والتحكم إلى الحد الممكن في حيثيات حياتك،
جوانبها، وافكارها ايضا،
((العمر، مساحة من الزمن،
تتناقص في كل لحظة، فإذا اضمحلت أنتهينا))
عمرك هو مجموعة من الدقائق والثواني،
مجموعة من اللحظات، في كل لحظة تخسر لحظة،
ومع مضي كل ساعة ينقص رصيدك ساعة،
إنها في تناقص يوما بعد يوم، إن رصيدك المحدود
من العمر يمضي،
وليس من وسيلة فعلية لاستعادة ما مضى من سنوات،
كما لا توجد فرصة لزيادتها، إن عمرك محدود، وقد قضي امره.
وقال تعالى:
(إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)
لنتصور الآن أن سين من الناس قدر الله له من العمر خمسون عاما،
وهو الأن في الثالثة والثلاثون، فكم يكون قد تبقى من عمره،
تماما، هي سبعة عشر عاما فقط، لا تزيد ولا تنقص ساعة،
اي أن ما مضى من عمره هو جله، ثلثيه تقريبا، وتبقى له الثلث،
سبعة عشر عاما فقط،
ماذا عنك أنت، يمكنك أن تتصور ذلك، لكن لا يمكنك أبدا،
ان تدرك كم من الوقت قد تبقى لك على هذه الخليقة،
فالعمر من الغيبيات، التي لا يمكننا حتى مجرد توقعها،
في المقابل يبقى بإمكانك أن تعي أمر مهما هنا،
إن العمر ليس سوى مساحة من الزمن، بها القليل من الوقت،
ينفذ في كل لحظة، أذنا له أو لم نأذن، إننا نعيش في مساحاته،
التي تتناقص يوما بعد يوم،
حتى لا يتبقى منها سوى النقطة التي نقف عليها، فإذا اضمحلت،
انتهينا،
عند هذه اللحظة نعي أمرا مهما،
أن العمر الماضي، لم يعد ملكا لنا، لقد انتهى حقيقة،
لم يتبقى بين أيدينا سوى العمر المقبل، سواء كان لحظة او يوما،
أو سنة، أو دهرا، هو العمر المتبقي، إنه العمر الجديد،
وسنتعامل مع ما تبقى من عمر، كما يتعامل الحريص،
الذي لا يصرف قرشا إلا في مكانه الصحيح، ما رأيكم،
أليس على الانسان أن لا يتعامل مع دقائق ولحظات حياته
الثمينة المحدودة القليلة، إلا بهذا الشكل،
أي عاقل سيفعل ذلك، بكل حرص سيتعامل مع كل لحظات حياته.
إن اللحظات التي قرأت فيها الفقرة الماضية، باتت من الماضي،
واللحظات التي ستقرأ فيها الاسطر القادمة، قد لا تأتي،
ان اللحظات التي تقرأ فيها الآن، هي العمر الوحيد،
الفعلي، الواقعي والحقيقي.
العمر الجديد
إذا فالعمر الجديد، هي اللحظات القادمة أيا كان عددها،
أنت ترغب في استثمارها بالشكل الصحيح، عليك أن تفعل ذلك،
إذ يكفيك بالفعل ما قد مضى من أمر نفسك،
يمكنك الآن التفكير بشكل أفضل في أمر مستقبلك،
إنه قادم بإذن الله، وإن توفيت قبل ذلك ( اطال وبارك الله في عمرك)
فيكفيك النية الطيبة بتغيير حياتك للافضل.
أين يذهب عمرك ؟
البعض يعتقد ان الساعات الطويلة التي يمر بها في انتظار حدث مهم،
هي عدوته اللدودة، كم هي مملة، عليها أن ترحل بسرعة، والبعض الأخر،
يكون اكثر تفاؤلا قليلا، ويقول، لما لا أبحث عن شيء يسليني،
علي أن اعيش حياتي بمرح، …
اللهو هو كل ما يستطيع عمله لكي يستثمر وقته، البعض الأخر،
لا يعلم أصلا كيف يشعر بالوقت، ..!!!هل تشارك الاخرين اوقاتك؟
امر جيد، ولما لا، حينما تكون الجمعة على خير إن شاء الله،
لكن ماذا لو أنك تعلق قراراتك على ما سيكون منهم، يالها من مرارة،
أن نهدر العمر في انتظار أن يقرر الاخرون بشأن انفسهم أو حتى بشأننا،
وأن نقف على قارعة الاحتمالات، حتى يبت في امر حياتنا،
البعض يجد نفسه اسير فكرة كهذه
(( لن اصلي حتي يصلي أبي،
كيف أدخل الجنة فيما امي لن تدخل،
إن كان كل من حولي يهدرون اوقاتهم بنفس الطريقة
لم علي أن اختلف،
علي أولا أن انتظر حتى يعرف احبائي كيف يعيشون
بشكل صحيح، بعدها يمكنني التفرغ لنفسي))
هل تفكر فعلا بهذه الطريقة،
قال تعالى: (( لَيْسَ عَلَيْك هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء ))،
وقوله تعالى : {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء }[56 القصص]
ليس عليك الانتظار طويلا، كل ما عليك هو التذكير،
كلما مررت بغافل ذكره، لكن لا تتوقف هناك طويلا،
لديه عقل يستطيع ان يحمله على التغيير، امضي فالوقت يمر،
والساعة الرملية الحياتية، لا يعاد قلبها،
لأن رمالها تسير في اتجاه واحد لا تعود أبدا، أنظر جيدا،
رمال ساعتك الرملية في انحدار،
وانت تقف هاهنا في انتظار أن يسمح لك هذا أو ذك البدء في السير،
وربما أن يحدد لك أي مسار ستسلك،
حرك ساقيك وأبدأ مسيرتك، قبل انتهاء الوقت.
(( وبالله عليك لا تتردد، فأنت تعرف الطريق جيدا ))
حتى حينما تبدأ المسير، تضيع الوقت في التردد،
تحتار أي طريق تسلك، ترى لماذا الحيرة ؟ ألم تكن هناك يوما،
بالتأكيد كنت هناك، وشهدت معنا ما شهدنا جميعا،
حينما اشهدنا الله وأخذ العهد علينا، أو بعد هذا تظل طريقك،
لم يعد أمامك وقت تضيعه، لم يعد لديك الوقت للهو والتسكع هنا وهنا،
ولا حتى لتجريب هذا او ذك، انتهى الامر، كان منتهيا منذ البداية،
ليس لديك الكثير من الوقت للظلال أو الغواية، كن عاقلا،
وسر معنا،
فحينما يصيبك التردد في الأوقات الحرجة خير لك أن تتبع الأخرين
ممن تثق بهم، استفتي قلبك ثم امضي.
بالتأكيد هناك الكثير من المتعلقات من حولك،
بعض المشاريع الدنيوية العالقة،
التي لا تهدف إلى احراز اية اهداف اخروية،
هناك ايضا بعض العلاقات التي كانت تمدك بالسعادة المؤقتة،
هذا فضلا عن ا لملهيات الكثيرة، …..
نعم بالطبع يصعب التخلي عنها بسهولة، كيف لك أن تمتنع عن امضاء
بعض الوقت في عالم الالعاب الالكترونية، إنك تدمنها تقريبا،
على كل حال أنت لا تؤذي احدا، كل ما تفعله،
أنك تأد دقائق عمرك بلا هوادة،
يمكنك البقاء هناك، كن عالقا إلى ما شئت،
فيما يسير الأخرون بجدية نحو تحقيق الأهداف،
قد تبدوا المساحة التي تلعب عليها اليوم،
وتعيش في ربوعها كبيرة، شاسعة، لكنها في حقيقة أمرها ليست كذلك،
إنك حتى لا تستطيع أن تدرك حجم المساحة التي تعيش فيها،
إن ما تراه ليس حقيقيا،
غالبا أنت لا تراه اصلا،فما رأيك في الأمر؟
الضباب كثيف، إنه يعيق الرؤية، فأنت لا ترى غالبا إلا الأمس،
وتراه بشكل مشوش ايضا، أما الغد فهو اشبه بالطريق المجهولة،
والتي لم يسبق لك السير فيها، يغلفها الضباب الكثيف،
وعليه فأنت لست تعلم، إن كانت تلك الطريق ممتدة أكثر،
أم انها بعد خطوتين، ستنتهي بك إلى جرف الموت، ……!!!!!
ذلك هو عمرك، الحقيقة التي تعيها جيدا، ويعيها معشر البشر اجمعين،
ان جرف الموت موجود في طريق كل انسان،
لكن كل منهم لا يعلم متى يظهر ذلك الجرف، إنه يباغت الجميع،
في اللحظة التي لا يتصورون فيها ظهوره،
والبعض الاخر يسير حتى يتعب وتكل قدماه،
ولا يظهر الجرف إلى حينما لا يتبقى في جسده رمق حياة،
الجرف موجود، لأن عمرك محدود.
أنظر حولك، وأخبرني، هل ترى الغد، ….؟؟؟
أنك ترى فقط تصوراتك، آمالك، لأجل الغد، خططتك، لكنك لا تراه هو،
حتى أنك لا ترى اللحظة القادمة،
كل ما تراه هي تلك اللحظة التي تقرأ فيها هذه الكلمات،
ولست تعلم أن كنت ستقرأ السطر القادم أم لا،
أن العمر أمر جدي جدا، أكثر جدية من حياتك نفسها،
أن العمر أكثر جدية من طاولة تحمل كعكة كبيرة، وشموع، وبالونات،
أن العمر أهم بكثير، من اللهو، والمداعبات، أو المجاملات. تخيلي أن كل ما مضى،
حينما يسألك أحدهم، كم عمرك…….؟؟
تردين قائلة، خمسة وعشرون، ثلاثون، ثمانية وثلاثون، أربعون، خمسون،
ماذا يعني ذلك، ..؟؟
بالتأكيد، يعني ذلك هو ما أفنيت من مساحتك الزمنية،
لذلك بشكل عام لا يحب الانسان الاعتراف بما مضى من عمره،
إنه يحب أن يخفي بعض السنوات،
من الأفضل أن اعيد عليك السؤال بشكل مختلف، ؟
كم تبقى من حياتك…..؟؟
تردين قائلة (( لا أعرف))
هذه هي الاجابة الصحيحة…
لا تعرفين،
هل بدات تستوعبين الآن، أي عمر جديد عليك أن تحمينه
وتحصنيه ضد الاستنزاف.
إن الوقت لعله أمامك وأنت لا تعلمين،
لكن عليك الآن بالذات النظر جيدا، والاستعداد،
لاقتناص كل فرصة من فرص حياتك على هذه الأرض فيما يجدي نفعه،
ما معنى الاقتناص؟
الصيد،
بالتأكيد، لأن اللحظات الخاصة بك، ليست رهن بنانك، إنها تتطاير هربا،
تسرع فرارا،
فاصطادي ما امكنك منها، اقبضي عليها بقوة، الواحدة تلو الاخرى،
ولكن لا تنسي
عليك أن لا تتوقفي عند اللحظات طويلا، خذي منها فائدتك واتركيها،
لا تتوقفي عندها فهي سترحل على كل حال،
فالانسان الذي يقف على اطلال اللحظات زمنا طويلا،
يخسر الكثير من اللحظات الآنية الفاعلة،
كوني حذره،
لا تفكري في الماضي، تخلصي من البكاء على مافات،
اقتنصي اللحظات الجديدة،
وهنيئا لك العمر الجديد
الله يطول أعمارنا على الخير والطاعة ..
جزاك ِ الله خيراً على هذا الموضوع المفيد ..
نقل موفق
تسلمى علي النقل
وجزاكى الله كل الخير
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه