تكمن المشكلة الحقيقية في تواصلنا مع الطفل في الرد بنفس الأنماط المختزنة في الذاكرة من النماذج التي تعرض لها في خلال مراحل الحياة المختلفة. وأغلبنا يرد دون ترك مساحة للتفكير في أسلوب الحوار الأكثر فاعلية. وحوارنا اليومي مع الطفل يفضي حتمًا لأي من هذه النتائج الثلاث:
1 – الخلاف.
2 – التحاشي والانسحاب.
3 – التقارب والانسجام.
فإلى أي من هذه النتائج يفضي حوارك مع طفلك؟
لمد جسور التواصل.. إليك طرق الحوار مع طفلك:
أولا: طريقة التعليم
ثانيا: طريقة التعاطف
ثالثا: أسلوب التشجيع والثناء
رابعا: طريقة التفاوض
خامسا: طريقة الأوامر والنواهي
أولا: طريقة التعليم
هذه الطريقة هي الأكثر شيوعًا بين الآباء؛ حيث يرى معظم الآباء أن مهمتهم الأولى في حياة الطفل هي تعليمه وإرشاده، وهذا يحدث يوميًّا بل لحظيًّا. فدائمًا ما يمر الابن بتجربة جديدة؛ أو تتاح له فرصة للتعلم. وقد يؤتي هذا ثمرته تعلمًا وتقاربًا، أو توترًا وإخفاقًا وضربًا لجذور تقدير الذات لدى الطفل، الأمر الذي يضيع معه الهدف من هذا النوع من الحوار (التعلم).
وحين تلجأ لهذا النوع من أنواع الحوار…
قل:
"دعني أشرح لك …"
"يمكنني أن أساعدك في …"
"ما رأيك أن نجرب …"
"اختيارك رائع؛ أخبرني لماذا اخترت هذا الاختيار"
"من فضلك.. انظر لي ثم افعل تمامًا كما أفعل…"
"لا يمكنك الذهاب لحمام السباحة؛ لأن …"
"حين أخذت قلم أختك دون إذنها.. كيف تظن أنها شعرت؟"
ولا تقل:
"هذا غباء منك"
"لا أصدق أنك فعلتها أخيرًا"
"لا يهمك؛ سأفعلها أنا"
"إذا بقيت هكذا؛ فلن تتعلم أبدًا"
"خطأ.. ألم تقل إنك ذاكرت جيدًا؟"
"لم لا تكون مثل أخيك – صديقك …"
انتبه تمامًا لنبرة الصوت وملامح الوجه وطريقة الإلقاء. ولا تعلّم وأنت مشغول أو متوتر أو محبط. كذلك تحين فرصة استعداد الطفل ورغبته للتعلم.
وتذكر دائمًا قول الله تعالى: "ألم ترَ كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها…".
ثانيا: طريقة التعاطف
إذا ما جاءك طفلك سائلاً: "أين تقع كوالالمبور؟"
وفي مرة أخرى سمعته يحدث نفسه غاضبًا: "ما شأني أنا بموقع كوالالمبور؟!".
ترى ما الفرق بين الحالتين؟ وترى هل نجيب بنفس الطريقة في الحالتين؟
الطفل في الحالة الأولى يسأل ليعلم وهو في الحقيقة يريد مساعدته للحصول على إجابة.
أما في الحالة الثانية: عليك أن تنفذ إلى ما وراء الكلمات من مشاعر إحباط وضيق من هذا الواجب الممل أو الصعب بالنسبة له، وما عليك هو تحسس احتياجه في هذا الوقت؛ فما يحتاجه ليس الإجابة، بل يحتاج التعاطف مع مشاعره السلبية، وإدراك ما يعانيه من ألم أو إحباط أو مخاوف أو حزن أو غضب، والتحدث عن هذه المشاعر ووصفها بطريقة تساعد الطفل على تفهم حقيقة ما يشعر به.
فمثلاً تخيل أن مريم جاءت إلى أمها من المدرسة شاردة يبدو عليها الضيق وأخبرت أمها أن أصحابها لا يريدون اللعب معها. ترد الأم: "ولا يهمك سيعود أخوك حالاً والعبي معه".
ما حاولته الأم التشجيع وحل ما اعتقدت أنه مشكلة ابنتها. ولكن مريم كانت تحتاج لشىء آخر: التعاطف مع مشاعر الإحباط لديها. وكان على الأم أن تقول شيئًا كهذا: "لا بد أن ذلك جعلك تشعرين بالضيق والغضب".
في هذه الحالة تدرك مريم أن أمها تعرف وتفهم وتقدر مشاعرها. وأن مثل هذه المشاعر الغاضبة مقبولة وغير محرمة أو مرفوضة. والمتوقع غالبًا في مثل هذه الحالة استرسال مريم في حكي تفاصيل الموضوع؛ وربما طلب المشورة، إضافة لتخلصها من هذه المشاعر السلبية.
ويمكن أن يتبع التعاطف تعليم أي مساعدة في الحصول على إجابة أو تقديم نصح. ويصعب التعاطف وقت انزعاجك أو غضبك أو اضطرابك الشديد مما فعله ابنك.
ويجب ألا تخلط بين التعاطف والتشجيع.
ولذا
قل:
"أظنك محبطًا من سؤال كهذا…"
"لا يمكنك تذكر هذه المعلومة …"
"أرى أنك تجد صعوبة ما في فهم هذا الدرس؛ وهذا يضايقك …"
"أنت حزين.. عصبي.. محبط.. متضايق…. من…"
"أخفقت في تسديد الهدف.. تشعر بالحزن لأنك سبب خسارة فريقك"
"كنت تتمنى الذهاب لعيد ميلاد يوسف ولكن الأمطار منعتك.. هذا يضايقك.. كنت أتمنى لو أنك استطعت قضاء وقت جميل …"
"أعرف أنك تخاف من صعود السلم وحدك.. ولكن ما رأيك لو …"
"أظنك سعيدة بهذه الصداقة الجديدة مع سارة …"
"أراك سعيدًا جدًّا باختيارك لقيادة الفريق… هذا جميل حقًّا…"
ولا تقل:
"أدرك تمامًا حقيقة مشاعرك…"، فأنت لم تقدم وصفًا لهذا الشعور ولم تقدم دليلاً على أنك تفهمه.
"أنا أتفهم ذلك …"، سمّ (ذلك) التي تتحدث عنها.
"أنا ما زلت أحبك رغم ذلك"، ليس هذا ما يفكر به طفلك الآن، فلا تقدم للأرنب اللحم الذي تحبه أنت؛ فهو يحتاج الجزر.
"الموضوع ليس مشكلة كما تتصور"، لا تسفه مشاعره؛ فهو متضايق أو غضبان أو محبط حقًّا؛ لأنه يرى بطريقة مختلفة عنك.
"أعرف أنك غاضب، ولكن هذا أسلوب سخيف منك"، ليس هذا وقت التـعليم أو التأديب الفعال.
ثالثا: أسلوب التشجيع والثناء
هذا من أهم الطرق للإبقاء على السلوكيات السليمة في طفلك. اقتنص فعلاً حسنًا فعله طفلك وأثن على هذا الفعل المحدد. ولا تضيع فائدته بإتباعه بنقد: "لقد فعلتها. ولكن بعد نفاد صبري".
قل:
"أعجبتني الطريقة التي رتبت بها حجرتك"، كن محددًا بشأن ما تمدحه.
"هل تذكر كيف استطعت فعل… من قبل؛ أعتقد أنك يمكنك فعلها مرة ثانية"، ذكر طفلك بجهوده ونجاحاته السابقة.
"كان من الممكن أن يغضبك تصرف أختك، ولكنك تحكمت بغضبك، هذا يدل على سعة صدرك؟ أشكرك".
لا تقل:
"ممتاز.. ممتاز"، حدد ما هو الذي تراه ممتازًا، ولا تفرط لدرجة عدم تصديق طفلك لثنائك.
"لا تقلق.. أنا واثق أنك يمكنك عمل …"، لا بد أن تتعرف أسباب قلقه عن قرب بما يجعله متأكدًا من فهمك له، وربما استخدمت أسلوب التعاطف قبل التشجيع.
"كلنا معرضون للخسارة"، هذه ليست عبارة تشجيع أو تعاطف.. وقليلة هي الأوقات التي تصلح للوعظ.
رابعا: طريقة التفاوض
أحمد يريد شراء عجلة جديدة؛ الأب لديه تخوف من نقطتين: عادة أحمد في التأخر في واجباته المدرسية، ولعب أحمد بالعجلة في الطريق.
عرض الأب على الطفل هذه المخاوف. وجاء رد أحمد مفاوضًا: "إذا لم أنهِ واجبي قبل السابعة.. فلن ألعب بها".
رد الأب: "وإذا لعبت في الطريق؟"
أحمد: "لن ألعب بها في اليوم التالي".
التفاوض طريقة يمارسها الطرفان عن قناعة وانضباط. فكلا الطرفين ينوي تنفيذ الجزء المسئول عنه في الاتفاق. وهذا يختلف كثيرًا عن التفاوض الذي يحمل في طياته يأسًا. كأن تكون متوقعًا سلوكًا سيئًا، ثم تعرض مكافأة: "إذا لم تصرخ في المحل فسأشتري لك الآيس كريم" هذه رشوة وليست تفاوضًا.
والتفاوض عادة يستخدم حين الرغبة في الحصول على مزيد من الحرية مثلاً من قبل الابن، كأن يقضي وقتًا أطول مع أصدقائه أو السهر وقتًا أطول مع الأسرة في المنزل. وفي هذه الحالة لا بد من ذكر أن كل حرية يقابلها مسؤولية. والتفاوض بفاعلية يعني أنك مستعد للتكيف مع رغبات ابنك الممكنة؛ وفي نفس الوقت لا تتوانى عن محاسبة المسئول، وهذا يزيد من فرص التعاون بين الطفل والأهل مستقبلاً.
قل:
"قبل أن تذهب إلى المباراة عليك عمل …"
"أعرف أنك تريد الذهاب للرحلة، ولكن لن يمكنني دفع كل التكاليف.. هل لديك مقترحات؟"
"أعرف أن هذا سيكون رائعًا.. فكيف …"
لا تقل:
"هل تعدني أن ترجع مبكرًا إذا وافقت على ذهابك …" بالطبع سيعدك، ولكن هذا ليس تفاوضًا، لا بد أن يكون هناك تبعات لوفائه بوعده أو عدم وفائه.
"إذا كنت هادئًا في النصف ساعة المقبلة فسأشتري لك …" هذا ابتزاز ورشوة وليس تفاوضًا.
التفاوض هو الحالة التي نصافح بعضنا بعضا ونهتف بحماس: اتـفـقنا.
خامسا: طريقة الأوامر والنواهي
هناك بعض الأوقات التي نفضل هذا الأسلوب دون غيره من أساليب التعليم أو التفاوض. وغالبًا ما يتم ذلك وقت الخطر. أو عدم الاستعداد لإبداء الأسباب أو التفاوض وقبول بدائل.
قل:
"أعرف أنك لا تحبذ فعل ذلك؛ ولكن القاعدة تقول…"
"ارتدِ معطفك قبل الخروج"
"كف حالاً عن لعب الكرة في المنزل"
"مرفوض أن تضرب أخاك"
"يحين موعد نومك بعد 5 دقائق.. اغسل أسنانك".
"هذا موعد العشاء.. قم بإطفاء التلفاز".
لا تقل:
"ما الذي تحدثنا عنه حالا؟"
"طالما أخبرتك أن …"
"لم يعجبني ردك عليّ بهذه الطريقة".
ولا بد ألا يعبر الأمر أو النهي عن رأيك الشخصي: "لا أريدك أن تخرج دون معطفك".
الأمر والنهى لا بد أن يكون واضحًا تمامًا؛ فلا تستخدم الكلمات الغامضة مثل: لا تفعل هذا… سمّ هذا الذي تقصده.
كل من هذه الطرق يمثل جسرًا للوصول إلى أطفالنا؛ وكلما استخدمنا عددًا أكبر منها زادت الجسور وزادت احتمالية الوصول.
اقرأ أيضًا:
قوة الأمة تبدأ من احترام الذات
كيف تختار كتابًا لطفلك
التوتر وفن تربية الأولاد
الحنان يزيد ذكاء الطفل
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اختي الفاضله zainah
الف الف شكر لك على المشاركه المهمه
والمفيده لكل ام
ربي يعطيك الف عافيه
اختك
بنت المملكة
ألف شكر عزيزتي
zainah
على الموضوع الرائع
والمفيد
الله يعطيك العافيه
تحياااتي
مروج ذهبيه
ام غاده