و خير ما نستهل به كلامنا هو الصلاة و السلام على خير الأنام
محمد صلى الله عليه و سلم
يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
{ إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم }
أخرجه البخاري .
إنها صورة المسلم النافع لنفسه المصلح لمجتمعه وأمته ، المعطاء دائما ، الباذل جهده وعرقه لأجل الآخرين ، الكريم السخي , الجواد بكل ما يملك لأي محتاج أو ملهوف ، لا ينقطع عطاؤه , ولا يفتر عمله , ولا ينتهي الخير الذي يبثه في كل مكان حل به .
إنها صورة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضعها نموذجا يُحتذى , وصورة تُقتدى للمؤمن الذي خلص إيمانه لربه , ونقي صدره لدينه , وأحبت نفسه إخوانه ..
إن المؤمن في عين النبي صلى الله عليه وسلم إذن ينتمي إلى أصول ثابتة , ومبادئ راسخة تمثل تلك العقيدة النقية البيضاء التي يبني عليها حياته , فهي أشبه بجذور تلك الشجرة القوية المتينة , وشخصيته الفاعلة الإيجابية أشبه بساقها الممتد الفارع , الذي يعبر عن الرفعة والسمو , والكبرياء والاستغناء عن كل الخلق , مع الافتقار الكامل للخالق سبحانه وتعالى , وآثاره في المجتمع أشبه بتلك الأوراق التي لا تسقط مهما تغيرت الفصول , واشتدت الصعاب واختلفت الأجواء , فظلها وارف , وخضارها زاهٍ , وثمرها عطاء لا ينضب .
لقد علم النبي صلى الله عليه وسلم إن تلك الشجرة التي يتحدث عنها ( وهي النخلة كما في صحيح البخاري وغيره ) لا يسقط ورقها طوال العام , ولا ينعدم ظلها , ولا ينقطع من البيوت على مر الأيام ثمرها , وأنها كالمسلم , تصدر منه العلوم والخيرات , قوت مستطاب للأرواح ينتفع بعلمه وصلاحه وآثاره حياً وميتاً ..
إن المؤمن الحق نافع أينما حل , معطاء بماله وجهده ونفسه في سبيل غاية إيمانية عليا هي رضا ربه سبحانه والفوز بجنته , فالصدقة للفقير والمحتاج طهرة دائمة لماله , والنفع لإخوانه وأبناء أمته قسم لا يتجزأ من يومه الذي يمر به , والإصلاح والدعم لمجتمعه مبدأ متقدم من مبادئه الحضارية الإسلامية , وكل هذا لا ينقطع في لحظة من لحظات حياته لسبب اختياري , بل حياته كلها كأنها وقف لذلك النموذج النافع الصالح .
جعلنا الله ممن يستخدمهم و لا يستبدلهم
منقووول