إن أهم قضية نحتاجها بعد رمضان هي أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً.
وإن من أراد أن يداوم على أعماله الصالحة بعد رمضان، ويسابق إلى الخيرات، فإن من المفيد له أن يعرف أهمية المداومة عليها، وفضل المداومة، وفوائدها، وآثارها، والأسباب المعينة عليها.
أهمية المداومة على الأعمال الصالحة وفضلها:
المداومة على الأعمال الصالحة من الأهمية في الشريعة الإسلامية بمكان، وتظهر أوجه أهميتها بما يلي:
1 . أن فرائض الله "عز وجل" إنما فرضت على الدوام، وهي أحب الأعمال إلى الله تعالى.
2 . أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة "رضي الله عنها" قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته) رواه مسلم.
3 . أن الأعمال المداوم عليها أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). متفق عليه.
4 . أن من فاته شيء من الأعمال التي يداوم عليها من صلاة ليل، أو قراءة قرآن، ونحوها.. استحب له قضاؤه، ولولا ما للمداومة من أهمية ما شرع له ذلك.
آثار وفوائد المداومة على الأعمال الصالحة:
يكرم الله عباده المحافظين على الطاعات بأمور كثيرة، ومن تلك الفوائد:
1 . دوام اتصال القلب بخالقه؛ وهو ما يعطيه قوة وثباتاً وتعلقاً بالله "عز وجل" وتوكلاً عليه، ومن ثم يكفيه الله همه، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه).
2 . تعهد النفس عن الغفلة، وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها، وتألفها، وكما قيل: (نفسك إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية).
3 . أنها سبب لمحبة الله تعالى للعبد وولاية العبد لله، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}. والمراد: المداومين على التوبة والطهارة، المكثرين منها. وجاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: {وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
4 . أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للنجاة من الشدائد، كما نصح النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنه بقوله: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة) أخرجه الإمام أحمد.
5 . أن المداومة على صالح الأعمال تنهى صاحبها عن الفواحش، قال تعالى: (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر). وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، فقال: إنه سينهاه ما تقول) أخرجه الإمام أحمد.
6 . أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لمحو الخطايا والذنوب، والأدلة على هذا كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا) أخرجه الشيخان.
7 . أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لحسن الختام، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)، وقال: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
8 . أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب للتيسير في الحساب وتجاوز الله تعالى عن العبد، وقد جاء في الأثر: إن الله تجاوز عن رجل كان في حياته يعامل الناس ويتجاوز عن المعسرين، فقال الله تعالى: (تجاوزوا عن عبدي). رواه مسلم.
9 . أن المداومة على العمل الصالح سبب في أن يستظل الإنسان في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) متفق عليه. وكل هذه الأعمال لا بد فيها من الاستمرار.
10 . أن المداومة على العمل الصالح سبب لطهارة القلب من النفاق، ونجاة صاحبه من النار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق). أخرجه الترمذي.
11 . أن المداومة على الأعمال الصالحة سبب لدخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان). فقال أبو بكر: ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة؟ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال: (نعم، وأرجو أن تكون منهم). متفق عليه.
12 . أن من داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري، وهذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.
أسباب معينة على العملالصالح
أولاً: الاستعانة بالله عزوجل
أن من أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول، فلنطلبالعون من الله أن يسدِّدَنا ويوفقَنا ويعيننا على العمل الصالح الذي يُرضيه؛ عنمعاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذه بيده وقال"يا معاذ، إني والله لأٌحبك؛ فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهمأعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (صحيح)، فاطلبوا العون من الله أن يعينكمعلى العمل الصالح الذي يُرضيه.
ثانيًا: القصدوالاعتدال
من الأسباب المعينة على المداومة على العمل الصالح القصدوالاعتدال في الطاعات، بلا إفراط أو تفريط؛ فخير الأُمور الوسط، وقد حذَّر النبي– صلى الله عليه وسلم من الغلوِّ والتشدُّد؛ لأن الإنسان لا يظهر عليه؛ فقد جاء عنالنبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيما رواه أبو هريرة"إنالدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوابالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"(صحيح).
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد مرةً فرأىحبلاً ممدودًا بين ساريتين، فقال: "ما هذا الحبل؟قالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلَّقت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم-: "لا.. حلُّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد"(صحيح).
ثالثًا: صحبة الأخيار
ومن الأسباب العظيمة أيضًا صحبة الأخيار، الذين يعينونك علىالطاعة لله عز وجل؛ لأن الإنسان قد ينشط إذا رأى إخوانه من حوله على طاعة الله، فقديشعر بالخجل من نفسه إذا رآهم في طاعة وهو مقصر، فاصطحِبوا الأخيار والأطهار وأهلالفضل والصلاح، الذين إذا رأيتموهم ذكَّرتكم رؤيتهم بالله عز وجل وبطاعته؛ فقد قالصلى الله عليه وسلم: "إن من الناس مفاتيح للخير مغاليقللشر"(حسن).
فصاحِبوا مفاتيح الخير؛ ليفتح الله قلوبَكم لحبِّه وذكرِه،وانصرفوا عن مفاتيح الشر، الذين يغلقون قلوبكم عن طاعة الله وعن حبهوذكره.
وارجو ان تعم الفائدة
ونفعنا الله وإياكِ بما نقرأ ونتعلم
وجعلنا من المداومين على العمل الصالح والطاعات
ونفع بك وبذريتك هذا الدين
جزاك الله جنة الفردوس على هذا الموضوع
باغية الجنان و أم حفصة ووصال الطائف
على مرووووركن
تسلمي اختي مس عنود على المروووور
جــزاااااااااك الله أعـالــي الجنــــان …..