نطيعُ نبينا , و نُطيعُ ربًّا ***** هو الرحمن كان بنا رءوفًا
الله عز و جل هو الرءوف ؛ لأنه المتناهي في الرحمة بعباده , لا راحم أرحم منه , و لا غاية وراء رحمته .
جاء وصف النبي صلى الله عليه و سلم بالرءوف في قوله تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) سورة التوبة : 128
قال ابن عباس رضي الله عنهما : (سماه باسمين من أسمائه , و في الجمع بينهما دلالة على أن في كل منهما معنى ليس في الآخر , على نحو ما ذكره أهل العلم ) فالرءوف هنا شديد الرحمة , و الرحيم الذي يريد لهم الخير , و قيل : رءوف بالطائعين , و رحيم بالمذنبين .
يقول النيسابوري : و من رحمته أنه أمر بالرفق , كما قال صلى الله عليه و سلم : ( إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ) , و من رحمته قيل له : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ ) سورة آل عمران : 159
و هاهنا نكتة و هي أن رأفته و رحمته صلى الله عليه و سلم لما كانت مخلوقة اختصت بالمؤمنين فقط , و كانت رأفته و رحمته – سبحانه و تعالى – للناس عامة , ( إنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) سورة البقرة : 143
وهناك نكتة أخرى : و هي أن رحمته صلى الله عليه و سلم عامة للعالمين , و أما رحمته المضمومة إلى الرأفة فخاصة بالمؤمنين , و كأن الرأفة إشارة إلى ظهور أثر الدعوة في حقهم , فالمؤمنون أمة الدعوة و الإجابة جميعًا .
معنى الرأفة : مبالغة في رحمة مخصوصة هي رفع المكروه و إزالة الضر , و ذكر الرحمة بعد الرأفة مطرد في القرآن الكريم لتكون أعم و أشمل .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (اللهم إني أتخذ عندك عهدًا لن تخلفنيه, فإنما أنا بشر , فأي المؤمنين آذيته، شتمته،لعنته , جلدته , فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة ) رواه البخاري و مسلم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي ) رواه البخاري و مسلم
عن سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إن الله تعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة , كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة , فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض , وأخّر تسعًا وتسعين، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ) رواه مسلم
عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ترى المؤمنين في تراحمهم و توادهم , و تعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر و الحمى ) رواه البخاري و مسلم
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه و سلم فانطلق لحاجته , فرأينا حمرة معها فرخان , فأخذنا فرخيها , فجاءت الحمرة فجعلت تفرش , وجاء النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ( من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ) , و رأى قرية نمل قد حرقناها فقال : ( من حرق هذه؟) قلنا : نحن , قال : ( إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار ) سنن أبي داود
من فوائد الرحمة و الرأفة :
– مدعاة لرضا الله و سبب لدخول الجنة .
– من رُزق الرأفة و الرحمة فقد جمع كثيرًا من صفات الخير .
– الجنة هي دار الرحمة لا يدخلها إلا الراحمون برحمة الله .
– برحمة الله تعالى للراحمين يوفقهم لترك المعاصي و نيل الدرجات .
– إشاعة الرحمة و الرأفة بين أفراد المجتمع فيها سبب للألفة و المحبة بين عباد الله المسلمين .
و أخيرًا .. أسأل الله تعالى أن يتقبل هذا العمل فيكون خالصًا لوجهه الكريم , فينفع به ..
و أسأله سبحانه أن يمحو الخطأ , و يغفر الزلل , و يتجاوز عن السيئات و يرزقنا الفردوس الأعلى من الجنات برحمته أرحم الراحمين .. و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
بارك الله فيك اختي