هذه قضية عجيبة وخطيرة ، تحتاج إلى إصغاء وتركيز.. فإن لها ما بعدها ..
ستعرف يقينا وبلا لبس: حقيقة القوى الكرتونية في هذا العالم ..
بل قبل هذا ستقف تماما وفي جلاء أمام حقيقة هذا الإنسان .. ما أحقره لولا رحمة الله سبحانه ..
فتأملوا ..
منذ سنوات كانت هذه الحكاية.. سأل عالم مسلم عالم فلك كندي مشهور يومها في مجاله ، سأله :
كم عدد النجوم التي استطعتم رؤيتها بأحدث الأجهزة في الكون المنظور ؟؟
(الكون المنظور : هو المساحة الذي استطاعت الآلات الوصول إلى أقصى حد عندها ثم توقفت)
قال: كثيرة جدا جدا لا تحصى ..
فقال المسلم: بالمثال يتضح المقال ، اضرب لي مثالا يقرب القضية..
فأجابه على الفور : إليك هذا المثال .. لو كان بين يديك مكتبة ضخمة جدا..
تضم نصف مليون مجلد ( مجلد وليس كتابا ) فلو جمعت عدد النقاط فيها نقطة ، نقطة ……
لكان عدد النجوم التي استطعنا رؤيتها أكثر بكثير من عدد النقاط … في هذه النصف مليون مجلد !!!
قال المسلم : سبحان الله .. أرجو إعطائي مثالا آخر لعلي استوعب أكثر ..
قال وهو يضحك : لو جمعنا رمال شاطئ نهر المسيسبي … وأخذنا نعد هذه الرمال كلها رملة رملة …
لكان عدد النجوم التي رأيناها أكثر من عدد رمال الشاطئ العريض كله !!!!!!!
ظهر على الرجل المسلم الدهشة البالغة ثم هتف : الله أكبر .. سبحان الله
ثم قال في تعجب : فأين هي أرضنا إذن وسط هذا الطوفان الهائل من النجوم ؟
فضحك عالم الفلك الكندي .. ثم قال له :
تسأل عن ماذا ….. عن الأرض …؟؟؟؟
قال : نعم عن هذه الأرض التي يصطرع عليها الناس .. وتقوم عليها الحروب في كل مكان ..
أسأل عن هذه الأرض التي تزخرفت وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها …
هذه الأرض التي يعصي فيها الناس رب العالمين ..
هذه الأرض التي يقتل الأخ أخاه بسبب شهواتها و..و..و.. الخ .. الخ
قال الأجنبي: يستحيل أن تراها … هي عدم في العدم ……!!
قال المسلم: أرجو أن توضح لي بمثال .. هذا كلام لا أكاد استوعبه
قال : نعم ..
( استعدوا هنا ……. وامسكوا أنفاسكم ..!!!)
قال العالم الكندي: احضر قلم رصاص مدبباً جدا ….
واحضر ورقة بيضاء ناصعة جدا … ولتكن ورقة كبيرة جدا ، جدا …….
بحجم ….. بحجم ……. بحجم …. بحجم…..
تصوروا بحجم ماذا قال ..؟
قال: ورقة بحجم الكرة الأرضية كلها ، بحيث يمكن لف الكرة الأرضية كلها في هذه الورقة !!!!!!
إذاً معنا : قلم رصاص .. وشرطه أن يكون مدبباً جدا ….. وورقة هائلة تفرشها في خيالك فقط …
ولكني أقول : هل الحائط قريب من يديك ؟ لن نأخذ بكلام العالم الكندي حرفيا …..
سنترك الورقة الخيالية التي يطالبنا بتخيلها .. سنأخذ هذا الحائط القريب منك ..
أحضر الآن قلم رصاص مدبباً للغاية ….. وضع على الحائط نقطة برأس سن القلم المدبب ( ضع نقطة بدون ضغط )
لا تنسوا أنه طلب أن نضع النقطة في الورقة البيضاء الخيالية !!!!!!!
طبعا لن ترى أبدا.. أبدا .. ثم قال له :
اسمع الآن النتيجة :
هذه النقطة التي في هذه الورقة أكبر ( بكثير جدا ) من كرتنا الأرضية …….!!
سبحان الله
هذه المعلومة هي التي أثارتني في هذا الحوار ..
ولذا لا أدري إلى أي شيء انتهي ذلك الحوار .. كل الذي أدريه أنني هرولت إلى أخ عزيز له اهتمامات واسعة بالفلك ، ذهبت إليه في فرح طفل تحصل على هدية .. أحببت أن ابلغه بهذه المعلومة الخطيرة ، أو أتأكد منها ..
ثم كانت المفاجأة المذهلة…
ضحك حين سمعني أتحدث بحماس وانبهار وأنا في قمة التفاعل والتأثر ..
ثم قال: أتعرف أن هذا العالم الكندي إنما أراد مجرد التقريب فقط ..؟
قلت : ماذا يعني كلامك هذا ؟
قال: لأن هذه النقطة التي لا ترى ليست أكبر من الكرة الأرضية .. لا بل ، بل ، بل ، بل هي أكبر من المجموعة الشمسية بكاملها !!!!
هتفت في تلقائية: سبحان الله .. لا إله إلا الله ..
وبقي يحدق في وجهي وهو يبتسم ثم ضرب رأسه بباطن يده وهو يقول :
آسف أنا آسف .. والله آسف !!!
ماذا قلت لك للتو …….. فأعدت عليه ما قال بنص حروفه ..
فأعاد تكرير أسفه .. قلت: مالك ؟ ماذا هناك ؟؟
قال: هذه النقطة ليست أكبر من المجموعة الشمسية أنا آسف !!
بل.. هي.. أكبر.. أكبر .. أكبر .. من .. من ….من ..المجرة بكلها !!!!!!!!!!!!!
فصحت في دهشة : والله … ؟؟؟
( المجرة الواحدة تحتوي على ملايين النجوم ) وتلك النقطة براس القلم الرصاص المدبب أكبر من المجرة .. هكذا قال ..
قلت له : لا أكاد أصدق ما اسمع …. هل هناك دليل يؤكد هذه الحقيقة ؟
قال وهو يتبسم: في منتهى اليسر ، لحظة واحدة .. وأخذ يركب آلة التصوير لعرض الأفلام وما هي إلا دقائق حتى أخذ يعرض علي صورا ومشاهد مروعة من الفلك .. أفلام حية لا مجرد صور فوتوغرافية .. وأخذ خلال ذلك يحدثني عن أعاجيب يدور لها الرأس .. وأخيرا استقرت الشاشة على مشهد أراده هو . . فأوقف الآلة عن الحركة .. كان المشهد عبارة عن شاشة كبيرة امتلأت بنقاط بيضاء صغيرة ..
وسألني وهو يحدق في وجهي: ما هذه ؟
قلت في سذاجة الأطفال : نجوم …. لا شك أنها نجووووم !!!
فضحك وقال وهو يهز رأسه: لا .. لا بل هي كلها مجراااااااات !!!!!!!!!
وكل مجرة تحتوي على ملايين النجوم !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وكاد رأسي أن يدور .. وأخذتني موجة من التسبيح لله سبحانه .. شعرت أن تسبيحي لله هذه المرة كانت له نكهة خاصة .. لا إله إلا الله .. جل في علاه ..
وطفرت من عيني دمعات .. في تلك اللحظة تذكرت حديثا شريفا عجيبا. . فبادرت أسمعه إياه ، فإذا عيناه تفيضان هو الآخر .. لم أكن أحفظ الحديث بنصه ، ولكني قلته بالمعنى ..
يخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم :
أن السماء الدنيا بالنسبة للثانية كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة..
( تخيلوا المشهد وتذكروا النقطة في الورقة .. خاتم صغير مرمي في صحراء واسعة )
وأن الثانية بالنسبة للثالثة كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والثالثة بالنسبة لرابعة كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والرابعة بالنسبة للخامسة كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
الخامسة بالنسبة للسادسة كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والسادسة بالنسبة للسابعة كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والسابعة بالنسبة للكرسي خاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والكرسي بالنسبة للعرش كخاتم صغير ملقى في صحراء واسعة
والرحمن على العرش استوى .. يدبر كل هذه الممالك وينظمها ويسير شؤونها سبحانه جل جلاله..
يرى ويسمع دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء تحت أعماق بحر متلاطم .. فسبحانه جل شأنه .. تبارك وتقدست أسماؤه ..
إذاً .. أين هي كرتنا الأرضية إذا كان الأمر على هذه الصورة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ثم ألا تلاحظون أمرا عجيبا؟ أنه بدأ بالسماء الدنيا .. ولم يذكر الأرض أصلا …!
فالأرض كأنها عدم .. لا تستحق الذكر هنا !!
ومع هذا يرى الإنسان نفسه شيئا !! وينتفخ على عباد الله ويتطاول عليهم ويعجب بنفسه ويغتر ، ويظلم ويطغى ، ويتمرد على الله !!!!!!!
مسكين هذا الإنسان .. مسكين والله هذا الإنسان الذي لا يعرف ربه ..
"يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ"
أنت أهون عليه من حشرة لا ترى إلا تحت المجاهر العظيمة ..
ولكنك حين تتعرف عليه ، وتقبل عليه ، وترتبط به .. يجعلك عظيماً عنده ..
نعود فنقول :
الكرة الأرضية إذن .. لا شيء .. لا شيء .. مطمورة .. في مكان بعيد .. مسحوقه .. معدومة..
سبحان الله ..
إذا كانت المجرة بكلها أصغر من النقطة في الحائط الذي أمامك ……
والمجموعة الشمسية ضائعة في المجرة ……
والأرض ضائعة في الضائع …..
وأية دولة مهما كانت كبيرة ، ضائعة في الضائع الذي هو ضائع في ضائع !!!!!
فأين نحن إذن .. ماذا أقول عن نحن ؟؟
ماذا اقول عن الواحد منا ؟؟؟؟
ضائع في ضائع في ضائع في ضائع في ضائع ….!!!
ومع هذا يكرمنا الله ويشرفنا بهذا الدين ، حتى ليكون المؤمن أكرم على الله من الكعبة نفسها ..
الحمد لله الذي هدانا لمعرفته .. ونسأله الثبات ..
فعلى أي شيء ينتفخ الإنسان ويصاب بالغرور !!؟
في ذلك اليوم مع ذلك الأخ شعرت أنني لا أتلقى درساً في الفلك ..
بل .. واللهِ خرجت من عنده وأنا أشعر بوضوح تام أنني تلقيت درساً في صلب العقيدة ..
لقد اهتز قلبي لجلال الله سبحانه ..
لقد خرجت من عنده وأنا أكاد لا أرى الدنيا وما فيها .. وأنا فيها !!!!!
لقد أثمرت عندي حالة روحية متميزة ..
شيء آخر عجيب ….
حين عدت أتأمل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهو يتحدث عن الدنيا رأيت ثم رأيت شيئا عجباً ..
يقول عن الدنيا ( تذكروا حكاية النقطة ) :
"لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء !!!"
لاحظوا "جناح" يعني شيء صغير جداً ، لكن الدنيا لا تساوي حتى جناح بعوضة ..
وهذا ما باب التقريب للقضية التي نحن بصددها.
صور عجيبة .. لا سيما إذا تذكرنا تلك النقطة
أيضا لاحظوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكرر على الصحابة هذه القضية ، ويعززها بأمثلة كثيرة حتى تترسخ في قلوبهم .
فيعرفوا حقيقة الدنيا ، وأنها أحقر من أن تتعلق بها قلوبهم ..
والأحاديث كثيرة في هذا الباب ..
والقرآن الكريم أيضا اعتنى بتقرير هذه القضية كثيرا لأهميتها البالغة …
نحن اليوم عرفنا حقيقة الدنيا وأنها لا تساوي شيئا من خلال العلم ..
لكن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بالنسبة للصحابة كان أقوى من شواهد عيونهم ..
فعيونهم قد تخدعهم ، أما كلام رسول الله فهو وحي صادق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..
على كل حال .. أرجو أن تعيدوا قراءة هذا الموضوع مراراً …… وتتفكروا فيه ..
وستجدوا أنكم خرجتم بجملة من الدروس القوية جدا ..
دروس تنعش القلب ، وتسمو بالروح ، وتهز النفس ..
وتدفع القلب إلى الله دفعا .. ليلتزم تعاليمه .. ويحمل هم دينه من أجل أن يرضى الله عنه ، فيعوضه بدلا من هذه الدنيا التي لا تساوي شيئا ، يعوضه بدلا عنها بجنة عالية قطوفها دانية ، ورب راضٍ غير غضبان ..
ثم عليكم أن تعرفوا شيئاً مهماً للغاية :
أنني أكون بهذا الدرس ( بالذات ) ..
قد وضعت قدمي وقدمك ايها القارئ العزيز على طريق مشرق وضاء ..
كيف .. ؟؟
الإمام ابن القيم رحمه الله .. يقول ما فحواه :
بداية الطريق للسير إلى الله سيرا حثيثا نظرتان .. نظرتان لابد لك منهما ليكون سيرك حثيثاً متواصلا ..
النظرة الأولى:
أن تعرف حقيقة الدنيا ومقدارها، وأنها لا تساوي شيئاً ، وان التعلق بها وهم .. وان الركض وراء شهواتها عبث لا طائل منه في النهاية ، وان ….. وأن …..وأن ….الخ ، الخ ، الخ ……
والنظرة الثانية المكملة .. باختصار :
أن تعرف حقيقة الآخرة .. وأنها هي الحياة الحقيقية الأبدية .. وفيها النعيم الحقيقي والسعادة الكاملة ..
وأنك قد تنتقل إليها الليلة أو غدا ..
وأنك هناك لا تموت ولا تمرض ولا تحزن ، ولا يصيبك غم ولا هم .. و..و..و.. الخ الخ ..
ومن ثم تشتاق إليها .. وتعمل من أجلها .. وتنافس المتنافسين عليها بهمة وعزيمة ماضية ..
ثم يقرر رحمه الله أن هذا هو منهج القرآن الكريم ..
وأن القرآن كله أحد محاوره الكبرى: هاتان النظرتان وتقريرهما ..
وأورد عشرات الآيات والنصوص النبوية لتقرير هاتين النظرتين وضرورتهما لمن أراد التشمير ..
في الختام ..
أيها القارئ الكريم ..
تذكر دائماً هذه النقطة .. وتذكر الورقة البيضاء الكبيرة .. وذكر الناس بهذه الحكمة الالهية ..
قال الراوي :
أما أنا فقد بادرت مع بداية العام ووضعت نقطة براس قلم مدبب في الحائط المواجه للطلاب ..
ثم أوضحت لهم المقصود من هذه الحركة !!!
وأخذت أقرر في عقولهم: أن هذه النقطة اكبر من الكرة الأرضية بل من المجرة ..!!!
وبين الحين والحين أسأل طلابي اين النقطة التي وضعناها في الحائط ؟؟
وهي بالطبع لا يمكن أن يراها أحد منهم أبدا .. ثم أنبههم أن على كل واحد منهم أن يعرف قدره .. فلا يتكبر على أحد .. ولا يغتر ولا يعجب .. ولا ينتفش ، ولا يتمرد على الله .. ولا.. ولا ..ولا الخ ….
:
نسأل الله أن يرزقنا علماً نافعاً .. وقلباً خاشعاً .. ودعوة مستجابة ..
اللهم آمين ..
:
.:. ومضة .:.
الفرح بالدنيا فرح الصبيان ، والفرح بالإيمان فرح الأبرار ، وخدمة المال ذل ، والعمل لله شرف.
موضوع رائع
سبحان الله الخالق العظيم
كيف يتجرأ الإنسان الضعيف الذي هو ذرة بل ربما أقل
في هذا الكون على أن يعصي جبار السموات والأرض
اللهم اغفر لنا وارحمنا وتجاوز عن ذنوبنا وسيئاتنا
ياسبحان الله
لا اله الا الله
جزاكي الله الخير اختي
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا
جزاك الله خيرا بعدد نجوم الدنيا وبعدد رمال الصحراء على هذا الموضوع الذي أثر في نفسي
وجعلني أحاسب نفسي وأنا أقرأ هذا الموضوع بارك الله لك في جهودك ونفع بك المسلمين والمسلمات
جزاك الله خيرا أخيتي موضوع مفيد ورائع
بارك الله فيكي وجعله في ميزان حسناتكي
والله إنج خليتنا نسرح ونتأمل … سبحان الله وبحمده وأستغفر الله العظيم
عربيه موضوع جدا رائـع يستحق التميـز
وانتـي متميزه بمواضيعك
بارك الله فيك
سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده
جزاك الله كل خير
سبحانه وتعالى عما يصفون
والله أكبر
جزاك الله خيرا أخيتي