تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » كيف نربي أبناءنا على مفاهيم الاقتصاد الإسلامي؟

كيف نربي أبناءنا على مفاهيم الاقتصاد الإسلامي؟ 2024.

تؤثر التربية على الفرد تأثيرا اقتصاديا ومن جوانب متعددة، سواء من حيث كونه ذا شخصية متميزة لها اهتماماتها الاقتصادية، أو كونه مواطنا وعضوا في مجتمع معين وله علاقاته الاقتصادية مع الآخرين، أو كونه عاملا يشترك في الإنتاج الاقتصادي بالمجتمع.
وحتى تكون التربية الاقتصادية سليمة وتؤتى ثمارها الطيبة على الفرد والمجتمع، فإنها لابد أن تؤسس على عقيدة سليمة وقيم وعادات اقتصادية تنبع من تلك العقيدة، وهو ما تؤكده العقيدة الإسلامية .
في هذا الإطار، ذكرت دراسة أعدها الدكتور سعيد القاضي أستاذ أصول التربية المساعد بجامعة جنوب الوادي المصرية تحت عنوان: "التربية الاقتصادية الإسلامية للأبناء في البيت والمدرسة" أن الأسرة تعد المؤسسة التربوية الأولى التي تقوم بدور أساسي في تربية الأبناء التربية الاقتصادية الإسلامية من خلال عدة جوانب، أهمها التربية البدنية للمتربي بمال حلال وغذاء طيب امتثالا لقول الله تعالى: "وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا"، والبعد عن أكل الحرام لأن ما ينبت من السحت فالنار أولى به كما قال الرسول عليه السلام.
والجانب الثاني التنمية العقلية من خلال تعريف المتربي بالحلال والحرام في الكسب والتعاملات الاقتصادية، وتنميته وجدانيا بتكوين اتجاهات نحو الحلال وحبه ونحو الحرام وبغضه.
والثالث تربيته دينيا على مراقبة الله تعالى في الكسب والإنفاق فلا يعتدى على أموال الآخرين وممتلكاتهم، ولا ينفق مصروفه الشخصي فيما يغضب الله. والرابع تربيته أخلاقيا على القيم الاقتصادية الإسلامية تربية عملية كالمحافظة على ممتلكاته الخاصة وممتلكات الأسرة والآخرين والمجتمع وعلى الترشيد وعدم التبذير والأمانة والبعد عن السرقة.
وتشمل هذه الجوانب أيضا تربية الأبناء نفسيا وإراديا على حب العمل وتحمل مسئولياته، وتربيته اجتماعيا على التكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين.

وأشارت الدراسة إلى أن المدرسة تقوم من جانبها بدور تربوي كبير في التربية الاقتصادية الإسلامية من خلال تنمية مختلف جوانب شخصية الطالب بالعلوم والمعارف التي تربيه تربية اقتصادية إسلامية، وتدريبه العملي على السلوك والتعامل الاقتصادي الإسلامي كالمحافظة على الممتلكات وترشيد الاستهلاك ومساعدة الزملاء.

أساليب تربوية
وأوضحت الدراسة أن هناك العديد من الأساليب التربوية التي يمكن للأسرة والمدرسة اتباعها في تربية الأبناء التربية الاقتصادية الإسلامية وهي:

أسلوب الموعظة: من خلال تقديم الآباء للأبناء والإخوة لإخوانهم والمعلمين لطلابهم المواعظ والنصائح التي تعرفهم الحلال والحرام والكسب الطيب من الكسب الحرام، والإنفاق الحلال والمندوب من الإنفاق الحرام والمكروه، وينصحونهم لما فيه الحفاظ على الأموال والممتلكات العامة والخاصة في البيت والمدرسة والمجتمع.
أسلوب القدوة: والذي يعد من أكثر الأساليب تأثيرا وأسرعها وقعا في شخصية المتربي، وقد حرصت التربية الإسلامية على توفير القدوة الصالحة، فالطفل الذي يرى والده أو معلمه يكذب لا يمكنه أن يتعلم الصدق، والطفل الذي تغش أمه أباه، أو يرى الخيانة ماثلة أمامه لا يمكن أن يتعلم الأمانة.
أسلوب الممارسة العملية: ويعد من أهم أساليب التربية الاقتصادية الإسلامية، حيث تربي الأسرة والمدرسة الأبناء على المشاركة في أعمال البيت وخدمة أنفسهم والآخرين ومتابعتهم عمليا ليحافظوا على ممتلكاتهم الخاصة وممتلكات الأسرة والمدرسة والمجتمع، مع تعويدهم على اكتساب خبرات عملية في البيع والشراء والتعامل مع الآخرين في الشئون الاقتصادية.
أسلوب الترغيب والترهيب: وتربى الأسرة أبناءها والمدرسة طلابها التربية الاقتصادية الإسلامية بترغيبهم في كل سلوك أو تعامل اقتصادي حسن لينالوا عليه الأجر والثواب من الله تعالى والقبول والشكر من الناس، ويحقق لهم السعادة والفوز في الدنيا والآخرة ..وبترهيبهم من كل سلوك أو تعامل اقتصادي يبغضه الله تعالى ويحرمه، ويرفضه الناس ويمقتونه كالسرقة والتطفيف في الكيل والميزان، وأكل أموال الناس بالباطل والتبذير والتقتير أو عدم إخراج حق الأموال من زكاة أو صدقة.
أسلوب الثواب والعقاب: ويرتبط بسابقه ويكمله، حيث يحتاج الإنسان بعد ترغيبه في السلوك الحسن وقيامه به إلى الإثابة عن هذا السلوك، كما يتطلب الموقف التربوي العقاب إذا سلك الفرد سلوكا سيئا رغم تحذيره وترهيبه منه. وتستخدم الأسرة ذلك الأسلوب في التربية الاقتصادية الإسلامية بالمدح والثناء مرة على السلوك والتعامل الاقتصادي الحسن، وباللوم والعتاب مرة ومنع المكافأة أو العقاب مرة على التصرف السيئ.
أسلوب القصة: فقد استخدم القرآن الكريم القصة كإحدى وسائل الهداية والتذكير والعبرة والتفكير، والقصص التي تربي بها الأسرة والمدرسة الأبناء التربية الاقتصادية الإسلامية كثيرة منها ـ كما جاء في سورتي القصص والعنكبوت ـ قصة قارون وأمواله وكنوزه وخزائنه التي يصعب حمل مفاتيحها من كثرتها حتى على أولي القوة، وكيف أن الله دمر هذه الأموال لأن قارون بغى واستكبر في الأرض، ونسي الخالق الرزاق. وقصة صاحب الجنتين المثمرتين كما جاء في سورة الكهف الذي قال لصاحبه متطاولا عليه بماله، وبأنه أكثر منه مالا وأعز نفرا، وظن أن جنتيه لن تبيد أبدا، وتمسك بالرزق ونسي الرزاق، وكفر بالذي خلقه وخلق الجنتين وخالف أمره ، فكان البلاء والهلاك لجنتيه.
أسلوب الأمثال: وقد استخدم القرآن الكريم هذا الأسلوب التربوي فضرب العديد من الأمثال للتذكر والتفكر والوعظ والاعتبار، كما استخدم الرسول عليه السلام هذا الأسلوب التربوي في مواقف كثيرة، واستخدمه علماء التربية المسلمين، ومن الأمثال التي تدور حول القيم الاقتصادية الإسلامية ـ حسب الدراسة ـ ويمكن للأسرة والمدرسة استخدامها في تربية الأبناء التربية الاقتصادية الإسلامية، من جد وجد ومن زرع حصد ..وأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ..لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد .. اليد العمالة طاهرة والبطالة نجسة ..بيت النتاش ما يعلاش ..داووا مرضاكم بالصدقات ..اليد العليا خير من اليد السفلى .
أسلوب الأحداث الجارية: وتربي الأسرة الأبناء التربية الاقتصادية السليمة باستغلال الأحداث الجارية الحية والمشاهدة والمسموعة من خلال وسائل الإعلام، فكثيرا ما تطالعنا الصحف والمجلات أو الإذاعة والتليفزيون عن صفقات تجارية وتعاملات اقتصادية في الداخل والخارج منها الرابح ومنها الخاسر، وكثيرا ما نسمع عن اختلاسات وسرقات وتهريب للأموال وسطو على البنوك ودخول شحنات غذائية فاسدة ..وفى كل ذلك تستغل الأسرة والمدرسة الأحداث بما يربي الأفراد التربية الاقتصادية الإسلامية.

توصيات
وأوصت الدراسة الآباء والمعلمين أن يضعوا نصب أعينهم في كل ما يربون عليه الأبناء تحقيق العبودية الخالصة لله تعالى في مجال الاقتصاد وغير الاقتصاد، وتربية الأبناء على القيم الأخلاقية في البيت والمدرسة، وتربية الأبناء على مراعاة مصالح الآخرين بجانب مراعاتهم لمصالحهم وأيضا مراعاة مصالح الأمة الإسلامية والعالم بأسره.
وأوصت الدراسة أيضا بتنمية الأسرة لشخصية أبنائها التنمية الاقتصادية من خلال تنميتهم بدنيا بمال حلال وغذاء طيب، وعقليا بمعلومات ومعارف عن الحلال والحرام في الكسب والتعاملات الاقتصادية، ووجدانيا بتكوين اتجاهات نحو حب الحلال وبغض الحرام، ودينيا بمراقبة الله في الكسب والإنفاق، وأخلاقيا على القيم الاقتصادية الإسلامية واجتماعيا على التكافل الاجتماعي ومساعدة الآخرين إلى غير ذلك من جوانب الشخصية.
وانتهت الدراسة إلى ضرورة الاستعانة بعلماء الدين والاقتصاد من خلال دور العبادة ووسائل الإعلام لتوعية الأباء والمعلمين ليكونوا على بينة من أمر تربية أبنائهم التربية الاقتصادية السليمة.
ـــــــــــ
القاهرة- محمد الشرقاوي

جزيتِ كل خير!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.