تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الثقهة بالله والتوكل على الله

الثقهة بالله والتوكل على الله 2024.

" ما ظنك باثنين الله ثالثهما "

" لا تحزن .. إن الله معنا "

هل كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مضطراً للتعرض لكل تلك المخاطر ؟ ألم يكن ربه ـ سبحانه ـ قادراً على أن ينقله إلى المدينة نقلاً مباشراً كما حدث في رحلة الإسراء و المعراج ؟ لِمَ كانت الهجرة إذن ، و ما الهدف و الرسالة التي تبعثها إلى أمة المسلمين سَلَفِهم و خَلَفِهم ؟

ندرك تلك الرسالة و هذا الهدف من المواقف المختلفة في الهجرة :

عندما تتبعت قريش رسول الله و صاحبه أبا بكر حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَابِ الْغَار فَوَقَفُوا عَلَيْهِ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ " يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ أَنّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إلَى مَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا . فَقَالَ " مَا ظَنّك بِاثْنَيْنِ اللّهُ ثَالِثُهُمَا ؟ لا تَحْزَنْ إنّ اللّهَ مَعَنَا" .

لو تأملنا هذا الموقف لأدركنا معنىً سامياً ينبع من أصل عقيدة المسلم و إيمانه بالله .. الواحد .. القادر .. المالك .. الذي يقول للشئ كن فيكون … ذلك المعنى هو الثقة بالله و حسن الظن به و التوكل عليه سبحانه … مع العمل و الأخذ بأسباب النجاح .

يقول سبحانه و تعالى في حديثٍ قدسي : " أنا عند ظن عبدي بي ، و أنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، و إن ذكرني في ملئٍ ذكرته في ملئٍ خيرٍ منهم ، و إن تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ، و إن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، و إن أتاني يمشي أتيته هرولة " .

ماذا كانت نتيجة هذا التوكل : لقد أعمى الله عنه عيون المشركين عند خروجه من بينهم ، بل و نثر على رؤسهم التراب .. و حجب أبصارهم عنه عند الغار .. و الحمامة و العنكبوت .. و قصة سراقة بن مالك .. و …. { و من يتوكل على الله فهو حسبه * إن الله بالغ أمره }

——————————————————————————–

المعنى :

يقال " تَوَكَّلَ عَلَى اللَّه "ِ : أي اعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَوَثِقَ بِهِ , وَاتَّكَلَ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ كُله .

وَفِي الشَّرِيعَةِ يُطْلَقُ التَّوَكُّلُ عَلَى الثِّقَةِ بِاَللَّهِ وَاْلإِيقَانِ بِأَنَّ قَضَاءَهُ مَاضٍ , وَالاتِّبَاعِ لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّعْيِ فِيمَا لا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الأَسْبَابِ .

التَّوَكُّلُ بِمَعْنَى الثِّقَةِ بِاَللَّهِ , وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ وَاجِبٌ , وَمَأْمُورٌ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ , وَفِي سُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ كَذَلِكَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ , وَقَالَ : تَبَارَكَتْ أَسْمَاؤُهُ : { وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ }

——————————————————————————–

التوكل و الأخذ بالأسباب :

التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ لَا يَتَنَافَى مَعَ السَّعْيِ وَالْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ مِنْ مَطْعَمٍ , وَمَشْرَبٍ , وَتَحَرُّزٍ مِنْ الْأَعْدَاءِ وَإِعْدَادِ الْأَسْلِحَةِ , وَاسْتِعْمَالِ مَا تَقْتَضِيهِ سُنَّةُ اللَّهِ الْمُعْتَادَةُ , مَعَ الِاعْتِقَادِ أَنَّ الْأَسْبَابَ وَحْدَهَا لَا تَجْلُبُ نَفْعًا , وَلَا تَدْفَعُ ضَرًّا , بَلْ السَّبَبُ ( الْعِلَاجُ ) وَالْمُسَبَّبُ ( الشِّفَاءُ ) فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى , وَالْكُلُّ مِنْهُ وَبِمَشِيئَتِهِ .

وَقَالَ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْت فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ التَّوَكُّلُ أَنْ يُهْمِلَ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الْجُهَّالِ وَإِلَّا كَانَ الْأَمْرُ بِالْمُشَاوَرَةِ مُنَافِيًا لِلْأَمْرِ بِالتَّوَكُّلِ . بَلْ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ : أَنْ يُرَاعِيَ الْإِنْسَانُ الْأَسْبَابَ الظَّاهِرَةَ وَلَكِنْ لَا يُعَوِّلُ ( يعتمد ) بِقَلْبِهِ عَلَيْهَا , بَلْ يُعَوِّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .

وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ التَّوَكُّلَ الصَّحِيحَ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ . وَبِدُونِهِ تَكُونُ دَعْوَى التَّوَكُّلِ جَهْلًا بِالشَّرْعِ وَفَسَادًا فِي الْعَقْلِ . وَقِيلَ لِأَحْمَدَ ( بن حنبل ): مَا تَقُولُ فِيمَنْ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ وَمَسْجِدِهِ وَقَالَ لَا أَعْمَلُ شَيْئًا حَتَّى يَأْتِيَ رِزْقِي ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ : هَذَا رَجُلٌ جَهِلَ الْعِلْمَ , أَمَا سَمِعَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي } . وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا يَقْعُدُ أَحَدُكُمْ عَنْ طَلَبِ الرِّزْقِ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي , وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تُمْطِرُ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً .

——————————————————————————–

التوكل في القرآن و السنة :

وَقَدْ تَوَاتَرَ ( تكرر كثيراً ) الْأَمْرُ بِالْأَخْذِ بِالْأَسْبَابِ فِي الْقُرْآنِ وَسُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

القرآن :

a.. َقَالَ تعالى : { فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ }

b.. وَقَالَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ }

c.. وَقَالَ : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ } .

السنة :

a.. أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ : { أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَتْرُكَ نَاقَتَهُ وَقَالَ : أَأَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ , أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اعْقِلْهَا , وَتَوَكَّلْ } .

b.. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ } .

c.. وَأَمَرَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّدَاوِي : وَقَالَ { تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ , فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَضَعْ دَاءً إلَّا وَضَعَ مَعَهُ الشِّفَاءَ } . أَيْ تَدَاوَوْا وَلَا تَعْتَمِدُوا فِي الشِّفَاءِ عَلَى التَّدَاوِي . بَلْ كُونُوا مُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى , فَالتَّدَاوِي لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ .

d.. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : { لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا } . وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّوَكُّلَ يَكُونُ مَعَ السَّعْيِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ لِلطَّيْرِ عَمَلًا وَهُوَ الذَّهَابُ صَبَاحًا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ , وَهِيَ فَارِغَةُ الْبُطُونِ , وَالرُّجُوعُ وَهِيَ مُمْتَلِئَتُهَا

——————————————————————————–

ربنا .. عليك توكَّلنا .. و إليك أنبنا .. و إليك المصير

اختي جزاج الله الف خير على المشاركه الطيبه

تحياتي لج عروس

الله يسلمك ويجزاك خير نور الموضوع بمرورك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.