تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » عقبات في طريق المسلم

عقبات في طريق المسلم 2024.

  • بواسطة

وهذه من اخطر العقبات التي يقع فيها اكثر الخلق إلا من رحم ربي ، فان الانسان لا يعرف أن المعاصي تضره في دينه ودنياه واخرته ، وانها سبب لغضب الله عليه ، وتعرضه لانواع البلاء كما قال سبحانه : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30) ، ومع ذلك فان الانسان تغالطه نفسه ، فيفعل المعاصي والسيئات ويتكل على عفو الله ومغفرته تارة ، وعلى التسويف بالتوبة تارة ، وعلى الاستغفار باللسان مع الإصرار على العودة إلى المعصية تارة ، وعلى فعل المندوبات تارة وعلى الاحتجاج بالقدر تارة ، وكثير من الناس يظن انه لو فعل ما فعل ثم قال : " استغفر الله " زال الذنب ولم يعد له أثر

الإيمان اعتقــاد وقـول وعمــل

والذي أوقع هؤلاء فيما ذهبوا إليه وهو اعتقادهم بأن الإيمان هو التصديق ، وأنه لا يضر مع التصديق معصية ، طالما أن الإيمان في قلوبهم

ـ والإيمان عند أهل الحق يقوم على ثلاثة أركان
1ـ اعتقاد بالقلب
2ـ وقول باللسان
3ـ وعمل بالجوارح
وأن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان ، وأن الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة ينقص بالعصيان

رجـاء كــاذب

ويستدل هؤلاء العصاة ببعض الأدلة من القرآن والسنة كقوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً)(الزمر: من الآية53)
قال ابن القيم : " وهذا أيضا من أقبح الجهل ، فإن الشرك داخل في هذه الآية ، فإنه رأس الذنوب وأساسها ، ولا خلاف أن هذه الآية في حق التائبين ، فإنه يغفر ذنب تائب من أي ذنب كان ، ولو كانت الآية في حق غير التائبين لبطلت نصوص الوعيد كلها ، وفي سورة النساء خصص وقيد فقال : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )(النساء: من الآية48)، فاخبر سبحانه أنه لا يغفر الشرك ، واخبر أنه يغفر ما دونه ، ولو كان هذا في حق التائب لم يفرق بين الشرك وغيره

أعـــدت للكافــــرين

ومنهم من يقول : أن الله عز وجل اخبر أن النار ( أعدت للكافرين )(البقرة : 24 ) ،ولست منهم ، إنما أنا من العصاة فقط ، ولذلك فان النار لم تعد لأمثالي ، وفهم الصبيان أحسن من فهم هؤلاء ، لان إعداد النار للكافرين لا ينافي أن يدخلها الفساق والظلمة ، كما قال سبحانه وتعالى في الجنة ( أعدت للمتقين ) " آل عمران : 133 " ، ولا ينافي أن يدخلها من في قلبه أدنى مثقال ذرة من الإيمان كما أخبرت بذلك النصوص الصحيحة ، ولو جمع هؤلاء بين النصـوص لتخلصوا من هذا الجهل ، قال تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) (النساء:14) ، فماذا يقول هؤلاء في هذه الآية ؟! غير أننا لا نضرب كتاب الله بعضه ببعض ولا نقول أن كل عاص يخلد في النار ، لان الخلود في النار خاص بالكفار والمشركين ، لان أهل التوحيد إذا قضى الله عليهم بالعذاب في النار بسبب معاصيهم ، فإنهم يخرجون منها ولا يبقى في النار من أهل التوحيد احد
صـور من الغــرور

ومن صور جعل هؤلاء وغرورهم أنهم يتعلقون بفعل بعض الفضائل كقوله صلى الله عليه وسلم : " ومن قال في يوم : سبحان الله وبحمـده مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر " ( متفق عليه ) ، وقوله صلى الله عليه وسـلم عن الله عـز وجل في الرجل الذي يذنب ويستغفر : " علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، غفرت لعبدي فليصنع ما شاء " ( متفق عليه ) ، وكاغترار بعضهم بالاعتماد على صوم يوم عاشوراء أو يوم عرفة ، حتى قال بعضهم : صوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر ، ولم يدر هذا المغتر أن صوم رمضان والصلوات الخمس التي هي أعظم واجل من صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء لا تقوى على تكفير الصغائر إلا إذا اجتنبت الكبائر ، كما قال عليه الصلاة والسلام : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " (رواه مسلم ) فرمضان إلى رمضان ، والجمعة إلى الجمعة لا يقويان على تكفير الصغائر إلا مع انضمام على تكفير الصغائر فكيف يكفر صوم يوم تطوع أو قول سبحان الله وبحمده مائة مرة كل كبيرة عملها العبد وهو مصر عليها غير تائب منها ؟ هذا محال

ـ فالإصرار على الكبائر يمنع من تكفير الذنوب ، ولذلك فليس هناك حجة لمن قال : أنا افعل ما افعل من الذنوب ثم أقول : (سبحانه الله وبحمده مائة مرة وقد زال كل ما فعلت ، أو يقول : أنا افعل ثم اذهب إلى مكة واخذ عمرة فيزول عني كل ذنب ، فان هذا من الغرور وهو عين الجرأة على الله تعالى

حســن الظــن هو حســن العمــل

وبما قال بعض هؤلاء : أننا نحسن الظن بربنا ، وقد قال في الحديث القدسي ، " أنا عند حسن ظن عبدي بي " ( متفق عليه ) ولاشك أن حسن الظن يدعو إلى حسن العمل

ـ قال ابن القيم رحمه الله : " حسن الظن بالله هو حسن العمل نفسه ، فان العبد إنما يحمله على حسن العمل : حسن ظنه بربه انه يجازيه على أعماله ، ويثيبه عليها ، ويتقبلها منه ، فكلما حسن ظنه بربه حسن عمله ، و إلا فحسن الظن مع إتباع الهوى عجز ، وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه ، ونسوا انه شديد العقاب وانه لا (يرد بأسه عن القوم المجرمين) ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند

ـ قال بعض العلماء : من قطع عضوا منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم ، لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا
غــرور النعمـــة

كثير من الناس يظن انه على خير ، وانه من أهل النجاة والسعادة يوم القيامة بسبب ما يرى من نعم الله عليه في الدنيا ، فيقول : لولا أن الله عز وجل راض عني لما انعم على بهذه النعم ، ويعتقد المسكين أن هذه النعم بسبب محبة الله له ، وانه يعطيه في الآخرة أفضل من ذلك ، مع انه مقيم على معصية الله ، مرتكب لما حرم الله ، وهذا من الغرور الذي وقع فيه كثير من الناس ، بل كثير من المجتمعات

ـ فعن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : " إذا رأيت الله عز وجل يعطي العبد في الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج " ثم تلا قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) (الأنعام:44) " رواه احمد وصححه الألباني "

ـ قال بعض السلف : إذا رأيت الله يتابع عليك نعمه ، وأنت مقيم على معاصيه فاحذره ، فإنما هو استدراج يستدرجك به ـ وقد رد سبحانه على من يظن بقوله : ( فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ، وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ، كلا ) " الفجر : 15 ـ 17 " ، أي ليس كل من نعمته ووسعت عليه رزقه أكون قد أكرمته ، ولا كل من ابتليته وضيقت عليه رزقه أكون قد أهنته ، بل ابتلي هذا بالنعم وأكرم هذا بالابتلاء

الاستاذ الفاضل

يزاك الله خير وجعله الله في موازين حسناتك

مرحــــــــــــبا اختي الفاضله..

بارك الله فيك على المرور..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.