المقصود بالواقعيه مراعاه واقع الكون من حيث هو حقيقه واقعه ووجود
مشاهد وانه يدل على حقيقه واعظم منه وهو خالقه ومدبر امره الذي
خلق كل شيء فقدره تقديرا. ومراعاه واقع الحياه من حيث هي مرحله
حافله بالخير والشر والابتلاء بالنعم والشدائد وانها تنتهي بالموت وتمهد
لحياه اخرى بعد الموت . ومراعاه واقع الانسان من حيث انه مخلوق متعدد
الخصائص فهو نفخه من روح الله في غلاف من الطين ومن حيث هو ذكر او
انثى لكل منهما تكوينه ونزعاته ووظيفته ومن حيث هو عضو في مجتمع لا
يستطيع ان يعيش وحده ولا ان يفنى تماما في المجتمع . وقد نظر
الاسلام الى طبيعه الانسان نظره واقعيه فقرر ان الناس يتفاوتون في
مدى استعدادهم لبلوغ المستوى الرفيع من المثاليه الذي رسمه لهم .
وفي ضوء هذه النظره الواقعيه جعل الاسلام حدا ادنى من الكمال لا يجوز
الهبوط عنه لانه ضروري لتكوين شخصيه المسلم وهو ما يسمى الفرائض
وترك المجال واسعا لمن احب ان يستزيد في مجال الطاعات بالنوافل دون
ان يطغى جانب عل جانب فمن الصلاه مثلا ما هو فرض يدخل في
المستوى الادنى ومنها ما هو مندوب يدخل في معاني المستوى الاعلى .
ان السمه العامه للعقيده الاسلاميه انها دعت الى حقائق يقبلها العقل
وتستريح اليها النفس وتستجيب لها الفطره السليمه وهذا ما يتضح فيما
يلي :
أ- في الدعوه الى الايمان بإله واحد : دل على نفسه باياته الكونيه في
الانفس والافاق واياته التنزيليه مما اوحى به الى رسله فهو ليس كإله
الاساطير الذي تتحدث عنه اقاصيص اليونان وحكايات الفرس والرومان .
وقد وصف القران هذا الاله الواحد باوصاف ونعته باسماء تليق بالذات
الالهيه فتقنع عقول الفلاسفه وترضي عواطف العامه.
ب- في الدعوه الى الايمان برسول بعثه الله : ليختم به النبوات ويتمم به
مكارم الاخلاق رسول بشر معجزاته ظاهره ودلائل نبوته صادقه واضحه
يسلم بها كل من حكم عقله دون عناد او مكابره. فهو ليس إلها ولا ابن إله
ولا ملكا انما هو انسان يعيش في واقع الناس والامهم وحاجاتهم وامالهم .
ج- في الدعوه الى الايمان بالقران الكريم: معجزه خاتم النبيين الذي يخاطب
عقولهم بالحجه الدامغه ويحرك عواطفهم باياته ومواعظه.