والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
أًهنئكم ونفسي وجميع المسلمين بهذا الشهر العظيم ،
والذي أسأله أن يعيننا على الصيام والقيام ، وأن يجعلنا ممن يصومه ويقومه إيماناً
واحتساباً 0
سنقف معاً عدة
وقفات :
الوقفة الأولى :
روحانية صائم :
أظلنا شهر الصيام والذكر،
شهر التوبة والغفران ، شهر العزة والكرامة 0 كم من مستقبل يوم لا يستكمله ومؤملِ
غدٍ لا يدركه..
كم كنت
تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهمُ *** حيا فما
أقربَ القاصي من الدانـي
كذا تطوى الليالي والأيام؛ وتنقضي الشهور والأعوام؛
والعاقل اللبيبُ من يفكر ويعتبر بتلك الأيام التي عاشها والليالي التي قضاها، نعم
هي ماض تركه خلفه لن يعود؛ لن يعود إليه مرة أخرى، لكنه يسجل عليه فالله تعالى
يقول: "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون "
كل الناس يغدو في أهداف
وآمال ورغبات وأماني، ولكن أين الجادون؟
وفى الآمة تُعساء يستقبلون هذا الشهر على أنه شهر
جوع نهار وشِبَعُ ليل ، نوم في الفراش إلى ما بعد العصر؛ وسمر في الليل إلى الفجر،
تراهم ذئاباً في الليل جيَفاً في النهار، جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات
وقنوات، إنهم يقتلون رمضان ويفسدون حلاوته وطَعمَه، حُرموا وحَرموا غيرهم من جمال
رمضان وروعة الحياة فيه، عبادة للبدن والجسد بنزواته ولذاته، وأَسرٌ للروح والعقل؛
مساكين هؤلاء.. ألا يعلمون أن لأرواحهم حياة وحاجات لا بد من إشباعها 0
لأننا لو تأملنا مكان
الروحِ والجسد لوجدنا والروح سماوية علوية ، والجسد أرضى سفلي ، وعند موت الإنسان
كل يتجه إلى أصله فالروح إلى السماء، والجسد إلى الأرض، ومن الناس من هِمته في
الثرى ومنهم من همته في الثريا ، فمنهم من يسعى لحياة الروح ومنهم من يسعى لحياة
الجسد، وحياة الروح باتصالها بالسماء بالخوف والخشية والمراقبة والإخلاص لله جل
وعلا، والروح والجسد لا غنى لأحدهما عن الآخر، إلا إذا أصبح الجسد لا هم له إلا
شهوته وهواه، وفيه يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، تعس عبد
الدرهم " ، ومن الناس من نسى روحه وغفل عنها وعن حقوقها، فَعبّدها لجسده وشهواته،
فأصبحت حياته هموماً و أكداراً وأحزانا ليس له هم إلا أن يرضى هواه . مساكين أهل
الدنيا، خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، وأطيبُ ما فيها حلاوةُ الإيمان ولذةُ
الطاعة، فالإنسان جسد وروح وشهوة وعقل ، الجسد والشهوة معاً والروح والعقل معاً،
ومتى شبع البطن تحركت الشهوة ، ومتى خلا البطن هدأ السد وانطلقت الروح تنمو وتنشط،
ففي الصيام حلاوة لا يدركها إلا من صام من أجل الله بصدق. ولا يعرفها إلا الذين
خالطت بشاشة الإيمان قلوبَهم، وهذه هي الروحانية العجيبة التي نحياها في رمضان،
روحانية صائمٍ ؛ بذرها بالجوع وسقاها بالدموع وقواها بالركوع وحسنها الخشوع والخضوع
، روحانية صائم ؛ فيها السعادة واللذة والأفراح والأشواق ما لا يبثه لسان ولا يصفه
بيان، روحانية صائم؛ فيها الأرواح تهتز وترتاح وتطير بغير جناح، فهي في أفراح
وأفراح . محاضرة للشيخ/
إبراهيم الدويش
الوقفة
الثانية : الهدف من الصوم :
إن الغاية الأولى والهدف الأسمى من صيام رمضان.
*** هو إعداد القلوب للتقوى ومراقبة الله تعالى .
*** إعداد القلوب لخشية
الله.
فالصوم يجعل القلوب
لينة رقيقة، يجعلها ذاتَ شفافية وحساسية، يجعلها وجلة حية.. يوقظ القلوب، فإذا فسد
الناس في زمن من الأزمان فإن صلاحه لا يكون بالتشدد والتنطع، بل يبدأ الصلاح بإعداد
القلوب وبث حرارة الإيمان فيها، وخوف الله ومراقبتُه ، والإسلام لا يقود الناس
بالسلاسل إلى الطاعات، إنما يقودهم بالتقوى ومراقبةِ الله والخوفِ منه.
الوقفة الثالثة " مع
القرآن :
عن ابن عباس قال كان رسول
الله صلى اللهم عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل
وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى اللهم عليه وسلم
أجود بالخير من الريح المرسلة [ البخاري 6 مسلم 2308 ].
قال الإمام ابن رجب : دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان
والاجتماع على ذلك ، و عرض القرآن على من هو أحفظ له … و فيه دليل على استحباب
الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان ، وفي حديث فاطمة عليها السلام عن أبيها أنه
أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة و أنه عارضه في عام
وفاته مرتـــين [ البخاري 3624
و مسلم 2450 ] [ لطائف المعارف 354،355 ].
قال رحمه الله : و في حديث ابن عباس أن المدارسة بينه و بين جبريل
كانت ليلا يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا فإن الليل تنقطع فيه
الشواغل و يجتمع فيه الهم ، و يتواطأ فيه القلب و اللسان على التدبر كما قال تعـالى
{ إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا } [ لطائف المعارف 355 ]
وقد كان للسلف رحمهم الله اجتهاد عجيب في قراءة
القرآن في رمضان بل لم يكونوا يشتغلون فيه بغيره .
كان الزهري إذا دخل رمضان يقول : إنما هو قراءة
القرآن و إطعام الطعام .
قال ابن الحكم : كان مالك إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث و
مجالسة أهل العلم .
قال عبد
الرزاق : كان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة و أقبل على قراءة القرآن
.
وقال سفيان : كان زبيد
اليامي إذا حضر رمضان أحضر المصاحف و جمع إليه أصحابه .[ انظر اللطائف359،360 ]
وكانت لهم مجاهدات من كثرة الختمات رواها الأئمة
الثقات الأثبات رحمهم الله0
كان الأسود يختم القرآن في رمضان كل ليلتين ، وكان قتادة إذا جاء
رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة ، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة ، وقال ربيع بن
سليمان : كان محمد بن إدريس الشافعي يختم في شهر رمضان ستين ختمة ما منها شيء إلا
في صلاة ، وروى ابن أبي داود بسند صحيح أن مجاهدا رحمه الله كان يختم القرآن في
رمضان فيما بين المغرب و العشاء ، وكانوا يؤخرون العشاء في رمضان إلى أن يمضي ربع
الليل ،
الوقفة الرابعة
" تذكير :
قوله صلى
الله عليه وسلم :{ إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنةوأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين } متفق عليه
.قال القاضي عياض –
رحمه الله تعالى – : يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته
, وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول
الشهر , وتعظيم لحرمته , ويكون التصفيد ليمتنعوا من إيذاء
المؤمنين والتهويش عليهم , قال : ويحتمل أن
يكون المراد المجاز , ويكون إشارة إلى كثرة الثواب والعفو , وأن
الشياطينيقل إغواؤهم وإيذاؤهم
فيصيرون كالمصفدين , ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء , ولناس دون ناس , ويؤيد هذه الرواية الثانية : ( فتحت أبواب الرحمة )
وجاء في حديثآخر : ( صفدت مردة
الشياطين ) قال القاضي : ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارةعما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا
الشهر التي لا تقع في غيره عموماكالصيامِ والقيامِ وفعل الخيراتِ والانكفاف عن كثير من المخالفات , وهذه
أسباب لدخولالجنة , وكذلك
تغليقُ أبوابِ النار وتصفيد الشياطينِ عبارةَ عما ينكفون عنهمن المخالفات0
فلو قال قائل :
فإذا كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان ، مع
أن الشياطين مصفدة ؟ فالجواب : – أنها تقل عن الذي حافظ على شروط الصيام وراعى
آدابه ، وأن المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم 0
– أو المقصود : تقليل الشرور فيه 0 وهذا ملاحظ محسوس
0
– لا يلزم من تصفيد الشياطين أن لا يقع شر ولا معصية
، فقد يقع الشر من غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين
الإنسية 0
إذن لماذا لا
يُستغل تصفيد الشياطين وفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران و انكسار النفوس
ورقة القلوب في هذه الشهر العظيم يحسن العمل والاجتهاد فيه بالطاعات 0
الوقفة الخامسة " اقتراح :
شراء حاجيات رمضان وملابس
العيد قبل رمضان وفى ذلك مكاسب منها :
– استغلال أيام وليالي رمضان وخاصة العشر الأواخر بلأعمال الصالحة
فما الذي يحدث ؟ يضيع وقت كثير من النساء وكذلك أولياء أمورهن في الذهاب للخياط
تارة أو الذهاب للمعارض أو الأسواق وهكذا تضيع الأوقات الثمينة في أمور يمكن قضائها
والانتهاء منها قبل دخول الشهر أو في أوله حيث تكون الأسواق شبه فارغة والأسعار
رخيصة فلماذا ننتظر إلى وقت الزحام وغلاء الأسعار ؟!
– تفريغ الزوج وعدم إشغاله في أعظم الأيام وهى
العشرة الأواخر لماذا أفتن ولدى أو زوجي أو غيره بمخالطة النساء المتبرجات في مثل
هذه الأيام الفاضلة؟
–
يمكن إعداد بعض الأطعمة وحفظها
أو تجميدها قبل رمضان 0
الوقفة السادسة " استحضار النية وكثرة الذكر أثناء عمل البيت
فالمرأة في رمضان يذهب
الكثير من وقتها خلال هذا الشهر المبارك في مطبخها خاصة في الساعات المباركة مثل
ساعات الغروب وأوقات الاستجابة وكذلك ساعات السحر في وقت السحور0 فعليها أن تنتبه
لهذه الأمور :
Ý– استحضار
النية والإخلاص في إعداد الفطور والسحور واحتساب التعب والإرهاق في إعدادها فعن أنس
رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا
المفطر قال فنزلنا يوماً منزلنا حاراً وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء ومنا من يتقى الشمس
بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال النبي صلى
الله عليه وآله وسلم " ذهب المفطرون اليوم بالأجر "
إذن فيا أيتها المسلمة إن عملك لا يضيع أبداً بل هل
تصدقين أن قلت لك أن هذا العمل حرم منه كثير من الرجال ؟ لأن القائم على الصائم له
أجر عظيم فما بالك وأنت صائمة ثم أنت أيضاً تعدين هذا الطعام وتقضين كثيراً من وقتك
في إعداده فلا شك أنك على خير0
ȝ– يمكنها استغلال
هذه الساعات في الغنيمة الباردة وهى كثرة الذكر والتسبيح والاستغفار والدعاء وأذكار
المساء وهى تعمل . فإنها تجمع بين الحسنيين استحضار النية وكثرة الذكر والدعاء وهى
تعمل وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
ج- الاستماع
للقرآن والمحاضرات عبر جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ والاستماع لإذاعة القرآن الكريم
والفتاوى اليومية وغيرها من البرامج النافعة 0
الوقفة السابعة " استغلال وقت الحيض والنفاس في
الذكر وأعمال البر
الصلاة
في أول وقتها من أعظم الوسائل لاستغلال رمضان والملاحظَ خاصة عند بعض النساء تأخيرَ
الصلاة عن وقتها وذلك لعدم ارتباطها بالجماعة والتكاسل عنها ثم نقرها كنقر الغراب
بحجة إما العمل في المطبخ أو التعب من الصوم أو غيرها من الأعذار فعلى المرأة أن
تحرص على المحافظة على الفرائض الخمس في وقتها بخشوع وخاصة في هذا الشهر المبارك
والذي كما ذكرت تتضاعف فيه الحسنات وتتنوع فيه العبادات 0وأيضاً فبعض النساء إذا
حاضت أو نفست تركت الأعمال الصالحة وأصابها الفتور مما يجعلها تحرم نفسها من فضائل
هذا الشهر وخيراتهَ فنقول لهذه الأخت وإن تركت الصلاة والصيام فهناك ولله الحمد
عبادات أخرى مثل الدعاء والتسبيح والاستغفار والاستماع للقرآن وتدبره ، كذلك قراءته
وإن كان في قراءته خلاف مشهور بين العلماء،لكن الأقرب والله أعلم أنه يجوز قراءته
دون مس للمصحف إلا بحائل 0
كذلك الصدقة والقيام على الصائمين وتفطيرهم وغيرها من الأعمال الصالحة
الكثيرة 0
الوقفة الثامنة
" وضع جدول غذائي منتظم
إذا نظرنا إلى المأكولات الكثيرة والمشروبات وتنوع أصنافها على سفرة
الإفطار فإنك تضطر إلى أن تقول لماذا يا أيتها المرأة المسلمة فلماذا لا نجعل لك
جدولاً غذائياً منتظماً لتقسيم هذه الأصناف على أيام الأسبوع فهل يشترط أن نرى جميع
الطعام في كل يوم ؟ لا يشترط هذا . وهل يشترط أن نرى جميع أنواع العصائر في كل يوم
؟
أننا بهذا التنظيم نكسبَ
أموراً كثيرةً منها :
أولاً : عدم
الإسراف في الطعام والشراب وقد نهينا عن ذلك
ثانياً : قلة المصاريف المالية وترشيد الاستهلاك 0
ثالثاً : التجديد في أصناف المأكولات والمشروبات وإبعاد الروتينِ والمللِ بوجود
هذه الأصناف يومياً .
رابعاً :حفظ وقت
المرأة وأهلها ومن يعينها كخادمتها واستغلال الأوقات بما ينفع
وبما أن المرأة كذلك
مسئولة عن الإسراف في بيتها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كلكم راع
وكلكم مسئول عن رعيته . . ثم قال " والمرأة راعية في بيت زوجها وهى مسئولة عن
رعيتها "
الوقفة التاسعة "
مسابقات في حفظ القرآن والسنة
وهى خاصة للكبار والصغار وذلك بطرح مسابقات رمضانية لهم إما بحفظ بعض
الأجزاء من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو بمعرفة سيرة الصحابة معرفة شاملة
أو غيرها من المسابقات النافعة وتوزيعَ الجوائز عليهم 0لما له أثر ذلك على الصغار
واستغلال أوقاتهم وحفظهم من الشوارع ووسائل الإعلام 0 وأثر على الآباء بل على
النساء أيضاً في البيوت وإننا لنسمع تشجيع كثير من الأمهات والأخوات لكثير من
الصغار لمثل هذه الأمور إذا طرحت من جماعة المسجد فهل يقوم أئمة المساجد بدورهم
الحقيقي في الحي .
الوقفة
العاشرة " تعويد الصغار على الصيام وفعل الخيرات :
وهى تعويد الصغار على الصيام والقيام ، وهي فرصة
لعدم وجود دراسة الآن ، وتشجيع الأب بصحبتهم للمسجد تارة وبالثناء تارة وبالكلمة
الطيبة وبالجوائز بل وتعويدهم على الصدقة وبذل الطعام وتوزيعه على الفقراء
والمساكين المجاورين .
وعندما تعطى الطفل الصغير
ليوزعه بنفسه للجيران وللفقراء والمساكين وتذكره بالأجر وبفضل هذه الأعمال فإن ذلك
ينشئه نشأة صالحة تقول إحدى الأمهات لصغيرها بعد أن وزع بعض الأشياء على بيوت بعض
الجيران قالت له وكان وقت وجبة الغداء قالت له : تغديت ؟ قال نعم تغديت أجراً !!
فنتمنى حقيقة أن يعيش صغارنا مثل هذه المعاني الجميلة التي تربيهم وتنشئهم تنشئة
صالحة والأمر كما قال
الشاعر : وينشأ ناشئ الفتيان
منا على ما كان عوده أبوه
وتقول الربيع بنت معوذ عن صيام عاشوراء " فكنا نصومه بعد ونُصومه
صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك ( أي
اللعبة ) حتى يكون عند الإفطار "
أي حتى يُتم صومه ذلك اليوم تُشغله بهذه اللعبة وفى ذلك تمرين لهم
وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الفعل 0
الوقفة الحادية عشر" وقت السحر من أجمل الأوقات
ومناجاة المولى جلا وعلا :
وفى رمضان لا شك نستيقظ للسحور فأين أنت من ركعتين تركعهما في ظلمة
الليل تناجى فيهما ربك فكثير من الناس عن هذا الوقت المبارك غافلون .
وبعض الناس يتصور أنه إذا
صلى التراويح مع الناس وأوتر في أول الليل انتهت صلاة الليل واكتفى بذلك وحرم نفسه
من هذه الأوقات الثمينة والدقائق الغالية
فالله الله في استغلال السحر ما دمت فيه يقظان فأن من صفات أهل الجنة
التي ذكرها الله تعالى في سورة آل عمران " الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين
والمستغفرين بالأسحار " الآية
(17)
ثم أيضاً ذكر سبحانه
وتعالى في سورة الذاريات أن من صفات المتقين أصحاب الجنات والعيون قال " وبالأسحار
هم يستغفرون " الآية (18)
هذه من صفات المتقين فهل
تستغل هذه الأوقات في الاستغفار ؟ فإن قلت نعم فأقول عليك بسيد الاستغفار ،عليك
أيضاً بكثرة التكرار مائة أو سبعين مرة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
كل ليلة وفى كل وقت من أوقات السحر خلال هذا الشهر المبارك 0
وأخيراً لا تنسى أن من
السبعة الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله " ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه "
وهذا ليس خاص بالرجال فقط ففضل الله واسع 0
الخاتمة
هكذا نحيا رمضان، عندما نفهم حقيقة الصيام ونشعر بحلاوة الإيمان،
فسبحان من أشهد عباده جنته قبل لقاءه، وفتح لهم أبواباً في دار العمل فآتاهم من
روحها ونسيمها وطيبها ما استفرغ قواه لطلبها والمسابقة إليها، أما الحلاوة الحقيقية
فيكفى قول الحق عز جل؛ "فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا
يعملون " ..
نحن في رمضان
موسم الخيرات فهلموا إلى دار لا يموت سكانها ولا يخرب بنيانها ولا يهرم شبانها ولا
يتغير حسنها وإحسانها؛
هوائها النسيم.. يتقلب أهلها في رحمة أرحم الراحمين.. ويتمتعون
بالنظر إلى وجهه الكريم كل حين.. دعواهم فيها؛ سبحانك اللهم، وتحيتهم فيها سلام
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.
نسأل الله الكريم من فضله العظيم أن يبلغنا جنة الفردوس الأعلى بفضله
ورحمته ووالدينا وجميع المسلمين 0
اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام
0
اللهم سلمنا إلى رمضان
وسلمه لنا وتسلمه منا متقبلاً 0
وكل سنة وأنتى طيبة