سلسلة
(المقال الأخير)
–
وعاد المصحف وحيدا
المصحف السابق هو مصحف لرجل نحسبه من أهل الصلاح ولا نزكيه
توفي في تاريخ 15/2/1431 – أي عام 2024
قبل أن أبدأ الحكاية
نريد أن نتأمل حال مصحف هذا الرجل مع هذه الصور
هل ترون كيف أصبحت أوراق المصحف مهترئة من كثرة الاستعمال
حسنا
دعوني أروي حكاية هذا المصحف :
كان هناك رحلة للملتحقات بالمركز الذي أعمل فيه آنذاك في شهر شعبان من عام 1431 هـ
و ألقت الزميلة المباركة د.ريم الباني .. كلمة عن استقبال رمضان لذلك العام
ثم كانت هناك مداخلة من أ. هدى الأحديب – رئيسة لجنة المتطوعات في المركز –
و قد عرفت كمنسقة للمحاضرات الدينية
تحدثت في سكينة ووقار عن وفاة والدها قبل عدة أشهر
مات و مصحفه في حجره
كان قد حج عام 1445 هـ رغم أنه انقطع عدة سنوات لكبر سنه حيث بلغ من العمر حينها 83عام
وفي صفر من عام 1445هـ ذهب مع زملائه للعمرة
وبعد عدة أيام من المكوث في مكة خرجوا قاصدين المدينة المنورة
حيث كان ملك الموت ينتظره قبل دخول المدينة بـ 50 كيلو تقريبا
تعرضوا لحادث فانقلبت السيارة ونجى الجميع .. إلا الشيخ (محمد بن سعد الأحيدب)
مات الشيخ محمد وهذا المصحف في حجره
مات بعد أن حج..
مات بعد أن أعتمر ..
مات وهو متجه لزيارة حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم
مات بعد قضى عمره في إلقاء الكلمات والمحاضرات في المساجد
مات بعد بذل وسعه في إصلاح ذات البين .. و الشفاعة وقضاء الحوائج
مات بعد أن كان حريصا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
مات وهو الصوام القوام
مات وقد لقبه أحد من كتب عنه ناعيا بـ (الشيخ الذي ابكى القلوب)
مات هو .. لكن مصحفه بقي
ثم رفعت الأستاذة هدى المصحف بهدوء
قالت: هذا هو المصحف الذي مات والدي وهو في حجره
تعلقت عيناي بذلك المصحف
الذي بقي ليشهد لنا على صدق ذلك الرجل
بدأت أتخيل المشهد
شخص يحتضن مصحفه, وفجأة تنقلب السيارة
يذهب الرجل بمصحفه .. ويعود المصحف وحيدا لحكي لنا عن موت صاحبه
كنا متعجبين من تلك المرأة التي ماتت على سجادتها
فأتى هذا الرجل المبارك, بما هو أعجب
لم ينته الأمر .. لقد أخرجت د.ريم
ورقة تقويم كان يضعها والد أ.هدى في مصحفه
هل تعلمون ماهي الآية التي كانت موجودة على ورقة التقويم
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)
وهذه صورة لتلك الورقة
انظروا للوجه الآخر من الورقة
إنها من شهر محرم من نفس العام
هل كان استشعر الشيخ محمد قرب وفاته فأستعجل العمرة!!
يا أحباب الفارق بين التاريخ في ورقة التقويم وتاريخ وفاة الرجل شهر واحد فقط !!
–
أم أراد الشيخ محمد أن تكون هذه الحقيقة
حاضرة أمام عينيه
ولم يكن يعلم أن أحدهم سيرفعها أمام الملأ يوما
لتكون تلك الورقة شاهدة على صدقه مع ربه
– ولا نزكيه –
كانت تلك الحكاية أما الآية:
(يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ)
(إبراهيم : 27 )
هي رسالة واضحة
أن كل من صدق مع الله في حياته ..سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته
كل من صدق مع الله في حياته.. سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته
كل من صدق مع الله في حياته.. سيصدق الله معه في حياته وبعد مماته
……………………………………………
ما وافق الحق من قولي خذوه .. وما جانبه بلا تردد اجتنبوه
كتبته هند عامر