لو كنا نعمل بكل ما نعلم لكنا ملائكة فوق هذه الأرض، فالمسألة ليست مسألة قلة علم أو صعوبة في تحصيله، وكلنا علماء بما يكفي لنكون من الصالحين السعداء، ولكن خمولاً وكسلاً وزهدا بالأجر العظيم وقلة أدب وحياء وإعراضا عن الرقي في مدارج السالكين المحبين والمحبوبين من رب العزة.. كل هذا يسيطر علينا ويجعلنا نخسر رأسمالنا الوحيد في رحلة وجودنا وهو عمرنا على هذه الأرض.
لا بد من الوقوف قليلا عند سر هذا اللا اكتراث الغبي الذي نقابل به أهم ما يمكن أن يكون ذا قيمة في حياتنا، ما الذي يجعلنا ان كان سلم أولوياتنا صحيحا معرفيا نقلبه سلوكيا ؟ وما الذي يجعلنا نفضل سراب الدنيا على أنهار نعيم الدنيا والآخرة. قلت في مرة ماضية أننا جميعا نؤجل إصلاح نفوسنا والإقبال على الأعمال الصالحة، وذكرت أن الموت قد لا يمهل وأن الأيام في البعد عن الله لا تؤدي الا إلى مزيد من البعد، وأن عدم الإقبال على الله اليوم قد يكون سببه عدم استقرار الإيمان في القلب وقد يؤدي إلى زلزلة العقائد واللبس في الأفكار مما يكون خطرا على المآل لا يقف عند حدود العصيان الذي نفترض اعتباطا أن أمره هين مع كل الوعيد الذي ورد فيه وإنما قد يؤدي إلى الشرك أو ظل من ظلاله مما لا يغفر أبدا بنص القرآن الكريم . لا أقول هذا الكلام الا وأضع نفسي أول من يجب أن يفكر فيه ويعيد حساباته، وهنا لعلي أقول إني يمكن أن أكون ممن يفرط بما يعظ به، كما يوجد كثيرون غيري ربما يقولون كلاما أهم وأعظم مما أقول ويكونون من المقصرين، وهذا يزيد سؤالنا إلحاحا، ما الذي يجعلنا نعلم ولا نعمل؟
سأتناول موضوع البدانة، فقد صار معروفا أن البدانة تمثل خطرا حقيقيا على الصحة، ومع ذلك فأعداد البدينين يزيدون عالميا مع زيادة التوعية الصحية، ماالذي يجعل البدين لا ينصت لمعلوماته عن خطر وزنه الزائد على حياته ؟أولا لذة الطعام التي لا يريد أن يخسرها، وثانيا نوع من الادمان أو الاعتياد على كميات من الطعام يسبب له التقليل منها نوع من الألم العضوي(الجوع) والنفسي (الحرمان)، وثالثا الوزن الزائد سيخلق نوعا من الخمول والعطالة وصعوبة الحركة وهي ستزيد من الوزن بدورها، اذن هناك ثلاثة عوامل على الأقل تجعل من البدين لا يفيد من علمه عن خطر ماهو فيه على صحته، اللذة والاعتياد الذي يصل الى حد الادمان أحيانا والخمول أو الكسل، ونعود الى أنفسنا وتقصيرنا، لنجد أن ما يجعلنا ممن لا يفيدون من كل علمهم اللذة التي قد تنجم عن العصيان، والاعتياد على سلوكات معينة بين خمول وتجاوزات، والعطالة أو الكسل التابع للجسد المادي، وبالتالي فان العلاج لا بد أن ينصب على هذه الأوبئة الثلاثة التي تنخر في جسم وجودنا فتجعله أقرب إلى الخواء.
فاللذة التي نجدها في سلوكات العصيان والخمول لابد من الفطام عنها،وهنا أقول إن اللذة ليست ذات منطق، بمعنى أنها تحمل تبرير السلوك المؤدي إليها بنفسها، فلا يسأل الفرد لماذا يأكل طعاما يحبه على جوع، لأن لذة الطعام في هذه اللحظة تسيطر عليه ولا تتيح مجالا لسبب آخر كأن يقول أنه يأكل ليفيد جسده من الفيتامينات، وبالتالي لا بد من سبب قوي وواضح وقاطع يجعلني قادرا على الفطام عنها، ما هو هذا السبب ؟أولا لا بد من اليقين بأن هذه اللذة لذة الكسل والعصيان هي لذة خطرة، والخطر في فضيحة الدنيا وفضيحة وعذاب الآخرة، وقبل هذا وذاك لا بد من النظر في سلوكات الخمول والعصيان على أنها سلوكات قبيحة بنفسها ومؤذية في الدنيا قبل الآخرة، إذن ثلاثة وجوه لهذه السلوكات لا بد من التأمل فيها: الخطر على الآخرة والقبح في نفسها والضرر على الذات والآخرين.
منقول لتعُم الفائده بإذن اللــــــــــــــــه
وجزاك الله خير الجزاء
الإيمان ضرورة في قلب المسلم ..
وعليه يكون قدر العلاقة مع الله تعالى
جزاك الله الجنة