جاءت الزوجة الشابة تتهادى كأنها غصن البان أو قمر أربعة عشر فاض من خلال الغمام وعلى وجهها ابتسامة مشرقة كأنها مفتاح باب الحياة إلى البهجة والنعيم, جاءت لزوجها وقالت بابتسامتها الحلوة وصوتها الجميل:
ـ خالتك على التلفون..
فنظر إليها بسرعة وقال:
ـ حولي المكالمة عندي هنا..
وخف ت الزوجة كالقطاة أو المهاة فحولت المكالمة إليه في غرفته بسرعة, ثم جاءت ودخلت عنده وجلست على طرف الكنب الوثير جلسة رشيقة رقيقة وأخذت مجلة ملقاة على الكنب وصارت تتصفحها وكانت أول مرة تجلس بجانب زوجها هكذا وهو يكلم أحدا فلفت انتباهها صوت زوجها وما فيه من حيوية وسعادة وحبور فألقت المجلة ووضعت ذقنها على يدها وأخذت تستمع إليه وهو يتحدث بمهارة وحرارة:
ـ الله يسعدك يا خالتي ويرضى عليك..
ـ …
ـ أنت دائما سب اقة بالفضل والنـ بـل والخير..
ـ …
ـ فوق ما تتصورين! أنا والله أتذكرك دائما وأشتاق إليك..
ـ …
ـ الله يا خالتي.. كلامك عسل.. وأنا سعيد ومغتبط أن مثلك في الوجود..!
ـ …
ـ القلوب شواهد يا عزيزتي الغالية.. وأنا يصيبني الصداع لو أقعد ثلاثة أيام ما أزورك وأحب رأسك..
ـ …
ـ والله أنا أحبك وأنا صغير.. وأحبك وأنا مراهق.. وأحبك الآن وأنا شاب!
ـ …
ـ وسأفضل أحبك طول العمر..
ـ …
ـ لا والله يا خالتي.. إن الذي في قلبي لا يستطيع أن يعبر عنه لساني.. أحبك وأنا صغير لعطفك ورقتك وروعة أخلاقك.. وأحبك وأنا مراهق لحنانك وحسن فهمك وعظيم فضلك.. وأحبك وأنا شاب لعظمة شخصيتك وندرة وجود مثلك في هذا الكون!
"وكانت الدهشة والاستغراب تتصاعد في عيني الشابة الجميلة وهي تسمع زوجها وتنظر إليه وهو منفعل مع خالته غير حاس بوجودها! وحين وصل إلى المقطع الأخير همست الشابة بصوت مسموع وبدون شعور: حشا حشا..! ولكنه لم يسمعها ولم يرها فقد كان مندفعا مع خالته.."
ـ …
ـ الله يحييك ويخل يك لعين ترجيك وأنا أول ها العيون!
ـ …
ـ خالتي: أبلغك من أعماق قلبي أن ي أحبك في الله.. أحبك في الله.. وأسأل الله الذي جمعنا على محبته في دار طاعته أن يجمعنا على محبته في جنته إنه على كل شيء قدير..
ـ …
ـ نفس الشعور.. وأكثر.. وأكبر.. القلب يمتلئ بالشعور واللسان يعجز عن التعبير..
ـ …
ـ الله يسل مك ويسعدك ويخل يك..
ـ …
ـ ابشري طال عمرك.. بكرة بحول الله أتشرف بزيارتك وحب رأسك!
ـ …
ـ مع السلامة الله يرضى عليك ويطو ل عمرك..
ـ …
ـ مع السلامة!
ووضع السماعة وزوجته تنظر إليه مدهوشة مبهوتة وقد علا محياها الجميل رقة واستغراب وإعجاب مما زادها جمالا على جمال.. أول مرة يحس بوجودها ويراها بجانبه.. تركت يدها من تحت ذقنها وهتفت وهي تحركها:
ـ تعرف تتكلم!
وقبل أن ينبس قالت:
ـ صرت رادو يصدح بالموسيقى والشعر ويصب ع س ل الكلام وأنا لي سنة متزوجتك أحسبك "أطرم" شريت رادو يونسني
قال ضاحكا :
ـ هذي
فقاطعته منفعلة:
ـ لنا الله.. أحبك وأنا صغير.. وأحبك وأنا مراهق.. وأحبك وأنا شاب.
قال وهو يبتسم:
ـ وأنا صادق.. خالتي لها فضل علي وأنا والله أحبها.
قالت الشابة بلوعة:
ـ وأنا ما تحبني؟
قال بسرعة:
ـ إلا ..!
قالت بحسرة:
ـ ما قد قلت لي!.. أنا أحسبك أطرم.. أنا أحسبك ما تعرف تعبر عن الحب بالكلام.. وسمعتك بأذني عبدالحليم أو نزار لكن مع غيري!
قال مستغربا :
ـ هذي خالتي حبها شكل ثاني حب الولد لأمه.
قالت منفعلة:
ـ أدري.. أنا ما أغار منها.. ولكني أريد حب الزوج لزوجته.. هذا إذا كنت تحبني.
قال بمرح لا يتساوق مع انفعالها:
ـ أحبك يا جميل وإنت تدري
قالت وهي تنفض يديها الجميلتين:
ـ ما أدري!.. إذا كنت ما تقول لي كيف أدري؟!
قال:
ـ تدرين!.. الحب في القلب
قالت غاضبة:
ـ ليه خالتك ما درت أن الحب في القلب؟ وليه ما اعتمدت على أنها درت ان الحب في القلب وسكت معها كما تسكت معي؟ ليه أسمعتها من العواطف والكلام الحار الصادق في خمس دقائق ما لم أسمعه منك في سنة كاملة هي عمر زواجنا كله حتى في شهر العسل ما سمعت ربعه..
قال صادقا :
ـ خالتي يا عزيزتي ملسونة ولازم أصير معها "ملسون"..
قالت:
ـ وأنا مالي لسان؟!
قال:
ـ لا..! ما عمري سمعت منك كلام العواطف..
هتفت:
ـ لأني انتظره منك.. إذا قلت ه سمعت ه..
قال:
ـ وأنت "إذا قلتيه سمعتيه" ولكنك "لم تقوليه" فكيف تسمعين صدى لصوتك الذي لم ينطلق أصلا
قالت باستغراب:
ـ يعني أنت مجرد صدى؟!
قال بإحراج:
ـ كلنا صدى.. كلنا صدى لبعض.. وكلنا يجب أن نشترك في عمل معزوفة الحب.. أنت سمعت كلامي ولا سمعت كلام خالتي.. ما شاء الله عليها اندفعت علي وقلبها على لسانها ينطلق بالدعاء وينهال بحب الأم وينتفض بأروع الكلمات هنا لابد وبدون شعور أن أجيبها بمثل ما تقول أو أفضل إذا استطعت, فالشعور يحرك الشعور, والكلام يجر الكلام, والحب يبعث الحب.
قالت:
ـ يعني تريدني وأنا المرأة أبثك كلمات الحب؟
قال:
ـ لا تعنيني كلمة الحب مباشرة.. أريد كلمة صادقة فيها إعزاز وسوف تكون كالشرارة التي توقد نار حبي وكالعاطفة التي توقظ حنين مشاعري وكاليد التي تفك عقدة لساني..
قالت:
ـ وأنا؟!.. ألا أحتاج منك إلى تحريك مشاعري حتى أعلو على تفاهة الكلام العادي وأحدثك بحبي؟.. أنا أولى منك بهذا.. أنا امرأة وأنت رجل.. أنا سالبة وأنت إيجابي.. أنا خجولة وأنت جريء.
قال يحاول أن يمزح:
ـ الحسناء والجريء
قالت وهي لاتزال منفعلة:
ـ لا تمزح!.. حتى الحسناء والجريء يكفي منها العنوان.. إن الحسناء هي قصيدة شعر.. كلها قصيدة حب وشعر بمجرد أن تقف أمام الجريء بدون أن تتكلم, فهي إذا كانت حسناء وتتأنق له فهذا يكفي جدا ولو لم تقل له كلمة.. إنها أمامه لوحة حب رائعة تريد الوصف وتشتاق الإعجاب.. إنها أمامه منظر رائع بديع من يقف أمامه يصدر آهة الإعجاب إذا كان حيا حتى بدون أن يتكلم المنظر, والمنظر لن يتكلم طبعا ولكنه يتكلم بلسان الحال وبلغة الجمال فيدعو ناظره إلى التأوه والإعجاب إلا إذا كان كالرماد أو الجماد لا حياة لمن تنادي..
قال متنهدا :
ـ الزواج يا عزيزتي الزواج!.. إنه يجعل أجمل المناظر معتادا مع الأيام والوصال
هتفت:
ـ إذن هو الحرمان.. سأحرمك حتى تشتاق.. سأحرمك حتى تحس بي أجمل الإحساس.. سأحرمك حتى ..قاطعها ضاحكا :
ـ تتزوج علي .. سأحرمك حتى تتزوج علي !
قالت غضبى:
ـ لم يبق إلا هذه !..
قال جادا :
ـ الحرمان مطلوب في الزواج ولكن بشرط ألا يتجاوز الحدود وإلا فإنه قد يدفع الي الزواج الآخر فعلا .. والدلال مطلوب ولكن بشرط ألا يزيد وإلا تحو ل إلى ثقل..
قالت:
ـ أنت ثقيل معي الآن.. تزعم أنك تحبني حين اسألك ولكنك لا تقول لي.. هل أطلب منك الحب؟ الحب شيء لا يـطلب.
فك ر قليلا ثم قال جادا :
ـ أحبك من قلبي.. وأنت كل دنياي وكل سعادتي في هذه الحياة.. وقد تزوجتك عن حب وأنت تعرفين هذا.. ولكن هناك عدة أمور تافهة تحول بيننا وبين إشهار هذا الحب وإشعال ناره كل يوم.. منها البلادة والعادة والروتين.. ومنها الخجل والحياء والكبرياء الزائف.. سواء مني أو منك فتعالى نتواعد على أن نتبادل كلمات الحب ومشاعر الإعجاب بلا خجل ولا كبرياء ولا استسلام إلى العادة السخيفة التي تجعلنا نهمل مشاعرنا ونسجن عواطفنا ونكمم أفواهنا عن كلام الحب.. إن أي شيء يـه م ل ي ت عط ل ثم يفقد وظيفته ثم يموت.. إننا نرتكب جريمة حين نسجن حبنا في قلوبنا ولا نجعله يرى النور.. إن السجين في العصور الوسطى إذا وضع في زنزانة مظلمة يفقد بصره مع الظلام ولا يعود يبصر حتى حين يـطلق ويخرج للنور
تصدق ان هالكلام اللي كاتبه يشير الى حال اغلب اللي متزوجين.
واله يعطيك العافيه نبهتنا على اشياء ماكنا نعرفها
الصراحه قصه حلوه و فيها حكمه .. و عجبني المثال اللي عن سجين العصور الوسطى لانه هالمثال مو بس ينطبق على الكلام المعسول لكنه ينطبق على امور كثيييره حلوه في حياتنا و نظل نقول لانفسنا مو مشكله عندنا وقت نرجع نعوض اللي فاتنا مع ان الفرصه امامنا ..
الله يواليكم العافيه .. ويرزقكم محبت زوجكم ..
شكرا على المرور ..
انا بعدي انسه :shy:
بس مشكوووووره على دعوتج و ان شاءالله تتحقق اذا تزوجت :shy:
قصدي مشكوووووور يا اخ عبدالرحمن :shy:
اسفه ما انتبهت :shy:
مشكور على المشاركة الجميلة
لابد من إظهار المشاعر بين الزوجين خاصة لِتجديد العلاقة بينهما وتقويتها
وغيرها من العلاقات ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا احب
احدكم أخاه فاليخبره فمن باب اولى الزوجين
مرحبا اختي سر1ب شكراً على مرورك الكريم ..