• منك العيال ومنها العيال
عبارة رددها الأولون في الأعراس للزوجين،
وهي نابعة من طبيعة الثقافة السائدة في المجتمع حول مواصفات الجنسين وقدراتهم البيولوجية المختلفة، لترسم صورة عن أدوار كل منهما في الحياة الزوجية، فأصبح الرجل ( الزوج ) له أدواره الخاصة بما يتناسب مع القوة الجسمانية والصلابة، مثل الإعالة والحماية، بينما المرأة لها ما يناسبها وبما يتفق مع خصائصها كالإنجاب والرضاعة وتربية الأطفال والاهتمام بالمنزل، وهذا ما ناسبى العيال زمن آبائنا وأمهاتنا من ضرورة وجود تقسيم واضح لدور كل واحد منهما في الأسرة، وما زالت العبارة تتردد على أفواه الناس للزوجين، دون اعتبار للتغيرات التي صاحبت هذه الفترة سواء منها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية أو حتى التكنولوجية ، حيث أصبحت المرأة ( الزوجة ) تشارك في أعباء الحياة الزوجية الخاصة بالزوج، عن طريق الوظيفة لكسب المال لمواجهة متطلبات الحياة الصعبة، أو في ممارسة العمل لإشباع حاجات ذاتية خاصة وبذلك بدأت تتحمل أعباء جديدة عليها، ربما كان على حساب حياتها الأسرية فأنقصت من بقائها في المنزل وضعفت رعايتها لأبنائها، وأدخلت عناصر جديدة في إدارة عائلتها ، ورغم كل ذلك لم تتغير نظرة المجتمع وتنشئته للجنسين في إدارة أدوارهم في الحياة الجديدة الزوجية.
• المكاشفة
يعود العروسان من رحلة شهر العسل ويبدأ حياتهما اليومية العادية بعد أن عاشا فترة من العمر الزوجي في علاقة مثالية إلى حد ما وهنا تبدأ مواجهة الزوجين الحديثين لمتطلبات أدوار أخرى تشكل محاور الزواج الجديد.
يبدأ كل منهما بمكاشفة الآخر ويطلب منه أن يحقق له ما يتوقع منه وبالكيفية التي رسمها هو نفسه لذلك.
ومعظم الأزواج يكون جديداً على هذه الأدوار ولا يملك ذخيرة من خبرة في تكييف نفسه لمتطلبات التفاعل مع الشخصية الجديدة.
وهذا ما حدث عندما جاءت إلى إحدى الزوجات باكية شاكية لأن زوجها لا يحقق لها ما تحتاج إليه من رعاية لطفلها وتلبية الحاجات المنزلية، وعندما سألتها كيف حكمت ذلك؟ قالت: إنه لا يتحمل طفله في الليل، ولا يلبي حاجات المنزل إلا إذا طلبت منه، فعرفت أنها تدور في فلك دائرة الواقع والمتوقع حول دور زوجها، وقلت لها ليس من السهل أن تتصوري دور زوجك بالشكل الذي ترسمينه أنت له، وأن قدرة زوجك على التفاعل مع متطلبات حياته الجديدة قد تأخذ وقتاً وجهداً طويلين، فعليك أن تتعاملي معه على أساس من الواقع لا المتوقع، بمعنى أن تضعين في اعتبارك حياته السابقة، وهذا الاختلاف بين الواقع والمتوقع في دور زوجك في حياتكما الزوجية أحدث الصراع بينكما.
• التوافق
إن الاختلاف في التوقعات المنتظرة بين الأزواج لابد أن تقابله خطوة إيجابية وهي التعرف على المفضلات الشخصية وتفسيرها والتفاهم حولها والتوفيق بين أداء الأدوار وهذه التوقعات، وهذا بدوره يحتاج إلي تغيير في السلوك أو التوقعات.
فيمكن للزوج أن يغير من سلوكه ليوافق التوقع من زوجته، ويمكن للزوجة أن تغير توقعاتها لتوافق سلوك زوجها، وهذا بدوره يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً بالغاً، لأنه خاضع لطبيعة الشخص والتنشئة والضغوط الاجتماعية التي يمليها المجتمع، ولكن يمكن أن يكون ذلك سهلاً إذا تم تبني هذا التغير وفقاً لتوافق الأذواق والاتجاهات والأماني وميل كل منهما نحو الآخر، ونظرة كل منهما لهدف حياتهما الزوجية.
• مستعدون ولكن
المكافأة والعقاب يشكلان الخط الأول لتعزيز السلوك لدى الإنسان ولا سيما الأزواج في علاقتهما أحدهما بالآخر.
فكل واحد منهما مستعد لأن يقوم بالدور الذي يطلبه منه الآخر، إذا قوبل هذا الدور بالاستحسان والثناء والمدح وإظهار العواطف والشعور الودي ليعبر عن درجة النجاح ، والعكس إذا قوبل السلوك بالعقاب فإنه يعبر عن درجة الفشل في تحقيق التوقعات المأمولة منه، ومن ثم ذرف الدموع أو الشجار أو النكد، مما يؤدي بالنهاية إلي الإحباط.
تقول إحدى الزوجات: زوجي دائماً يعترض على طبخي ويتهمني بأنني غير قادرة على الإبداع والإجادة فيه، لذلك أرفض نفسياً أن أضع يدي في المطبخ وجعلت الخادمة هي المسؤولة المباشرة عن هذا الدور، ولماذا أوجع رأسي وأتعب نفسي معه، ليس عندي استعداد، يريد مني أن أطبخ له مثل طبخ والدته ، لأنه تعود عليه وبالكيفية نفسها.
فشعرت من كلامها أن زوجها يقارن طبخها بطبخ والدته الذي تعود عليه سنوات طويلة، وكيف ذوقه واتجاهاته الغذائية عليه، فكان أداء الدور بالنسبة للزوجة غير متفق مع توقعات الزوج، فكيف السبيل ليظهر لها ذلك ؟ هنا استخدم وسيلة الإحباط والتوبيخ ممّا ولدّ شعوراً لديها بعدم الاستعداد والرغبة بالقيام بهذا الدور والتخلي عنه للآخرين، لكن كيف يكون الوضع لو أن الزوج أظهر لها رغبته في بعض الأكلات الغذائية التي تعودّ عليها في بيت أهله، وعرض عليها أن تستفيد من والدته في تعليمها إياها.
• مرور الزمن
مع مرور الوقت بين الأزواج تتغير مراحل حياتهما المشتركة فتتعرض الأسرة تبعاً لذلك لتغيرات عديدة ومن بين ذلك ازدياد معرفتهما أحدهما للآخر، الأمر الذي يجعل التوقعات المتبادلة شيئاً غير جديد، فيتولد لديهما قوة جاذبة مصدرها قوة الانتباه والحرص واليقظة في إنجاز متطلبات بعضهما البعض وتحقيق رغباتهما، وبذلك تكون العلاقة الزوجية قوية ومتماسكة.
ليعلم كلا الزوجين أن أدوارهما نابعة من التنشئة الاجتماعية طيلة الفترة السابقة من الزواج فالأمر يحتاج إلي صبر يتخلله شيء من التفاهم والتضحية والإيثار لتسير حياتكما في أمان وسلام.
• الأدوار المشتركة
هناك أدوار لا ترتبط بالقدرات البيولوجية المختلفة بين ( الجنسين ) الزوجين، وبالتالي يشترك الأزواج في تلبيتها بعضهم لبعض، هل يمكن أن تقول إن انتعاش الحب بين الأزواج هو من دور الزوجة أم الزوج؟ الأمان النفسي دور من ؟ والدفء الزوجي والاستقرار العائلي دور من؟ .. الخ.
أدوار من الصعب التقسيم فيها بينكما، هذا ما يخص الزوج وهذا ما يخص الزوجة بل إنها أدوار مشتركة ناتجة عن أهدافهما من الزواج وكيفية تأمينه.
لك من القلب جزيل الشكر والإمتنان على ما خطته أناملك