السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
13-الخوف من تحمل المسؤولية
يتهرب الكثير من أبناء وبنات المسلمين من قضية الزواج لما يحملونه في قرارة نفوسهم وفي عقولهم من أفكار سيئة دخيلة على الزواج من أنه مسؤولية وقيد وارتباط، كما وسبق أن ذكرنا نتيجة لتأثرهم بالثقافات الدخيلة المعادية للإسلام عبر القنوات المختلفة المسموعة والمرئية والمقروءة علاوة إلى ما يفتقر إليه أولئك الأبناء والبنات من تربية حسنة من قبل أسرهم مما جعلهم يعيشون حالاً يرثى له من التميع والضعف، فلا تكاد تتجاوز هموم الواحد منهم حدود مطعمه ومشربه وكرته وملعبه ومتابعة ما يشغل تفكيره من متابعة لقنوات الخنا والفساد أو المجلات الماجنة والاهتمام بملاحقة آخر أخبار الفنانين والفنانات والممثلين والممثلات، فهل مثل هؤلاء يستطيعون تحمل أعباء الزواج؟!
إن علماء التربية يؤكدون على وظيفة الأسرة في تربية الناشئة، على تحمل المسؤولية وقوة الإحساس بها، ولنا في رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قائد البشرية الأسوة الحسنة، في ذلك فقد كان يربي أصحابه على تحمل المسؤوليات فقد اختار- رضي الله عنه- أسامة بن زيد- صلى الله عليه وسلم- وهو في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة ليقود جيشاً جنوده من كبار الصحابة، وهناك النماذج الكثيرة لأبناء وبنات المسلمين الذين تحملوا المسؤولية على أكمل وجه نتيجة لما كانوا عليه من تربية حسنة، فعلى أولياء الأمور أن يربوا النشء التربية الإسلامية الصحيحة زارعين فيهم الاعتماد على النفس كي لا يركنوا إلى الكسل والاتكالية وغير المبالاة.
14- السفر إلى الخارج
عندما يسافر الشاب إلى الخارج فإنه يجد ما لا يجد داخل بلاده من تيسر الشهوات والملذات الزائفة التي جعلت الكثيرين من أبنائنا الذين خلعوا رداء الإيمان ليلبسوا الخنا والفسق جعلتهم يركنون لتلك المحرمات والشهوات التي تتيحها لهم تلك البلدان بكل سهولة ويسر، بل وتدعوهم إليها للإيقاع بهم في شرك تلك الرذائل، وما أن يستعذب الشاب تلك البلاد حتى يجعلها شغله الشاغل وهمه الدائم، وبذلك يسوف في أمر الزواج لوجود البدائل عن ذلك كما يزعم وشتان بين الأمرين ليت شعري هل عرف ذلك الشاب البون الشاسع بين الزواج الحلال، وبينما يرتكبه من المحرمات في تلك البلاد، إن السفر إلى الخارج لا يقل ضرره عند حدود إشغال الشباب عن الزواج فحسب، بل إن هناك الكثير من المضار التي لا تخفى لحينا جميعاً من تغيير لعقيدة المرء، وكذلك إيقاع له في المخدرات علاوة على ما قد يبتلى به من أمراض نتيجة لارتكابه للمحرمات التي من أبرزها الإيدز الذي أقلق العالم فهلا فطن الشباب لذلك؟؟.
15- العقم
يقول عز وجل: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49-50]
ومعنى هذه الآية أن الله هو الواهب المعطي يهب لمن يشاء إناثاً، ويهب لمن يشاء الذكور والإناث معاً ويهب لمن يشاء الذكور ولا يهب بعض الناس شيئاً بل يصيبهم بالعقم فلا ينجبون، وعلى ذلك فإن العقم عند كلا الجنسين قد يشكل عقبة في طريق زواجهما، لأن الرغبة في الحصول على كل من الرجل والمرأة حيث جعل الله الأبناء زينة الحياة الدنيا. قال الله تعالى{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف:46]
وبلا شك إن العقم يقف مانعاً دون التمتع بهذه الزينة الدنيوية، ولكن المسلم أمره كله خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر، ومتى ما كان الإنسان مؤمناً صادقاً فإنه يرضى بما قسمه الله له سواء أعطاه أم منعه، وأياً كان نوع عطائه تعالى فإن عطاءه سبحانه فضل ومتعة عدل، فما على المسلم إلا الاستسلام لقضاء الله وقدره وسوف يعوضه الله خيراً.
16- رغبة الزوج في الظهور بمظهر الغنى
هناك البعض من أفراد المجتمع الذين جعلوا أنفسهم مبتلين بداء التعالي والظهور بمظهر الغنى المتصنع يكلفون أنفسهم فوق طاقتها ويكلفونها حالهم من المشقة والعناء ما الله به عليم، فهم لم يرضوا بما قسمه الله لهم من رزق يلبسون أوسع من ثيابهم فيبعثرون فيها، وهذا حال عائل مستكبر، وهذه الظاهرة مشكلة متفشية عند الكثيرين، وهي أكثر ما تعود إلى شعور أولئك الناس بأقليتهم عن غيرهم، فهم ينظرون من النافذة التي ينظرون منها الوسعاء في الرزق لم ينظروا إلى نافذة مستواهم لكي يروا الحياة جميلة هنيئة، وهذه المشكلة جعلت الكثيرين يعزفون عن الزواج أملاً منهم في تحسن الحال مما يفوت عليهم قطار العمر بدون مبرر مشروع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
17- التقليد لغيرهم من الناس
يوجد عند البعض ما يسمى بداء التقليد ومجاراة غيره وبلا شك أن هذه المشكلة تواجه الكثيرين ممن يريدون الإقدام على الزواج حيثما إن أولئك المقلدين ينظرون إلى ما يصنعه الآخرون مما يبهر العقول ويدمي العيون ويفني ما في الجيوب من ألوان المظاهر البراقة للزواجات، وحيث إن أولئك المقلدين يرغبون في التقليد والمحاكاة فإنه قد لا تسعهم مستو، تهم للسير في خط أولئك، وهذا ما يعرقل طريق القادمين على الزواج من الشباب والشابات، أو ما يجعلهم يتكبدون المشاق النفسية والمالية والجسدية عندما يحاكون غيرهم.
18- إسناد الحكم في هذه الأمور إلى النساء
حينما نقول: إن المرأة نصف المجتمع فإن هذا لا يعني أفضليتها على الرحل يؤكد ذلك قوله تعالى {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[البقرة:228]
وما فضل الله الرجل على المرأة إلا لما جعله فيه من مقومات أسبغها الله عليه جاعلة إياه محل استحقاق القوامة والقيادة، وهذا لا يعني التقليل من شأن المرأة، فإن لها اعتبارها الشرعي، ولكن وكما أسلفت فإن ثمة أموراً كثيرة ما تخفى على المرأة بل إن فطرتها وسيكولوجيتها لا تتناسب وطبيعة الكثير من الأمور، ولهذا كانت تلك الأمور مناط مهام الرجل وخصائصه، ومما يؤسف له أن الكثير من الأمور التي هي من شؤون الرجال قد أسندت إلى النساء مما جعل الكثير من الموازين تنقلب لتغير طبيعة الفطرة البشرية والزواج من أهم الأمور التي يرجع الجانب الأكبر فيه للرجل إن طبيعة الرجل تتيح له التعرف على أحوال وشخصية المتقدم لخطبة الفتاة ومعرفة أسرته، فهو بذلك يكون ذا رأي معتبراً شريطة ألا يكون رأيه ذلك مخالفاً للشرع، وحينما نؤكد للرجل هذا الجانب فإن للأم الحق في إبداء وجهة نظرها، لكنها لا تملك الرأي القطعي حينما يكون رأي الزوج هو الأصوب والأصح وما جعله الكثيرون من إسناد أمر تزويج الأبناء والبنات إلى النساء حطاً أدى إلى عرقلة سير قطار الزواج، والأمثلة على مثل هذا كثيرة ومتعددة، أكتفي بذكر ما أورده صاحب كتاب فتاوى المرأة الشيخ محمد المسند من تساؤل لإحدى الفتيات تقول فيه:"أريد حلاً لمشكلتي وهي أنني أبلغ من العمر 24سنة، وقد تقدم لخطبتي شاب قد أنهى دراسته الجامعية، ومن عائلة متدينة وحيث إن والدي قد وافق عليه وطلب مني الحضور إلى المجلس لأرى الشاب، وقد رأيته ورآني وأعجبت بالشاب وأعجب بي علماً بأن هذا نص عليه ديننا الحنيف بأن أراه ويراني وعندما علمت والدتي بأن هذا الشاب من عائلة متدينة أقامت الدنيا عليه وعلى والدي وأقسمت ألا يتم هذا الموضوع ولا بأي شكل كان فقد حاول والدي الكثير معها ولكن بدون فائدة، فهل لي الحق في أن أطلب من الشرع أن يتدخل في موضوعي؟.
وقد أجاب على هذا التساؤل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- رحمه الله- بقوله: "إذا كان الواقع هو ما ذكرته السائلة فليس لأمها الاعتراض في الموضوع، بل ذلك حرام عليها، ولا يلزمك أيتها المخطوبة طاعة أمك في ذلك لقوله – صلى الله عليه وسلم – إنما الطاعة في المعروف، وليس من المعروف رد الخاطب الكفء بل قد روي عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وإذا دعت الحاجة إلى الرفع إلى المحكمة فلا حرج عليك في ذلك. أ. هـ.
كما يقول فضيلة الشيخ محمد العثيمين- رحمه الله-: (إن المغالاة في المهور وفي الحفلات كل ذلك نحالف للشرع، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، وكلما قلت المؤونة عظمت البركة، وهذا أمر يرجع في أكثر الأحيان إلى النساء لأن النساء هن اللاتي يحملن أزواجهن على المغالاة في المهور، وإذا جاء المهر ميسراً قالت المرأة لا إن بنتنا يجب لها كذا وكذا، كذلك أيضاً المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع وهو يدخل تحت قوله سبحانه وتعالى{ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: من الآية141]وكثير من النساء يحملن أزواجهن على ذلك أيضاً ويقلن: إن حفل فلان حدث به كذا وكذا ولكن الواجب في مثل هذا الأمر أن يكون على الوجه المشروع ولا يتعدى فيه الإنسان حده ولا يسرف لأن الله سبحانه وتعالى قال{ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: من الآية141]
19- سكوت أهل الإصلاح عن الإصلاح
أو معالجته أو التخفيف منه
يقع على عاتق المصلحين في كل زمان ومكان الجانب الكبير من قضايا المجتمع وشؤونه، وذلك لما للدعوة والإصلاح من أثر كبير في تحسين أوضاع المجتمع وإصلاح سلوكياته الخاطئة، أو مفاهيمه الفاسدة، فكلما كان قنديل الدعوة والإصلاح وضاء كلما أشرق المجتمع بنور الهداية والرشاد، ولا غرو أنهم على اختلاف مناصبهم وقنوات إصلاحهم مبددون لدياجير الظلام والضلال ونحوها مما لا يجعل المجتمع يسير وفق نهج الله ورسوله.
ومتى ما توقف أولئك المصلحون عن الإصلاح تهاوى بنيان المجتمع وتصدع، وقضية الزواج من أكبر قضايا المجتمع التي يقع على الدعاة والمصلحين الجانب الكبير في الدعوة إليه ومعالجة ما يشوه صورته من غلاء في المهور أو طلاق أو مشاكل أخرى مما هي ملموسة في مجتمعاتنا وبلا شك إن وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية بالإضافة إلى منابر المساجد وأروقة المدارس والجامعات قد قامت وفي بلدنا هذا خاصة بالعناية بهذا الجانب معطية إياه جل الرعاية والاهتمام مما يجعلنا تحت مثل هذه الوسائل في مختلف أرجاء وطننا الإسلامي للسير على مثل هذا النهج سائلاً من الله العلي القدير للجميع العون والتوفيق.
20- الوضع الصحي
تحدثت إلى أحد طارحاً فكرة الزواج عليه، فما كان منه إلا أن أخذ في التأفف تارة وفي التأوه تارة أخرى.. أطرقت قليلاً ثم سألته ولم كل هذا؟ فما كان منه إلا أن أطلعني على سر أمره شاكياً خبر حاله في العزوف عن الزواج، قال لي:
إن رغبتي في الزواج كبيرة وتطلعي إلى الاستقرار والراحة النفسية أكثر تطلعاً لكنني أعاني من مشكلة صحية كانت حجر عثرة أمام إقدامي على الزواج ونظراً لقربي النفسي من ذلك الشخص فقد أبان لي تلك المشكلة التي تكمن في عدم قدرته على الإيلاج لاعتلال في صحته، وقد كانت هذه المشكلة سبب فشله في الزواج لمرتين، إن مثل هذه المشكلة وغيرها من المشاكل الصحية سواء النفسية منها أو العضوية كثيراًَ ما تكون عائقاً لأي من الجنسين في الإقدام على الزواج.
الخاتمة
الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده حمداً كثيراً على توفيقه وامتنانه، وأشكره عدد خلقه، ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته على تيسيره، والصلاة السلام على الهادي الأمين محمد بن عبد الله.. أما بعد:
فما تحدثت عنه فيما سبق هي تلك العراقيل أو المعوقات التي تقف عائقة أمام الراغبين في الزواج وهذا الموضوع بلا شك كبير ومهم يجب أن يلقى من المختصين ومن ذوي الشأن العناية والاهتمام، فهو موضوع شائك يحتاج إلى بحث دقيق ودراسة مستفيضة لا يفي حقه لتعرف مسبباته ونتائجه وعلى ضوئها توضع الحلول المناسبة للتخلص من شرك تلك العراقيل والمعوقات.. وإنني أهمس في أذن الراغبين في الزواج ألا يجعلوا تلك العقبات سداً دون تحقيق الزواج، لأن الكثير منها لهم الدور في جعلها أمام طريقهم وما كانت خارجة عن إرادتهم فعليهم الأخذ بالأسباب لتذليلها. ويعلموا أنه لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، وأن من سار على الدرب وصل
مشكورة اختي واتمني لك كل خير
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير والف شكر لك
وربي يعطيك الف عافيه
اختك في الله
بنت المملكة
ونترقب جديدك على احر من الجمر