سلوك عدواني
تقول الدكتورة سميرة دهراب: اثبتت دراسة اميركية حديثة ان الرجال العدوانيين اكثر عرضة لاكتساب الوزن, مع مرور الزمن, من الرجال الذين يتمتعون بسلوكيات ومزاج معتدل والبدانة واكتساب المزيد من الوزن كانا المؤشر الدال على العدوانية المرتفعة, وبالتالي كلما ازدادت عدوانيته ازداد معدل كتلته الجسمانية, وان نسبة ميلهم للبدانة وصلت الى 45 في المئة مقارنة بالقسم المعتدل السلوك والمزاج, في حين ان الابحاث اجريت على اكثر من ستة آلاف و484 الف رجل وسيدة, تتراوح اعمارهم ما بين 33 و55 عاماً.
كما ان الاضطرابات النفسية تدفع الانسان الى التهام الطعام, بغية التعبير عن مشاعرهم الكامنة ويعد الطعام وسيلة للتفريغ عن الانفعال ما ينجم عنه شعور بالراحة والهدوء, خصوصا انه يخفف من التوتر المرافق للانفعال, والمرأة معرضة للسمنة اكثر من الرجل, كونها اكثر حساسية وقد تلجأ المرأة الى الطعام للتخفيف من الحالات الانفعالية, نظرا لطبيعتها ومشاعرها الحساسة في حين ان الرجل اكثر صلابة وقوة.
وعن المشكلات النفسية التي تدفع المرء لاكتساب الوزن, ترى الاسشارية النفسية في مركز الرازي للاستشارات النفسية ان الاضطرات النفسية مثل الاكتئاب والقلق تسبب اضطرابات في الشهية, غير ان انعكاساتها تحتمل نوعين من النتائج والتي تصب في خانة السلبيات, كونهما وجهان لعملة واحدة, وتقول »قد يعاني بعضهم من فقدان الشهية في حين ان آخرين يصابون بالشره العصبي«, الذي يقودهم الى الافراط في تناول الطعام, خصوصا الشوكولاتة والحلويات, ما يؤدي الى السمنة والوزن الزائد.
هروب من الضغوطات
انه طريق للهروب من الضغوطات, بهذه العبارة تعرف دهراب الطعام, من وجهة نظر المرضى المصابين بالشره, لان النظرة السوداوية للمستقبل تسبب لهم المزيد من الاحباطات والتوتر, وتقول تشكل هذه النظرة دافعاً رئيسا لاكتساب عادات غذائية سيئة ومضرة, رغم انهم يجدونه عملا ممتعا حيث يرفهون عن انفسهم وان تكرار الضغوط يجعلهم مدمنين وتتحكم العادة والتكرار بالمرء, ليمسي التخلص من الادمان على الطعام والامتناع عن تناوله مهمة في غاية الصعوبة, لانها تترسخ في برمجة اللاشعور في الدماغ, وتتحول من حاجة ضرورية الى طبع متملك.
وكغيره من الغرائز الطبيعية لدى الانسان فان الجوع غريزة اساسية لتأمين احتياجات الجسم لكن عواقب الشهية الكاذبة تضر ولا تنفع, ويشتهي المصاب باضطرابات الطعام عن طريق التحدث مع النفس والايحاء بانه جائع متخيلا ان طعم المأكولات الشهية واللذيذة, والوصول الى بغيته عن نفسه, بواسطة الطعام, وخلال الجلسات الاستشارية والعلاجية, اسمع ملاحظات وشكاوى عدة من المرضى عن الرغبة في تناول الطعام, رغم انهم لا يشعرون بالجوع او الاستمتاع, ويسمى هذا التصرف بالاكل العاطفي Emotional Eating حيث يقبل المرء على الطعام بنهم شديد, لاعتباره بانه نعمة لاغنى عنها, ومتعة تؤمن الراحة ولو كانت مؤقتة.
وفي ما يخص اللجوء الى الحلويات والشوكولاتة, فان السعي وراءها ليس عبثيا, فقد اثبتت الدراسات العلمية ان مادة الكاكاو الموجودة في الشوكولاتة تساعد على افراز هرمون »الاندروفين« المعروف بهرمون السعادة والاسترخاء ويأكل المكتئب والحزين الشوكولاتة كلما لاحت في الافق معضلة يعجز عن حلها, او مشكلة تسبب له القلق والتوتر.
سلوك الشراهة
وعن سلوك الطفل الغذائي تقول دهراب: العادات التي يكتسبها الطفل منذ الصغر تترسخ في ذاكرته لتمسي, عرفا يصعب التخلص منه وسلوك الطفل نتاج البيئة والمحيط التي يعيش فيه كما انه يشبه الصفحة البيضاء التي ينقش عليها الاهل التصرفات والعادات وهو يراقب والديه ويتعلم منهما سلوك الشراهة, والادمان على الحلويات, من خلال المراقبة والملاحظة والنمذجة, وان القاصر يعتقد ان تصرفاتهما صحيحة وسليمة, ويحسبهما القدوة والمثال الاعلى للارشاد والتوجيه في مناهج الحياة جميعها, خصوصا ان العائلة هي المدرسة الاولى, وفي المحصلة, يكتسب الطفل العادات السيئة, حيث تصبح السمنة المفرطة من الامراض التي تهدد صحته وسلامته, لأنه لا يعي الخطأ من الصواب في ما يتعلق بالصحة والمظهر, ويجب على الاهل اعادة توجيه الطفل, وتشكيل عاداته تدريجيا, فالتحفيز والتعزيز هما الخطوة الانسب لانه اكثر مرونة وليونة من البالغ.
تقدير الذات
»لا استطيع«, »ليس لدي ارادة« و»مستحيل ان يخف وزني«, هي التعابير التي تراها دهراب هدامة, وتقول: الطاقة السلبية تحدث خلخلة في البرمجة الايجابية الموجودة في الجسم, ما يؤدي الى تقويض التجربة وسيطرة البرمجة السلبية, وهي تشبه الفيروسات التي تهاجم جهاز الكمبيوتر, لتضرب بضراوة المعلومات المخزنة في داخله, والمصابون بالسمنة يتأثرون بالانتقادات والتعليقات الساخرة التي تحبط عزيمتهم, وتجعلهم يستعيدون العادات الغذائية السيئة, رغم ملاحظتهم بعض البوادر الايجابية, ويصابون بالفشل الذريع عندما يجدون ان الانتقادات اسلحة تقهقر وانهزام, مشكلة ارضاً خصبة لعرقلة الخطة – الحمية الغذائية, وبالتالي يتأثر العقل بمشاعر الاحباط وينعكس سلبياً على الشخصية والجسم معاً.
ورغم ذلك فالشخص السمين ليس ضعيف الشخصية, اولا يثق بنفسه, بل يلعب التقدير الذاتي دوراً مهما للشعور بالرضا عن النفس, وتدعيم الثقة, غير ان بعض البدناء يفتقدون للثقة بالنفس, نتيجة تدني التقدير الذاتي واهتزاز الصورة الداخلية, لانهم يخافون من الاخر ونظرته الانتقادية, لكن فئة كبيرة منهم يتمتعون بروح مرحة وحلوة, ما يجعلهم محببين عند الناس, والتمتع بشخصية متزنة تنعكس ايجابيا على شخصيتهم.
هدم وبناء
لا تعتبر استشارية الارشاد النفسي والتربوي مهمة خسارة الوزن والالتزام بحمية غذائية امراً صعباً, لان التغيير فن ومهارة, وتشدد على ان التركيز والالتزام بخطة ذهنية معينة تعيد ترتيب النفس لاكتساب عادات حسنة, بغية وضع المرء على السكة والقنوات الصحيحة, وتقول: هناك طرق وتقنيات عدة مثل برمجة العقل والتنويم المغناطيسي, لتعديل سلوك الشراهة, وتربية النفس على ضبط الشهية, وان الهدم المنظم للعادت القديمة والسيئة, وبناء تدريجي لتلك المفيدة يمكن الشخص من بلوغ الهدف المنشود, وخسارة الوزن الزائد.
وتنصح باتباع الخطوات التالية, والتي تعد خطة فعالة تنير افكار الانسان, وتحثه على خسارة الوزن والنجاح بشكل عام:
– تحديد الهدف: ينبغي ان يدرك المرء الهدف المنشود, وتوجيهه في الاتجاه الصحيح.
– تحمل مسؤولية الاعمال السابقة والسلوك السيئ التي ادت الى النتائج غير المرغوبة.
– اعتماد خطة عمل كاملة وواقعية, على اسس بناءة وتقوم على التفكير الايجابي كي تقود المرء للتحرك باتجاه الهدف.
– اثارة العزيمة وتقوية الارادة بالايحاء الذاتي, برسائل ايجابية صباحاً ومساء, لانها تلعب دوراً تشجيعياً خصوصا ان الجهاز العصبي يستجيب للرسائل المخزنة في العقل الباطن, وبالتالي ينتج عنها ردود فعل جيدة, بعيداً عن مشاعر الحرمان والقسوة, التي تقوض العمل قبل بلوغ الهدف المنشود.