إن من المناسب في تعقيبات الصلوات والأشهر التدبر والتأمل في المضامين.. فالمشكلة أن الانسان بعد فترة من تكرار التعقيبات المتوالية، لا يفقه تلك المضامين.. ولهذا لا بد من وقفة نفسية وفكرية من أجل استيعاب المعاني الباطنية الدقيقة.
"يا من يعطي من يسأله!.. يا من يعطي من لم يسأله، ومن لم يعرفه!.." من المؤكد أن الضمير لا يعود لرب العالمين في "ومن لم يعرفه"، فرب العالمين لا تخفى عليه خافية.. بل يعود على من لا يعرف الله، وينكر وجوده، ويتحداه في سلطانه.. فهذا فرعون يقول: أنا ربكم الأعلى، وهو يتنفس من هذا الهواء، وموسى يتنفس من هذا الهواء نفسه.. فرعون يشرب من ماء النيل، وموسى يشرب من ماء النيل .. إذاً يعطي من سأله، ومن لم يسأله، فالسبب في ذلك التحنن والرأفة.. فكيف بمن سأله؟!.. وكيف بمن تضرع إليه؟!.. وكيف بمن بكى بين يديه؟!.. وكيف بمن قدّم بين يدي حاجته صدقة؟!.. وكيف بمن ألحَّ عليه بالسؤال؟!.. فكيف بمن طلب الوصال مع المولى؟!..
ولا بد أن يكون العبد طامعاً، بل طمّاعاً حيث يقول: "أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة"، إذا كان الكريم بيده المفاتيح كلها، فلماذا النقص في الطلب؟!.. ولماذا اليأس من قضاء الحاجة؟!.. والعبد لا يقول: اللهم أعطني بفضلي، أو بمرتبتي، أو بكرامتي، أو بتقواي.. وإنما يقول: بمسألتي، فأنا سائل.. والسائل لا يُسأل ُعن جنسيته، ولا يُسأل عن وظيفته، ولا عن أصله وفصله.. والسائل إذا كان كاذباً يطرد، أما إذا كانت عليه علامات الصدق، فيعطى من دون تحقيق عنه.. فإذا قال الإنسان: يا ربِّ!.. أنا سائل، دعَ تاريخي، ووضعي، وعبادتي، أنا سائل بين يديك.. فالباء باء السببية أي بسبب مسألتي إياك.
لو أن الله عز وجل استجاب للإنسان هذا الدعاء: "جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة"، فإنه جامع لكل الحوائج.. وإذا أراد أن يدعو العبد بكلمة واحدة في لييالي رمضان وفي الصلوات ، أوعند الكعبة او في المسجد النبوى).. فليختر هذه الفقرة: "أعطني بمسألتي إياك جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة".. "واصرف عني بمسألتي إياك جميع شر الدنيا والآخرة".. فشـرّ الدنيا: الشيطان، والمرض، والفقر؛ وهو مدفوع بهذا الدعاء.. وشـر الآخرة: جهنم والنيران، والعذاب؛ وهو مدفوع أيضاً بهذا الدعاء.
نسالكم الدعاااااااااااء:shy: