إدارة الزوجين للمال إدارة جيدة من أسباب نجاح الأسرة واستقرارها ، ولا يكون ذلك إلا بضبط الإيرادات والمصروفات والموازنة بينهما ،فإذا كانت الإيرادات أكثر من المصروفات فسيكون لدي العائلة وفر مالي ، وهنا ينبغي أن تكون أفكار الادخار أو الاستثمار واضحة وجلية ، وفي حال كون الإيراد أقل من المصروفات فلابد من الضبط المالي والإداري في الأسرة حتي تتم المساواة بينهما وإلا سيلجأ أحد الزوجين لتعويض هذا الفارق عن طريق ( القروض ) وما أكثر هذا الصنف من الناس .
من الأمور التي تقلل من مصروفات الأسرة وتزيد دخلها معرفة الأولويات في المصروفات وكيفية التعامل معها ، فأول خطوة يقوم بها الزوج عند شعوره بكثرة المصروفات المنزلية وعدم انضباطها وضع جدول شهري لمعرفة أين تصرف الأموال العائلية ، ثم مراقبة البنود التي يزداد فيها الصرف ، فيبدأ بترقيم البنود حسب الأولوية
فعلي سبيل المثال ، إذا كانت القائمة هي : ( الخدم ، قسط سيارة ، تبرع شهري ، مواد استهلاكية ، لحم ، وقود سيارة ، مصروف الأولاد ، سمك ، كهرباء ، ماء ، سداد دين ، اشتراك بمجلة ، السفر بالإجازة … الخ ) فيبدأ الزوج بوضع الأرقام حسب الأولوية ، وننصح بأن يضع الزوج هذه الأرقام بالاشتراك مع زوجته ليتعاونا معاً في اتخاذ القرار ويتحملا نتائجه ، وإلا أصبح أحدهما فقط هو الملتزم بالأولوية والآخر يصرف كما يشاء ، ولا تضبط الميزانية ما لم تكن سياسة الأسرة بهذا الأسلوب ، وكم أعرف من أسر يحضر فيها الزوجان مساء إلي المنزل وقد اشتري كل منهما صندوق برتقال وخضروات ودجاجاً من الجمعية ، ويفآجان عند وصولهما إلي المنزل بأن كلاً منهما قد اشتري مثل مشتريات الآخر ، لذلك فإنه لا بد من تحديد الأولويات في بند المصروفات ، ثم إنه قد يكون لأمر ما أولوية عند زوج لا يكون كذلك عند زوج أخر ، فالأولويات تختلف من أسرة لأخري ومن زوج لآخر .
الاتفاق علي المشتريات والتعاون في جلبها مدعاة للتفاهم في الأسرة .
ثم إن الأولوية لا تكون دوماً للأشياء المهمة ، فالمشروبات الغازية مثلاً مهمة للأولاد ولكنها لا تشكل أولوية بالضروروة ، والسفر للعائلة مهم ولكنه ليس ضرورياً أن يشكل الأولوية وهكذا .. علي أن السؤال الذي يطرح نفسه هو : من يحدد الأولوية ؟
المفترض أن الوالدين هما اللذان يحددان الأولوية ، آخذين بعين الاعتبار تقدير الزمان والمكان والظروف العائلية ، فقد يكون لأمر ما الأولوية في شهر رمضان ولا يكون كذلك في باقي أشهر السنة ، أو أن يكون لشيء أولوية في الصيف وليس هكذا في الشتاء ، فالزمان والمكان والظروف تحدد الأولويات ، وبعد وضع الجدول وترقيم الأولويات فيه ، يبدأ الزوجان بمراقبة سير الخطة المالية مع التشديد علي عدم تجاوزها إلا في حالات نادرة ، ثم يلاحظان الفرق بين حياتهما قبل التخطيط وتحديد الأولويات وبعد ذلك ، وبالتأكيد سيلاحظان الفارق الكبير في التوفير المالي للأسرة ، ثم أن من الأمور المساعدة علي فهم الموضوع وحسن تطبيقه ، مناقشة الأولاد في الخطة التي اتفق عليها الزوجان ، وفي الأولويات وآخذ رأيهم فيها حتي يكونوا جزءاً من العلاج ، فيكون تفكيرهم وقراراتهم مبنية علي مسيرة الوالدين وعلي عدم مخالفتهما ، وعندها تكون الأسرة كلها متجهة نحو هدف واحد معروف ، وكلها تتخذ قرار عدم الصرف في بند من البنود إذا شعرت بأنه ليس من الأولويات ، فالتخطيط وإن كان بسيطاً تكون نهايته النجاح والفوز ، والفوضي وإن كانت منظمة فإن عاقبتها الخسارة والندم .
تنظيم الأولويات في ميزانية الأسرة حسب الاقتصاد وحسن التدبير .
وأخيراً إذا كانت الأسرة مقدمة علي مشروع كبير كبناء بيت أو ترميمه أو شراء سيارة كبيرة أو غير ذلك ، فلا بد من التمهيد لتبني سياسة التقشف من أجل هذا المشروع إن كانت له الأولويات .
لكل أسرة أولوياتها فلا مجال للتقليد والإسراف .
وسياسة التقشف يقدر الزوجان زمنها ومكانها ثم يبدأن بإبلاغ الأولاد بما يعتزمان تنفيذه لتتهيأ نفوسهم كذلك .
أعرف أسرة اتبعت هذا النظام وكان أحد أبنائها دائماً يقلد ابن عمه في مشترياته وغيرها ، وبعد أن باشر الزوجان مشروع بناء البيت وتم تهيئة الأولاد لذلك اشتري ابن العم دراجة مائية ( جت سكي ) ، فأحب الابن أن يقلده ويشتري مثله ولكنه سكت عن ذلك ، فبادره والده مرة بقوله : ألا تريد يا بني جت سكي ، كالتي اشتراها ابن عمك ؟ فقال الابن : ولكنك يا أبت محتاج للمال لبناء بيتنا الجديد !!
وكان ولداً صالحاً متفهماً ، وهكذا فإنه بقدر ما تكون الرؤية واضحة عند الزوجين والأولاد وتكون الأولويات واضحة ، بقدر ما تقل المشاكل الزوجية والعائلية .. ومرجع ذلك إلي تنظيم الصرف وحسن التصرف .