحْكَمُ بِهِ عَامٌّ فِي كُلِّ تَائِبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّوْبَةِ فَيَكُونُ فِي حَقِّ بَعْضِ الْمُسْتَغْفِرِينَ الَّذِينَ قَدْ يَحْصُلُ لَهُمْ عِنْدَ الِاسْتِغْفَارِ مِنْ الْخَشْيَةِ وَالْإِنَابَةِ مَا يَمْحُو الذُّنُوبَ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبِطَاقَةِ بِأَنَّ قَوْلَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثَقُلَتْ بِتِلْكَ السَّيِّئَاتِ ; لَمَّا قَالَهَا بِنَوْعِ مِنْ الصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ الَّذِي يَمْحُو السَّيِّئَاتِ وَكَمَا غَفَرَ لِلْبَغِيِّ بِسَقْيِ الْكَلْبِ لِمَا حَصَلَ فِي قَلْبِهَا إذْ ذَاكَ مِنْ الْإِيمَانِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كَثِيرٌ.

السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْحَسَنَاتُ الْمَاحِيَةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم : "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ"، وَقَالَ : "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وَقَالَ : "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وَقَالَ "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"، وَقَالَ : "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ"، وَقَالَ : "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ"، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِي الصِّحَاحِ . وَقَالَ : "الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَالْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ".

السَّبَبُ الرَّابِعُ الدَّافِعُ لِلْعِقَابِ : دُعَاءُ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُؤْمِنِ مِثْلُ صَلَاتِهِمْ عَلَى جِنَازَتِهِ فَعَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ إلَّا شُفِّعُوا فِيهِ"رواه مسلم، وَهَذَا دُعَاءٌ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْمَلَ الْمَغْفِرَةُ عَلَى الْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ الَّذِي اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ وَكُفِّرَتْ عَنْهُ الصَّغَائِرُ وَحْدَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مَغْفُورٌ لَهُ عِنْدَ الْمُتَنَازِعِينَ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ لِلْمَيِّتِ.

السَّبَبُ الْخَامِسُ : مَا يُعْمَلُ لِلْمَيِّتِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ؟ كَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ هَذَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِنُصُوصِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالْحَجُّ . بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَالَ : "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ".

السَّبَبُ السَّادِسُ : شَفَاعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرُهُ فِي أَهْلِ الذُّنُوبِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَدْ تَوَاتَرَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ الشَّفَاعَةِ مِثْلَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : "شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي".

السَّبَبُ السَّابِعُ : الْمَصَائِبُ الَّتِي يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا فِي الدُّنْيَا كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : "مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ ; وَلَا نَصَبٍ ; وَلَا هَمٍّ ; وَلَا حَزَنٍ ; وَلَا غَمٍّ ; وَلَا أَذًى – حَتَّى الشَّوْكَةُ يَشَاكُهَا – إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ".

السَّبَبُ الثَّامِنُ : مَا يَحْصُلُ فِي الْقَبْرِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالضَّغْطَةِ وَالرَّوْعَةِ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُكَفَّرُ بِهِ الْخَطَايَا.

السَّبَبُ التَّاسِعُ : أَهْوَالُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَرْبُهَا وَشَدَائِدُهَا.

السَّبَبُ الْعَاشِرُ : رَحْمَةُ اللَّهِ وَعَفْوُهُ وَمَغْفِرَتُهُ بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعِبَادِ . فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الذَّمَّ وَالْعِقَابَ قَدْ يُدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَشَرَةِ كَانَ دَعْوَاهُمْ أَنَّ عُقُوبَاتِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ لَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِالتَّوْبَةِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ"اهـ باختصار

جزاك الله خيرا واثابك .
جزاك الله خيرا

اللهم اغفر لى ولامى وللمسلمين
بارك الله فيج

عروس اقتباس عروس   عروس المشاركة الأساسية كتبها الساهره نانا عروس عروس   عروس
     
  جزاك الله خيرا واثابك .  
عروس   عروس

جزاك الله خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.