- فضل سالم
-
في كتاب نزل إلى الأسواق أخيراً بعنوان «كيف تتزوجين من دون أن تفقدي عقلك» تقول مؤلفته الأميركية الدكتورة لي روبنز إن الخطوبة نقطة رئيسية فاصلة في حياة المرأة بالذات، وكذلك الزواج.. فكلاهما يمثل بداية حياة جديدة تتغير معها وجوه وأشياء كثيرة. ومن الضروري أن نتكيف مع هذه التغيرات لكي نصل إلى بر الأمان والسعادة الزوجية التي يحلم بها الجميع.
فبعد الخطوبة، وربما قبلها أيضا، تتدفق النصائح من كل حدب وصوب.. بعضها يراد منه الخير، وبعضها يقطر سماً مغلفاً بالسكر، ومن المهم أن نعرف كيف نتصرف إزاء الناصحين.
ومن النوع الثاني هناك أمثلة كثيرة.. فالبعض يسارع لإلقاء محاضراته عن ارتفاع نسبة الطلاق، ويكرر الحكايات عن خيانة الأزواج.. وهناك من سيتبرع حتماً لتوزيع انتقاداته للخطيب، وقد ينبش في ماضيه لعله يجد قصة يحكيها.
ومع اقتراب موعد الزواج، قد تكون تلك الحكايات والنصائح المريضة قد تركت بصماتها على حياة البعض، فيروح يتساءل عما إذا كان قد اتخذ القرار الصحيح بالفعل، أم أنه يتعين عليه التراجع «قبل أن يقع الفأس في الرأس» كما يقال في الأمثال؟ وتخاطب المؤلفة المرأة في كتابها فتقول: «إياك من أن تتركي الخوف يسيطر على تفكيرك.. فدراما ما قبل الزواج مسألة طبيعية، بل هي ضرورية لمواجهة التغيير في حياتك المستقبلية.
ومن الضروري أيضاً أن تتحلي بكثير من الصبر، وتتصرفي بذكاء وترو.. فالبعض ممن حولك قد يسيطر عليهن الحسد أو الغيرة.
وتتقدم المؤلفة ببعض النصائح على شكل حقائق عن الخطوبة والزواج، وهي على النحو التالي:
الحقيقة الأولى: التفاصيل الصغيرة
أثناء فترة التعارف، قليلاً ما نهتم بملاحظة التفاصيل الصغيرة في شخصية الآخر.. وقد تكون بعض تصرفاته غريبة بعض الشيء، كأن يهوى ترديد القصة أو النكتة ذاتها أكثر من مرة.. أو قد يكون من أولئك الذين يصرون على ذكر كل التفاصيل حتى المملة منها أمامك أو أمام الأصدقاء والأقارب، وفي النهاية يقول: آسف.. لا أدري لماذا قلت كل هذه التفاصيل.
تقول إحداهن: خطيبي يتجشأ بصورة منفرة أثناء تناول الطعام. هل يعقل أن أقبل منه ذلك، إذا فعلها أمام الأصدقاء أو الأهل، أو أمام أطفالنا في المستقبل؟
مع الأيام تكبر مثل هذا الصفات في عقلك الباطن كأنها نهاية العالم اعتقاداً منك أن مثل هذه التصرفات الصغيرة ربما تدمر حياتك الزوجية. تقول المؤلفة وهي خبيرة في شؤون الزواج والأسرة: عندما نريد شراء سيارة جديدة أو منزل أو حتى غسالة كهربائية، نروح نتفحص كل سنتيمتر فيها، نسأل البائع عن كل التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة. والشيء ذاته حين نفكر في الزواج، لا بد أن نتفحص تصرفات الخطيب المحتمل، لكن من دون أن نتجاوز الحدود، ولا بد من إغماض العين عن بعض «العيوب» الصغيرة.
اسألي نفسك هل أنت كاملة الأوصاف كي تطلبي منه الكمال؟ لأن إمعانك في تفحص أو انتقاد تصرفاته سوف يدفعه حتماً لرد الصاع صاعين عاجلاً أو آجلاً.. وقد ينتظر إلى ما بعد الزواج. ثمة ملاحظة أخرى كما تقول مؤلفة الكتاب، وهي أن وجود بعض العيوب لا يعني أنه غير كفؤ، لأن يكون الزوج الذي تحلمين به وتحسدك عليه الصديقات.
ومن الضروري جداً ألا ننسى.. فالحب يفعل المعجزات، فإذا وجد الحب فهو كفيل بمسح كل العيوب، فلا تعودين ترين عيوبه، والشيء ذاته بالنسبة لعيوبك التي تختفي من ناظريه.. وعين الرضا عن كل عيب كليلة، كما قال الشاعر.
الحقيقة الثانية: الصديقات نوعان
بعد الخطوبة ستنقسم الصديقات إلى قسمين: الأول يضم الصديقات بالفعل، وبالطبع سيفرحن لفرحك ويشاركنك المشاعر ذاتها تقريباً.. أما القسم الثاني فيضم أشباه الصديقات، وهن الحسودات والغيورات وما أكثرهن. فالبعض منهن سيحسدنك على الخطيب «اللقطة»، والبعض ستسيطر عليهن الغيرة لأنهن ما زلن ينتظرن العريس.
من أجل ذلك عليك أن تتوقعي سماع العديد من المحاضرات عما يجب وما لا يجب.. وهناك من ستتبرع لإسداء النصائح بحجة أنها تريد فتح عينيك على حقيقة الخطيب أو ماضيه، لأنها كما تقول تريد مصلحتك.
شيء آخر عليك أن تتوقعيه بعد خطوبتك، فاتصالات بعض الصديقات ستختفي أو ربما ستقل، إما بسبب الغيرة أو الحسد كما قلنا، وإما اعتقاداً منهن أنك لم تعودي جزءاً من «الشلة». وهناك سبب آخر هو أنهن يشعرن بالغضب والضيق لفقدان صديقة كانت تقضي معهن أوقاتاً طيبة.
من المهم جداً أن تقومي في هذه الحالة بما هو مطلوب منك، فالحديث مع الصديقات يجب ألا يقتصر على الخطيب وكل صغيرة وكبيرة عن هداياه وعن خطط الزواج.. المطلوب أن تكوني الصديقة ذاتها التي كانت تهتم بالأشياء الصغيرة لصديقاتها. احرصي على سؤالهن عن العمل والحياة والأسرة، بل عن شؤونهن الخاصة. ليكن الحديث عادياً قدر الإمكان كما كان قبل الخطوبة، حتى لا يصبن بالملل من الاستماع لحديثك عن الخطيب، كأنه أصبح المركز الذي يدور حوله الكون.
والحديث عن الصديقات يوصلنا إلى حقيقة يدركها الجميع تقريباً هي أن الخطوبة والزواج يعنيان أن الحياة ستتغير جذرياً، وبالتالي فبعض الصديقات وجميع أنصاف الصديقات سيصبحن شيئاً من الماضي، وستتكون لدينا صداقات جديدة حتماً.
الحقيقة الثالثة: الشكوى والتذمر
تذكري جيداً كم كنت تنتقدين أولئك الذين يشكون ويتذمرون من كل شيء تقريباً.. فإياك من السير على الطريق نفسه مثلهم.
ويقول خبراء الزواج إن الكثيرات يصبحن بعد الخطوبة، وأحياناً ينتظرن إلى ما بعد الزواج، أكثر تذمراً بل يصبح النكد جزءاً من الحياة اليومية بالنسبة لهن.
فإذا نسي أو انشغل ولم يفعل أو ينفذ كل طلباتك.. فالدنيا لن تخرب، والعالم لن يتوقف عن الدوران.
قد ينشغل أو ينسى الاتصال مع المصور الذي سيصور حفل الزفاف لترتيب بعض التفاصيل، أو قد ينسى الذهاب إلى القاعة التي سيقام فيها حفل الزفاف للتأكد من أن الأمور تسير حسب الخطة المتفق عليها. عليك أن تدركي أن تصوراته عن الزواج وترتيباته تختلف جذرياً عن تصوراتك. هذا أمر طبيعي ولا يستحق الشكوى أو التذمر، أو ربما التهديد المبطن من جانبك بالقول: حسناً.. أنا سأقوم بالمهمة.قد يكون نسيانه بسبب أنه لا يريد ارتكاب أي غلط في وضع اللمسات الأخيرة. امنحيه الثقة وتأكدي من أنه سيقوم بالمهمة على أفضل ما يرام.. إياك والنق.
الحقيقة الرابعة: كرة الثلج
تذكري دائماً حقيقة كرة الثلج التي تكبر وتكبر وتتدحرج وتدمر كل شيء يعترض طريقها.. هكذا هي مشاكل الحياة. فالمشكلة الصغيرة بين الخطيبين أو الزوجين تتحول إلى ما يشبه كرة الثلج، إذا لم تحل بسرعة وبطريقة صحيحة أيضاً.
فالأشياء الصغيرة تأخذ معاني كبيرة بسبب اختلاف التوقعات، ولا بد لنا أن ندرك جيداً أن توقعاتنا للحياة بعد الخطوبة والزواج تختلف عما كانت عليه من قبل. فالخطوبة في حد ذاتها تؤشر لمرحلة جديدة.. بداية جديدة تملأها التصورات الوردية عن الحياة الزوجية، فلا تفسديها بالتدقيق في كل صغيرة وكبيرة.
فإذا أعرب عن الضيق من كثرة العمل، لا تأخذي الأمور على أنه يحب الشكوى، فقد يكون عمله مرهقاً أو مسبباً للتوتر. حاولي تهدئته وأكدي له أنك مستعدة لعمل أي شيء يمكن أن يساعده.. مثل هذه الكلمات تدخل الطمأنينة إلى قلبه وتريح أعصابه.. والمهم أنك لن تخسري شيئاً، بل سوف تكسبينه إلى جانبك وستجدينه ذخراً حين تحتاجين لمن يقف إلى جانبك.
الحقيقة الخامسة: المسائل المالية
غالبية الناس تتجنب مناقشة المسائل المالية في حالات الخطوبة والزواج، وهذا خطأ كبير جداً كما يقول الخبراء. لا بد من مناقشة كل التفاصيل المالية للتكاليف.. تكاليف حفل الخطوبة، وتكاليف حفل الزفاف وما بينهما.. وكل ما يتعلق بهما أيضاً.
مناقشة المسائل المالية بكل صراحة وشفافية توفر الفرصة لمعرفة كل منكما للآخر. فقد يكون أحدكما عاشقاً للتفاصيل الصغيرة، ويريد معرفة كل فلس من أين سيأتي وأين سيصرف. في حين يكون الآخر غير مبال وغير مستعد لمعرفة هذه التفاصيل. ويقول الخبراء أن من الضروري أن يضع الطرفان كل الأرقام على الورق حتى تكون الأمور واضحة، ولا تسبب في المستقبل أية خلافات.
ومن المهم أن ندرك أن مناقشة المسائل المالية في الوقت المناسب الذي يجب ألا يتأخر سوف تشكل فرصة لكل من الخطيبين كي يعرف طريقة تفكير الآخر.. يعرف نظرته للمستقبل.. أي نوع من الحياة يريد أو يقدر على تأمينه.. وهل هو مستقر مادياً أم لا.
الحقيقة السادسة: أنا ونحن
الخطوبة والزواج نقطة فاصلة، فالحياة والتفكير بعدهما غير الحياة والتفكير قبلهما، أي إننا نتغير حتماً. الاختلاف بين شخص وآخر، أو بين المرأة والرجل هو مقدار هذا التغيير الذي يجعلنا أكثر استقراراً واتزاناً في تصرفاتنا. فالعفوية التي كانت تميز تصرفاتنا قبل الخطوبة لا بد من وضع حدود جديدة لها.. لا بد من التزام الحذر في ما نقول وما نفعل لأن المسؤولية باتت أكبر.
الأنا التي كانت تسبق كلماتنا تحل محلها كلمة جديدة هي نحن.. والتفكير الفردي لا بد له من أن يصبح مشتركاً.. والقرارات التي كنا نأخذها في حياتنا اليومية صار لزاماً علينا أن نشرك الخطيب أو الزوج في اتخاذها.البعض يعرب عن الخوف مما يسمى ذوبان الشخصية بعد الخطوبة والزواج، وهذا خطأ كبير. قد يحدث هذا بالفعل في الزيجات غير المتكافئة أو حين يكون أحد طرفي الزواج مصاباً بمرض التسلط والرغبة في السيطرة على شريك العمر.. أما في الزيجات الصحية والصحيحة، فشخصية كل من الزوجين تكمل شخصية الآخر.
-
F:
اقتباس |
الأنا التي كانت تسبق كلماتنا تحل محلها كلمة جديدة هي نحن.. والتفكير الفردي لا بد له من أن يصبح مشتركاً.. والقرارات التي كنا نأخذها في حياتنا اليومية صار لزاماً علينا أن نشرك الخطيب أو الزوج في اتخاذها. |
||
:thumbs_up:
شكرا لك على النصائح …فهي حقا مفيده
تحياتي لك
موضوع حلو ومفيد
يعطيك العافية يا عسل