بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
كيد النساء [ ] وكيد الشيطان، أمران ورد الحديث عنهما في القرآن الكريم..
وقد وقفت على بعض أقوال أهل العلم [ ] في ذلك.
يقول الزمخشري: "وعن بعض العلماء: أنا أخاف من النساء [ ] أكثر مما أخاف من الشيطانلأن الله -تعالى-يقول: (إن كيد الشيطـان كان ضعيفا) وقال للنساء: (إن كيدكن عظيم) ". اهـ.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "قوله -تعالى-: (إن كيدكن عظيم) هذه الآية الكريمة إذا ضُمَّت لها آية أخرى حصل بذلك بيان أن كيد النساء [ ] أعظم من كيد الشيطان، والآية المذكورة هي قوله: (إن كيد الشيطـان كان ضعيفا)لأن قوله في النساء: (إن كيدكن عظيم) وقوله في الشيطان: (إن كيد الشيطـان كان ضعيفا) يدل على أن كيدهن أعظم من كيده).
هذه بعض النصوص التي وقفت عليها في هذا الموضوع.. وقد شاعت هذه المقولة على ألسنة كثير من الناس استنادا إلى ما ذكر.
ومع تسليمي بكيد النساء [ ] وعظمه، بدليل قوله: (إنكن صواحب يوسف) متفق عليه، إلا أنني أرى أن في هذه المقالة نظرا… وذلك من وجهين:
الأول: أن قوله -سبحانه-: (إن كيد الشيطان [ ] كان ضعيفا) هو من إخبار الله -عز وجل-، وقوله حق لا شك فيه ولا ريب، ولا يحتمل التصديق أو التكذيب، بل يجب الجزم بكونه حقا صدقا لا مرية فيه، بينما قوله: (إن كيدكن عظيم) هو مما حكاه الله -عز وجل- على لسان العزيز في قوله -سبحانه-: {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ, قَالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ}(يوسف/28).
فالقائل هنا هو العزيز، بخلاف الآية الأولى، وجائز أن يكون ما قاله العزيز حقا، وجائز أن يكون مبالغة، وجائز غير ذلك، فقد حكى الله -عز وجل- أقوالا كثيرة على ألسنة عدد من البشر، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل، وقد صدّق الله -عز وجل- بعضها، وأبطل بعضها، وسكت عن بعضها، ومن ذلك مثلا قوله -سبحانه-: {قَالَت إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَريَةً أَفسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفعَلُونَ}(النمل/34).
الوج الثاني: على افتراض صحة قول العزيز، وأن الله -سبحانه وتعالى- لم يبطل قول العزيز، وأن كيد النساء [ ] عظيم.. فلا ينبغي القول بأن كيدهن أعظم من كيد الشيطان، وذلك أن وصف كيد الشيطان [ ] بالضعف، جاء في مقابل قوة الله -عز وجل-، ولا شك أن كل قوة في الدنيا، وكل كيد فيها فهو ضعيف أمام قوة الله -عز وجل-، مهما كانت هذه القوة، فتمام الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَولِيَاءَ الشَّيطَانِ إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}(النساء/76).
لمتابعة القراءة اضغط على الصورة
جززاك الله خيرا