تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » شروط الانتفاع بالقرآن

شروط الانتفاع بالقرآن 2024.

بســم الله الـرحمـن الـرحيــم
السـلام عليكـم ورحمــة الله وبـركـاتـه
شــــــروط الانتفــــــاع بــــالقـــــرآن

للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله
من كتاب الفوائد
إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآنِ فاجمعْ قلبكَ عند تلاوتهِ وسماعهِ، وألقِ سمعَكَ،
واحضُر حضورَ من يخاطِبُه به من تكلَّمَ به سبحانه منه إليه؛
فإنه خطابٌ منه لك على لسانِ رسولِهِ، قال الله تعالى:
{
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:37]

وذلك؛ أنَّ تمامَ التأثيرِ لمّا كان موقوفاً على مُؤثِّرٍ مُقتضٍ، ومَحَلٍّ قابلٍ،
وشرطٍ لحصولِ الأثرِ، وانتفاء المانعِ الذي يمنعُ منه،
تضمَّنتِ الآيةُ بيان ذلك كلِّهِ بأوجزِ لفظٍ وأبينهِ وأدلِّهِ على المرادِ:

فقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى} إشارةٌ إلى ما تقدّمَ من أولِ السورةِ إلى ههنا، وهذا هو المؤثر.
وقوله: {لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فهذا هو المحلُّ القابلُ،
والمرادُ به: القلب الحي الذي يعقلُ عن الله؛ كما قال تعالى:
{
إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ . لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} أي: حيُّ القلب.

وقوله: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } أي: وجَّه سمعَه، وأصغى حاسةَ سمعِهِ إلى ما يقالُ له،
وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام.

وقوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائب.
قال ابن قتيبة: استمَعَ كتابَ اللهِ وهو شاهدُ القلبِ والفهم، ليسَ بغافلٍ ولا ساهٍ.
وهو إشارةٌ إلى المانعِ من حصولِ التأثيرِ، وهو سهو القلبِ وغيبتُه عن تعقُّلِ ما يُقالُ له،

والنظرِ فيه وتأمُّلِه.
فإذا حصلَ المؤثِّرُ وهو: القرآن،
والمحل القابل وهو: القلب الحي،
ووجِدَ الشرطُ وهو: الإصغاء.
وانتفى المانع وهو: اشتغال القلب، وذهوله عن معنى الخطاب،
وانصرافه عنه إلي شيء آخر: حصل الأثر؛ وهو الانتفاع والتذكُّر.
***********

جزاك الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.