تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عادات المعاوضة عند الأطفال

عادات المعاوضة عند الأطفال 2024.

عادات المعاوضة عند الأطفال
قد لا تخلو أسرة من إحدى ظواهر هذه العادات ، ولكن بطبيعة الحال يختلف ذلك نوعاً وشدة من أسرة إلى أخرى ، فعادات المعاوضة واضطراباتها ماهي إلا ظواهر لتفريغ التوتر و الإنفعال و القلق مثل ضرب الرأس ومص الأصابع وخصوصاً الإبهام ، وعض الأظافر وقضمها ، وسحب الشعر ونتفه ، ونتف الحواجب ، ونكش الأنف والأذن ، وإيذاء الجسد ، والتمتمة ، والعرات وحتى أحلام اليقظة .
إن كل الأطفال يظهرون بفترة ما من حياتهم نماذج متكررة لحركة ما يمكن وضعها على أنها عادة ، وعندما نريد اعتبارها اضطراباً ، فإننا نعتمد بالواقع على درجة تدخلها بوظائف الطفل الفيزيائية الجسدية أو العاطفية والنفسية أو الإجتماعية والبيئية ، ومن جهة أخرى فإن بعض العادات إنما تكتسب من تقليد الكبار ، وبعض العادات تبدأ كحركة ذات قصد وغرض ، مثلاً طفل لديه تهيج في عينيه فهو يحاول إغلاق عينيه بسرعة بضعة مرات لئلا يذرف الدموع وتزعجه عينه ، وهذه الفعالية يمكن أن تصبح متكررة ، وتندمج مع سلوك الطفل بشكل لاشعوري وتأخذ دورها كمتنفس لحالات التوتر التي يمر بها ، أيضاً الطفل الذي تتكون لديه قشور كثيرة داخل أنفه فإنه يحاول استخراجها ، ومع الزمن تصبح هذه عادة لديه ، وتتعزز لتأخذ دورها كنافذة للترويح عن الذات ، إن كل هذه الأمور تترسخ عند الطفل أكثر بانتباه الوالدين أو الآخرين لها وبلفت نظر الطفل لها سواء بالإشارة أو المنع أو التوبيخ ، وما هو مؤقت عادة يصبح مستمراً مزمناً ، وما هو نموذج سلوكي مألوف جداً في الطفولة الأولى يصبح عرضاً عصابياً في مراحل الطفولة الأخرى ، وفي هذه العادات يمثل العقاب الوالدي نموذجاً صارخاً للمفعول العكسي الذي يضر ولا ينفع .
إن ضرب الرأس وإيذائه بمحركات نظمية متكررة في الطفولة المبكرة يحدث عند وضع الطفل بسريره للنوم مثلاً ، أو عندما يكون الطفل وحيداً ، حيث أن هذه الأفعال تقدم للطفل عزاء حسياً ، إذ أنه يشعر أنه مهمل وبعيد عن اللمسات الإنسانية الحنونة والتفاعل مع البشر ، وقد نرى حركات مماثلة لذلك عند المتأخرين عقلياً أو الذين يعانون من الحرمان العاطفي أو الحرمان من الأم جسدياً أو سلوكياً .
هناك أطفال يفتلون شعرهم ويلولبونه ، أو يلمسون أجزاء من أجسادهم يلعبون بها بشكل متكرر ، وهذه الحركات النظمية تصبح جلية قبل النوم ، ويبدو أنها تساعد الطفل لأن يكون على مستوى قلقه ، حيث أن القلق هو السبب الغالب الكامن من وراء ذلك ، وعندما يكبر الطفل يحاول كبت هذه العادات النظمية سيما في الأماكن الإجتماعية وأمام الناس ، ولكن المضطربين بشكل خطير قد تستمر لديهـم هذه العادات مع تقدم العمر وتسبب إزعاجاً وإحراجاً .
أما سحن الأسنان أو صريفها أو صريرها فيبدو أنه ينجم عن توتر عند شخص غاضب يكتم غيظه ، ويمكن أن تسبب هذه العادة مشاكل في إطباق الأسنان ، وإن مساعدة الطفل على التعبير عن غيظه بطرق أخرى يمكن أن يخفف السحن أو الصريف بشكل أكبر بكثير من محاولة منع ذلك ، إن من الواجب جعل وقت النوم ممتعاً ومريحاً بالقراءة مثلاً ، أو تقديم الحكايات الحلوة ، والقصص المسلية ، أو التحدث مع الطفل عما يصادفه من إزعاجات خلال يومه ، كما أن الجائزة والدعم العاطفي في هذه الأوقات نافع للغاية .
ومن العادات أيضاً مص الأصابع وخصوصاً الإبهام ، وهي شائعة عموماً ، إن مص الإبهام أمر طبيعي فيزيولوجي عند الرضيع ، ولا يجوز التدخل لمنعها بأي شكل ، لأن منعها سواء من أجل المظهر الإجتماعي أو التصورات الخاطئة حولها إنما يزيدها ويعززها ويؤخر ترك الطفل لها ، أما عملية المص التي تستمر طويلاً مع الطفل فإن لها تأثير سيء حيث يظهر الطفل وكأنه غير ناضج ، وقد تتداخل مع عملية الترصيف الطبيعي للأسنان ، وكغيرها من عادات المعاوضة فإنها إنما تعبر عن التربية الذاتية المفرطة ، وكمحاولة للتعويض عن الحنان والعطف المفقودين ، والإستراتيجية الأفضل للتعامل مع ذلك هي الإهتمام والعناية بالطفل نفسه وليس بالعرض ذاته ، وتجاهل هذه العادة كلية ما أمكن ، وإعادة الإنتباه لإيجابيات سلوك الطفل ، ودعمه في ذلك ، ومنحه الجوائز إذا حاول التخلص من عادته ، وتشجيعه بشكل لامباشر .

أما العرات وتسمى باللغة الإنكليزية ( tics ) ، فهي حركات متكررة لزمر عضلية ، وليس لها وظيفة ظاهرة ، وتكثر بعضلات الوجه أو العنق أو الأيدي أو الأكتاف أو الجذع ، حيث نجد التلمظ بالشفاه والتكشير ودفع اللسان وفتح وإغماض العينين والتنحنح وغيرها ، ويظهر أنها تفرغ التوتر أيضاً وذلك في الحالات الإنفعالية والعاطفية التي تشمل أيضاً الجملة العضلية ويصعب على الشخص تثبيط العرة ، ويجب أن نفرقها عن بعض أنواع الصرع الصغرى حيث هنا لا يفقد الطفل وعيه أو ذاكرته ، إن العرات قد ترافق بعض المتلازمات النفسية ، وقد تتلو التهاب الدماغ .
إن معظم هذه الحالات ليس لها أسباب جسدية مرضية سابقة ، وهي مؤقتة وعابرة ، وتركيز الوالدين عليها يزيدها بينما تجاهلها ينقص حدوثها ، ويخفف من دوامها.
إن هذه العادات تمثل نموذجاً لتأثير سلوك الوالدين على سلوك الطفل ، وحسن التدبير والحكمة يأتي بأفضل النتائج ، وتكون البسمة شاملة لوجوه الجميع بإذن الله .
د.عبدالمطلب السح

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشكرك اخي الكريم على هذه المشاركه القيمه و المفيده.. و على جهودك الرائعه في المنتدى ,, جعلها الله في موازين اعمالك

اختكم
ام نوره

بارك الله بكم أختي أم نوره، و شكرا لمروركم الكريم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.