حوار بين عبدالله و أخيه خالد
عبدالله : أما آن لك ياخالد أن تريح هذه النفس من العناء والعبث إلى متى هذا السهر على ما أنت عليه ، حياتك تقضيها في الحرام .. ألا تخشى الله وتستحي منه ؟
خالد : رجاءً دع عنك النصائح ولا تطرق علي الباب مرة أخرى ، ألا ترى أني مشغول عبدالله : كل شيء له وقت عندك إلا طاعة الله .لم لا تسمع كلامي ، الآن وقت الثلث الأخير من الليل . الدعاء فيه مستجاب . قم توضأ واستمتع بمناجاة ربك واطلبه المغفرة والرحمة عسى الله أن يشرح صدرك ويهديك .
خالد : أوه …. هكذا أنت تحب أن تنغص علي . إذا كنت حقاً تريد لي الراحة دعني وشأني فأنا مرتاح هكذا .
عبدالله : خالد … أريت لو كنت مريضاً فهل تقدم لي المساعدة أم تتخلى عني .
خالد : ما حاجتك لهذا السؤال . يا أخي دعني فيما أنا فيه .
عبدالله : أدعك إذا جاوبتني . لو كنت مريضاً ، هل سوف تتركني أموت في مرضي ؟
خالد : سلامتك من الشر . طبعاً سأقف معك ولن أتركك … ولكن الآن لو سمحت ….
عبدالله : فأنت مريض ، بل أن المريض أحسن منك حالاً فإنه قد يرجع إلى الله بسبب ما يراه من ضيق الحال ، ثم أن المرض يكفر الذنوب وأنت مريض أقعدتك المعاصي عن طاعة الله وزاد الأمر سوء أنك لا تشعر بهذا المرض فزدت في غيك .
خالد : لماذا تقول هذا … أنا أعرف الله وأحب الخير ، أنا مسلم وأحب الله ورسوله .
عبدالله : تحب الله وتعصيه ؟! ما هذا الحب .. ألم تسمع قول الله تعالى (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ))
مسلم ولا تصلي أي إسلام تدعي .. ما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم (( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) و (( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة )) .
خالد : لا تنس أن الله غفور رحيم .
عبد الله : غفور رحيم لكي تقدم على التوبة لا أن تتخذ ذلك مبرراً للتمادي في الذنوب ، ثم أن الله كما أنه غفور رحيم هو نفسه سبحانه شديد العقاب ولا تنس (( إن بطش ربك لشديد )) .
خالد : أنا لست مثلك ياعبد الله ، طباعي تختلف ، تعودت في حياتي على الانبساط والمرح ، ومن الصعب أن أحرم نفسي ما تريد .
عبدالله : صدقني ما عرفت الله بعد ، أي فرح في بعدك عن الله ، بئس فرح مهره معصية الله ، كم سيدوم هذا الفرح المزعوم عشرون سنة … أربعون سنة … ستون سنة .. ثم ماذا يعقب هذا الفرح المزيف ؟ أنه الحزن الأبدي . أين عقلك يا أخي . ثم أن ذلك الفرح لحظي سرعان ما يعقبه هم وكدر ينسيانك لذته و يذهب الفرح ويبقى الإثم مرصوداً في صحائف أعمالك .
خالد : أيعني ذلك أني أعيش في وهم ؟ أ معقول ما تقول ؟! … لا لا .
عبدالله : هذه الحقيقة يا خالد ، هذا قول الله تعالى (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى )) وأما السعادة ففي طاعة الله فهي الحياة الطيبة فقد قال الله تعال ى (( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة )).
خالد : حيرتني معك ، هل علينا أن لا نلتفت للدنيا و نهجرها و نحن نعيش فيها ؟
عبدالله : لا.. أنا لم أقل لك اهجر الدنيا ، أنا أريدك أن تهجر المعاصي وتتوب إلى الله ، اعمل ما يسرك رؤيته يوم القيامة ولا تقبح صحيفة أعمالك ، وأحذر بهرجة الدنيا وزينتها أن تخدعك فهي دار ممر و ليست دار مقر . قال الله تعالى (( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً )) فحقيقتها أنها ابتلاء وفتنة وامتحان وهي ميدان عمل ثم يحصد كل ما زرعه ، فمن زرع الخير وجده خيراً ولا يلومن نفسه من فرط في زمن البذر .
خالد : كيف امتنع عن الذنوب يا أخي وأنا أجد في نفسي صعوبة في الخلاص منها ؟
عبدالله : غطى على قلبك ظلام الذنوب وأثقلت خطاك المعاصي وطوقت عنقك وأسرتك . اصرف النظر عن مشاهد الرذيلة والصور المحرمة والاستماع إلى الأغاني والأصوات المحرمة ..وحطم أجهزة الحرام وكل عوالق المعصية . واهجر أصحاب السوء وخالف النفس والشيطان بامتثال أوامر الله وتجنب نواهيه ، وادع الله بقلب خاشع منكسر أن يتوب عليك فيما أسرفت فيه على نفسك .
الله أكـــبر …… الله أكـــبر
خالد : هذا آذان الفجر يا عبدالله ، ما أجمل هذا النداء ، أشعر كأنه يخاطبني أسمعه بقلبي ، أين كنت أنا عن هذا النداء طوال تلك السنين ….. أنا ظالم … نعم ظالم .. كم ظلمت نفسي .. أشعر بحرقة وحرارة ندم في جوفي على سنين الضياع يا عبدالله .
عبد الله : أبشر يا خالد أني لأرجو أن تكون هذه دموع الندم والتوبة …. لا تخاف وأبشر بخير إن الله واسع المغفرة ، لا تحزن على ما فات فإن الله تعالى وعد التائب أن يبدل سيئاته حسنات. قم لترى لذة الطاعة التي أخبرتك ……هيا قم ياأخي فلنبدأ مع الله صفحة بيضاء.
نقلتها للفائده والله من وراء القصد========asa