ابي مواقع تفيدني بالنسبة لتعريف الحزن
ابي تعاريف علميه
طالبتكم ساعدوني
الهم هو مشاعر مختلطة من الخوف و القلق و الضيق و الهواجس و الوساوس تصيب الإنسان عند توقع الأمر المكروه ، فإذا حدث الأمر المكروه فتلك المشاعر تسمى الغم ، فإن بقيت تلك المشاعر بعد انقضاء الأمر المكروه و شعر الانسان بالخسارة و الفقد فيسمى حزن .
فالهم من المستقبل ، و الغم من الحاضر و الحزن على الماضي ، و في الحديث الشريف (( اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن … )) البخاري و غيره ، أي من المكروه المستقبل و الماضي .
و لما بويع سيدنا عمر رضي الله عنه بالخلافة رجع من البيعة إلى بيته مغموما ، فلما سئل قال : و مالي لا أغتم و ليس أحد من المسلمين إلا و هو يطالبني بحقه أن أؤديه .
و قال صاحب مختار الصحاح : إذا اشتد الغم فهو الكرب ، و إذا تجمعت الهموم يقال حزبه كذا ، و كان عليه الصلاة و السلام إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة .
و الهموم تصيب كل البشر ، و لا تنتهي الهموم حتى يدخل الانسان الجنة ، فهناك لا خوف عليهم و لا هم يحزنون ، و أما قبل ذلك فكل يأتيه الهم على قدر إيمانه أو كفره ، و على قدر طاعته أو معصيته ، الهموم نوع من الابتلاء قد يرفع الله به درجة العبد الصالح ، و قد يكفر به من سيئات العاصي و قد يعاقب به الكفرة و الفجرة .
و في بعض كتب الأدب أن اشد جنود الله عشرة : الجبال الرواسي ، فالحديد يقطعها ، فالنار التي تذيب الحديد ، فالماء الذي يطفئها ، فالسحاب الذي يحمل الماء ، فالريح التي تسوق السحاب و تفرقه ، فابن آدم الذي يغلب الريح ، فالسكر الذي يغلب ابن آدم ، فالنوم الذي يغلب السكر ، ثم الهم الذي يغلب النوم و يطرده ، فالهم من أشد جند الله ، و كلما كان العدو دقيقا و خفيا كان أنكى و أشد .
و الهموم أنواع و درجات : فمنها هموم الصالحين في تبليغ الدعوة و الإصلاح ، و نشر الفضيلة و محاربة الرذيلة ، و هموم الحاكم العادل في إقامة العدل في رعيته .
و هناك هموم العصاة و الأشرار ، لأن المعاصي لها عقوبتان واحدة في الدنيا و عقوبة في الآخرة ما لم يتب العاصي (( و من أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى )) طه 122 . و من رحمة الله بعصاة المسلمين أن يصيبهم بالهموم لعلهم يتفكرون و يرجعون ، و إذا اشتد غضب الله على قوم أخذهم بغتة و هم لا يشعرون ،
و قد يعصي الإنسان ربه و لا يأتيه الهم ، فلا يفرح بذلك لقوله تعالى (( ذرهم يأكلوا و يتمتعوا و يلههم الأمل فسوف يعلمون )) الحجر 3 ، و في الحديث الشريف (( من ساءته سيئته و سرته حسنته فهو مؤمن )) أحمد و الترمذي و ابن حبان .
و من عجائب دنيانا أن كل شيء فيها قد يتحول إلى مصدر هم و غم و حزن و من ذلك هم الرزق ، و هم المرض ، هم عقوق الأبناء ، و هم تسلط الزوجة و نشوزها ، و الخوف على الذرية عند الكبر ، و هم البريء بتهمة باطلة ، و هم الجار السوء ، و هم الرؤى و الأحلام ، و هم الديون ، ……الخ ، و السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أصابها الهم و الغم و الكرب بسبب حديث الإفك لدرجة أن دموعها سالت لمدة يومين .
و خطورة الهم ليس في نزوله ، و لكن في قدرة الإنسان على استقباله و تحمله بصبر وشجاعة ، فإذا انهار الإنسان أمام الهم فإن تفكيره ينشل و موازينه تختل و معيشته تضطرب و أحواله في الجملة تسوء ، و أخطر ما يكون الهم إذا ابتعد المسلم عن طاعة ربه بسببه ، فيترك الصلاة و الدعاء و نحو ذلك ، و من هنا نفهم استعاذة النبي الكريم عليه الصلاة و التسليم من الهم أي الهم الذي يذهل الإنسان عن نفسه و طاعة ربه ، و لا يقصد ألا يصيبه الهم و الحزن أبدا ، لأن الهم لا بد أن يصيب الجميع . و قد حزن النبي على بعض أصحابه و على ولده إبراهيم عليه السلام .
و مما يساعد على إطالة الهم و اشتداده ، ضعف الإيمان و تزعزع الثقة في الله ، و كثرة المعاصي بلا توبة و لا عمل الحسنات المذهبة للسيئات ، و كذلك تضخيم الأمور و كأن ما نزل به هو نهاية العالم ، و كم رأينا من يتزلزل لأبسط المشاكل .
و من فوائد الهموم أنها ترفع الدرجات و تكفر السيئات إذا اجتازها المسلم بنجاح (( ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ و لا نصب و لا مخمصة في سبيل الله و لا يطؤون موطئا يغيظ الكفار و لا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين )) التوبة 121.
و من فوائدها الشعور بالراحة و السعادة عندما تجلي ، فقد قال أحد الحكماء : ليس في الدنيا متعة مثل انجلاء الهم .
و من فوائدها أن تتعرف على من يقف بجانبك وقت الشدة ، فما أكثر الأصحاب حين تعدهم :: و لكنهم في النائبات قليل .
و خوف الانسان من المستقبل المجهول لا يتوقف ، لدرجة أن هذا الخوف تم استثماره عن طريق شركات التأمين التجارية ، فهذا يخاف من الحرق و آخر من الغرق ، و غيره من الهدم ، و سواه من المرض ، و هلم جرا ، فيدفع المساهم ماله بسبب خوف غير مؤكد و إنما هي هواجس ، و اعلم أن هذا النوع من المخاوف لا يحدث منه في الواقع إلا نسبة ضئيلة تكاد لا تتجاوز 5% ، و لو كانت تلك المخاوف تتحقق بنسبة كبيرة لأفلست شركات التأمين ، فسبحان من جعل رزق تلك الشركات بسبب خوف الناس الوهمي غالبا .
و مما يجلي الهموم ، الرجوع إلى الله بالعمل الصالح من صلاة و استغفار و توبة و صدقة و تلاوة القرآن ، و الذكر المناسب لحالتك مثل ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ، كما أن مجالسة الصالحين فيها جلاء للهم و الغم و الحزن ، و كذلك التنزه في الطبيعة الخلابة من خضرة و ماء .
فإن كان همك لأمر دنيوي و أزعجك فعليك بزيارة المقابر لتتذكر الآخرة و تشعر بحقارة الدنيا و أنها لا تستحق كل هذا الهم و الغم .
نسأل الله اللطف فيما تنزل به المقادير ، و أن يجعلنا من الصابرين المحتسبين إذا حل بنا ما نكره ، و ألا ننسى قوله تعالى (( إن مع العسر يسرا ))