الزواج سكن ومودة لطرفي العلاقة الزوجية ، ومن شأن السكن والمودة أن يتصف بالديمومة والثبات والاستقرار ، لكن مع فقدان الوعي وارتفاع نسبة الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية يبقى ذلك السكن أملاً منشوداً ، إذ من شأن تلك الضغوط أن تزعزع استقرار الأسرة ، وتقتحم عليها ذلك الهدوء.
فن التعامل مع المشكلة:
في سبيل حل المشكلة التي تواجه الزوجين لا بد من الشعور بها أولاً ، فإدراك المشكلة ، والوعي بها ، ثم البحث عن أسبابها يعتبر نصف الحل ، كما أنه لا بد من المصارحة بين الزوجين ، فهي أساس الثقة ، والثقة هي أُسُّ الأسرة وأساسها.
فإذا تمت معرفة الأسباب ، ومراجعة الحقوق والواجبات في حوار هادئ أمكن حَلّ المشكلة وتجاوزها ، وليحذر الزوجان من حب "الإدانة" بحيث يسعى كل واحد منهما إلى إدانة الآخر ، لأن ذلك ربما ولّد النقمة والحرص على تَلَمُّس العثرات ، وتتبع العورات.
الألفة بين الزوجين:
كثيراً ما تشكو الزوجات من انهماك أزواجهن في العمل وانصرافهم عنهنّ ، وربما يعود ذلك إلى أن بعض الأزواج يحبون فكرة "الزواج" أكثر مما يحبون "معناه" وما يشتمل عليه من حقوق وواجبات و"سَكَن ومودة" ، أو يكون الزواج طموحاً يسعى إليه الرجل ، فإذا تحقق ذلك الطموح ملَّه ورغب عنه ، وعاد كما لو أنه ما زال يعيش فرداً وحيداً ، أو ربما لأن العمل يشعره بالرضا عن نفسه ، ويولّد عنده الثقة بالنفس والاستقرار الداخلي أكثر مما يولّدهُ عنده السَّكن العاطفي بوجود رابطة الزوجية ، وربما لأن عمله يسبب شعوره بالاقتدار والسيطرة أكثر مما يشعر بذلك عندما يرتبط بزوجة عاطفياً ، فإن كثيراً من الرجال لا يدركون أن التعلق العاطفي لا يبدأ إلا بمعزل عن السيطرة ، فالسيطرة إنما تكون في عالم الأشياء ، والتعلق العاطفي والمودة إنما تكون في عالم الأشخاص ، والخلط بين العالمين يسبب مشاكل كبيرة.
وثمة مسألة على جانب من الأهمية كبير ، وهي أن كثيراً من النساء ، وبعض الرجال يفرطون في تعلقهم العاطفي بأزواجهم مما يشكل عبئاً كبيراً على المتعلَّق به أشبه ما يكون بالحصار العاطفي ، فيشعر الزوج بالضيق ، ويتململ من تلك الحالة فيسعى إلى الانشغال عنها والهروب منها ، لأن الرجال لا يتحملون المرأة المفرطة في التعلق العاطفي بزوجها ، وكذا النساء مما يولِّد النفور.
وهذا التعلق المفرط له أسباب كثيرة منها أن لا يكون للمرأة صديقات يتقاسمن مع الزوج تلك العاطفة الفيَّاضة التي يفيض بها قلب المرأة ، وقد يكون سبب ذلك الفراغ الذي تعاني منه المرأة إذا لم يكن لها ما يشغلها ، وخاصةً إذا لم يكن لديها أطفال ، مما يجعل الزوج شغلها الشاغل ، ومن ثمَّ وجب على المرأة أن يكون لها اهتمامات متنوعة تحرص من خلالها على تحقيق وجودها المنفصل عن زوجها بصفتها فرداً له كينونته ، مكمِّلاً للزوج وليس متناحراً معه.
تسلمين:cool: