يعتبر أهل الخليج من أكثر البلدان العربية عشقاً للعطور ، وقد أبدع أهل تلك
البلاد في إعداد العطور ، ويهمس لنا التاريخ بأن العطر أصله عربي وبأنه لولا
العرب ما عرفت الإنسانية العطور بشكلها العصري المتطور .
فقد ولع العرب قبل الإسلام بالطيب والتطيب حتى أصبح من مظاهر حياتهم
اليومية ، وتفيد بعض الدراسات بأن للطيب دوراً كبيراً في حياة المجتمع العربي
والإسلامي فقد استعملوه في شتى المناسبات سواء في أحزانهم أو أفراحهم .
أما في العصر الإسلامي فقد ازداد اهتمام العرب بالطيب فكان الرسول eيحث
أهل بيته على الإكثار منه ، واستعماله وأمر أن يجعل في جهاز السيدة فاطمة
عند زواجها من الإمام علي رضي الله عنهما في ثيابها ، ويذكر ابن قتيبه عن
النبي eأنه قال : " خير طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفى لونه ، وخير طيب
النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه " وحث النبي eعلى التطيب عند صلاة الجمعة ،
وقد حافظ المسلمون على التطيب حرصاً على طاعة التعاليم النبوية .
وقد ارتبط الجمال بالمرأة ، فارتبطت هي بالعطر ، ومنذ زمن بعيد اهتمت المرأة
في الإمارات شأنها شأن شقيقاتها في الخليج بالعطور والبخور داخل وخارج
منزلها ، حتى أصبح العطر شيئاً هاماً للأسرة ، ومظهراً من مظاهر الترحيب
بالضيوف، فالإنسان الخليجي أكثر استخداماً وارتباطاً وشراء العطر .
والعطور الخليجية تختلف عن غيرها من العطور في جاذبيتها وأصالتها ، وهي
ليست وقفاً على المرأة وحدها ، فالرجال لهم عطور خاصة بهم ، ويقبلون عليها
لأنها نابعة من تراثهم .
وتتمتع المرأة الخليجية التي ما زالت تحرص على التطيب بذوق خاص في
استخدام العطور التقليدية ، التي كانت وما زالت أكبر مركز لتصدير المواد الخام
اللازمة لصناعة العطور ، ومن بينها دهن العود وهو أشهرها وعرق الصندل
وعرق الزعفران وعرق العنبر وعرق المسك وعرق الحنة وهب النسيم والياسمين
ومشموم الهند وعطر الياس وعطر النديم .
ولكل نوع من أنواع العطور استخدامات معينة وهناك عطر خاص من أجل الفراش
، وهو يتكون من المسك السائل ودهن الورد وماء الكولونيا ويعطر به الفراش .
وهناك "المخمرية" التي تخص العروس وهي مجموعة من العطور مثل المسك
والزعفران ودهن العود والعنبر وعرق الصندل ، وهذه المواد كلها تخلط وتعتق
ويفضل استخدامها خلف الأذن وفي اليدين، وهناك "الزعفران" الذي يستخدم
كبودرة بعد أن يضاف إليه المسك وجوزة الطيب وتدهن به الجبهة .
وهناك " الورس" وتخضب به العروس جسمها كله ولا تزيله إلا بعد أربعة أو
خمسة أيام ، ليضفي على جسمها لوناً أبيض ورائحة طيبة ، وهو عبارة عن ورق
شجر مطحون إليه النيل ، وتعكس هذه العناصر الحيوانية والنباتية مدى
الاستفادة منها في صنع مستحضرات العطور ، وإدراك مدى الاهتمام بكافة
النباتات ذات الرائحة الطيبة .
ومن العطور التي تستخرج من المصدر الأول "العناصر الحيوانية" المسك والعنبر
، أما العطور من النبات فإنها تستخلص بصفة عامة من بعض النباتات كالأزهار
والأوراق والثمار والقشور والبذور وأهمها البنفسج والنرجس والسوسن والزئبق
والياسمين .
وهي تتمتع بذوق خاص في استخدام العطر ، وكثيراً ما تعمد إلى خلط ومزج
أنواع عديدة من تلك النباتات فيما يسمى بـ"الخمرية" والعطور الخليجية تختلف
عن غيرها من العطور في جاذبيتها وأصالتها .
والعطور الخليجية لها فوائدها الطبية حيث يستخدم بعضها لعلاج الآلام والأمراض
، وعلى سبيل المثال يستخدم زيت الصندل والياسمين لعلاج الالتهابات والجروح
في حين يستخدم دهن العـود في علاج الكحة والسـعال .
أنـواع البخـور :
إذا كـان الغوص من أهم مظاهر الحياة في الزمن القديم ، واختفى مع مرور الأيام
بفضل تطور المجتمع ، فما زالت بعض مظاهر الحياة في ذلك الوقت ، موجودة
حتى الآن في بعض البيوت ، ومازالت هناك بعض الأسر تحرص على التمسك بها
، ومن ذلك مثلاً البخور .
والبخور مازال استعماله شائعاً حتى اليوم في بعض البيوت وقد يحرص البعض
على استعماله كل يوم ويكتفي آخرون بحرقة في المناسبات .
وفي الزمن القديم كـان البخور أحد مظاهر الحياة اليومية ، بل أكثر من هذا ،
فإن للبخور أنواعاً عديدة ، ومنها ما يستعمل بحالته الطبيعية ، كما هو كنبات .
بل أكثر من هذا أن هناك بخوراً خاصاً للنساء وبخوراً آخر للرجال ، ويجوز لكل
مناسبة يختلف عن غيرها.
واهتمامهم بالبخور وحرصهم على استعماله يرجعونه إلى عقيدة إسلامية ، فهم
يقولون أن الأنصار لدى خروجهم لاستقبال الرسول eعندما وصل المدينة مهاجراً
وهم ينشدون طلع البدر علينا من ثنيات الوداع ، كانوا يطلقون البخور ، كتعبير
عن فرحتهم وترحيبهم به . ومن مظاهر هذا الترحيب أن يستقبلوه برائحة عطرة .
ولهذا فان استخدام البخور يرتبط في الأذهان بذكر الرسول عليه الصلاة والسلام .
للرجـال فقـط :
والبخور الرجالي يقتصر عادة على حرق العود وحده ، وتستخدم له المباخر
المصنوعة من الفخار ، ومازال هذا النوع من المباخر يستعمل حتى الآن في بعض
المناسبات ، وإن كـان الشائع استعمال المباخر المصنوعة من النحاس .
والعود عادة يستورد من الهند ، ويحرص الرجال على التطيب به في الأعياد
وقبل الخروج للصلاة وعند الزيارة .
أما النسـاء فستخدمن نوعـاً من البخـور اسـمه الدخون .
ومعظم النساء يتفنن في صناعة الدخون ويعرفن جيداً مكوناتها ونسب كل منها
، فالدخون تصنعه النساء من عجينه مكونه من سجا العود والمسك والعنبر ،
تخلط معاً وتعجن ، وتشكل على شكل أقراص مستديرة ، توضع في الخوص
وتعلق عليها الثياب لتظل الرائحة عالقة بها دائماً ، حتى بعد غسلها.
وهذا لا يمنـع أن تحرص المرأة على حرق البخور في البيت كل مسـاء .
البخـور للمريـض :
من العادات الشائعة لاستعمال البخور ، حرقة في حالة المرض ، وترجع هذه
العادة إلى اعتقاد آخر بأن رائحة البخور الذكية تطرد الشياطين ، وتذهب الحسد
فيشفى المريض ، ولكن هناك اعتقاداً آخر لإطلاق البخور في غرفة المريض ،
ربما كـان أكثر موضوعية ، يرجع إلى أن طول رقاد المريض على فراش المرض
يؤثر على رائحة الغرفة ، والبخور أفضل وسيلة لتغيير هذه الرائحة .
ويستعمل البخور أيضاً في حفلات العرس ، فلا تكاد تمضى ساعة حتى يطوف
حملة المباخر ، بالمدعوين ينشرون بينهم الدخان العطر وهم يرددون الصلاة على النبي .
البخـور لصـرف الضيوف :
ومن أطرف ما يروى عن تقاليد استعمال البخور ، انه إذا ضاق صاحب البيت
بزواره بعد أن طالت فترة زيارتهم أو مل حديثهم ، فانه يهرع إلى المبخرة ،
ويشعل فيها المسك ويطوف عليهم متمتماً " ختام مسك " ، فينهض الضيوف
للانصراف ، قالقول الشائع بينهم هو "ما بعد العود قعود " .
البخـــور :
ويعتبر البخور والدخون أشياء أساسية وضرورية في البيت العربي ، وهي
أنواع كثيرة منها الحست والعنبر والمسك والحبوب ، ودخون العود على سبيل
المثال تصنع بطحن العود ثم إضافة المسك ودهن الورد إليه ، ثم يعجن مع
مجموعة من العطور ويضاف إليها العنبر ن وتشكل على هيئة أقراص وتستخدم
بعد أن تجف ، أما البخور فعادة ما يكون من العود ويوضع مع الفحم المشتعل
لتحية الضيوف.
· وزن العطـور
– توزن معظم العطور الخليجية الجيدة بوحدة وزنيه تسمى التوله ، ويختلف
سعرها من عطر لآخر حتى النوع الواحد يختلف ثمنه حسب النوعية ، ودهن العود
ودهن الورد من أغلى الأنواع
تحياتي ..