213 فتاة سعودية يقاضين أولياء أمورهن لـ"منعهن" عن الزواج
نظرت المحاكم الشرعية في أربع مدن سعودية خلال السنوات الأخيرة في 213 دعوى قضائية من فتيات بفئات عمرية مختلفة، ضد أولياء أمورهن طالبن فيها "بإنصافهن" من قضية العضل والتحجير؛ أي منعهن من الزواج دون وجود سبب وجيه، فيما اعتبر الداعية الإسلامي المعروف سلمان العودة أن إجبار المرأة على الزواج ممن لا ترغب فيه يعتبر بمثابة اغتصاب لجسدها.
وبحسب المصادر القضائية في الرياض، والدمام، والجوف، وجازان فقد تباينت نسب القضايا بين المدن الأربع بحسب درجة تحفظها وانفتاحها. حيث احتلت العاصمة السعودية التي تعد أكبر المدن في المملكة من حيث المساحة وعدد السكان النصيب الأكبر من تلك القضايا إذ استقبلت المحكمة العامة في الرياض 164 قضية من قضايا التحجير والعضل للمرأة منذ 2024 وحتى الفترة الحالية، وذلك وفقا للتقرير الذي أعدته الزميلة هدى الصالح من صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية.
وفي الجوف تم تسجيل 30 دعوى قضائية، وفي الدمام 17 حالة، ودعويان قضائيتان في جازان، فيما لم تسجل دعاوى من هذا النوع في عرعر شمال السعودية، وفي المقابل اعتذرت محاكم في جدة ومكة المكرمة ومدن أخرى، عن منح الصحيفة إحصائيات عن عدد القضايا التي نظرتها في هذا النوع، واستندت في ذلك إلى عدم الحصول على إذن من الوزارة، بينما اعتذرت أخرى لعدم وجود تصنيف لديها للقضايا بشكل أدق.
يشار إلى أن وزارة العدل تصدر بيانات إحصائية عن القضايا التي نظرتها بشكل عام من دون تفصيلها. ومن خلال الأرقام التي ذكرتها مصادر قضائية، لوحظ ارتفاع معدل القضايا المرفوعة من قبل الفتيات والتجرؤ على مواجهة الآباء أمام المحاكم الشرعية، مطالبات بحقوقهن الشرعية عاما بعد آخر.
ففي عام 2024 وقبيل تحذير المفتي العام للسعودية وهيئة كبار العلماء من مغبة الحجر وعضل المرأة، بلغ عدد ما استقبلته المحكمة العامة في الرياض 49 قضية حجر، ليزيد عدد الشاكيات في 2024 عن العام الذي سبقه إلى 52 قضية. وبلغت محصلة ما شهده عام 2024 من دعاوى قضائية بحق أولياء أمور وآباء آثروا التحجير على فتياتهم 54 دعوى، جزء كبير منها ـ حسب المصادرـ لأغراض منفعية كاستغلال أموالهن أو توقع حصولهن على ممتلكات في المستقبل، إلى جانب مسببات أخرى مرتبطة بالعادات والتقاليد المحلية.
وشهد العام الحالي 2024 وفي غضون شهرين تسع دعاوى قضائية تتعلق بالعضل والتحجير. وفي الدمام شهدت المحكمة الشرعية من قضايا العضل والتحجير، منذ 2024 وحتى العام الحالي، 17 قضية، 7 قضايا منها شهدها العام المنصرم 2024 وقضية واحدة في العام الحالي.
وبحسب مصادر مطلعة في محاكم الجوف ـ رغبت عدم ذكر اسمها ـ وصل عدد القضايا المنظورة والمتعلقة بالعضل والتحجير في العام المنصرم 30 قضية. أما في المنطقة الجنوبية فكشف محمد طليش مدير إدارة محكمة جازان، عن عدم تجاوز قضايا التحجير المنظورة في المحكمة عن قضيتين فقط تمتا في العام الحالي2007 وانتهتا بطريقة ودية بين الأب والابنة.
العودة يرفض الزواج الإجباري
من جهته، أطلق الداعية الدكتور سلمان العودة نداءه للفتيات السعوديات، بضرورة إعلاء أصواتهن بالرفض القاطع لكل من تجبر على الزواج ممن لا ترغب فيه، مؤكدا أن في ذلك اغتصابا لجسد المرأة، الأمر الذي فيه مخالفة للشريعة الإسلامية التي أوجبت موافقة البكر والثيب على النكاح من الرجل المتقدم لخطبتها.
وتجاوب العودة مع كثافة التساؤلات النسائية حول قضية العضل والتحجير خلال ندوة «كيف نعد أبناءنا لزواج ناجح»، وقال العودة: "على الفتيات السعوديات أن يتحلين بالجرأة لإعلان رفضهن وبصوت عال في سبيل تمسكهن بالحقوق الشرعية"، موضحا ان من تقول "لا" بصوت عال من النساء، هي أيضا تثير إعجاب الرجال إذا كان في سبيل الحق.
وكانت الندوة قد شهدت مداخلات متكررة من طالبات الجامعة يبرزت من خلالها حجم معاناتهن من قضية العضل والإرغام، على الزواج من دون موافقهن، والتي تكشفت معالمها مع استشهاد إحدى السائلات بقصة واقعية تعاني فصولها في الوقت الحالي. كما وجهت إحدى المداخلات في الندوة نداء للشباب الحاضر في القاعة الرجالية، ترجو فيه عدم التحجير على بنات عمومتهن لسنوات عدة، رغم عزم العديد عدم الاقتران بها، مطالبة الرجل بإطلاق سراح المرأة في سبيل حرية الاختيار بمن ترغب الاقتران به.
وحول الإجراءات القضائية المتبعة في المحاكم السعودية في حال عضل الأب للمرأة والحجر عليها، قالت مصادر إنه عقب امتناع الأب عن حضور الجلسات المقررة من قبل القاضي في المحكمة العامة لمرتين على التوالي يشرع القاضي في استصدار حكم قضائي.
وأشارت إلى أن الحكم يتضمن نقل حق الولاية من الأب إلى القاضي نفسه، وتصدق عليه محكمة التمييز ومن قبل 5 قضاة، مخولة ذلك القاضي تزويج الفتاة من الشخص المتقدم للزواج بها.
وبينت المصادر أن قرار القاضي الموافقة على من تقدم لـ«خطبة» الفتاة لا يكون إلا عقب التحري والسؤال عن أخلاقه واستقامته الدينية وكفاءته الاجتماعية ومقدرته المالية، إضافة إلى إتمام الفحوص الطبية.