الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد سبق لي أن جمعت الصحيح المسند من آثار الخلفاء الراشدين في الزهد والرقائق والأدب , ثم بدا لي أن أتم آثار بقية العشرة المبشرين بالجنة مع التنبيه على أنني لا أزعم أني استقصيت الصحيح الثابت , بل بذلت وسعي في الوقوف على ما ثبت وأسأل الله عزوجل أن ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
1- قال الإمام أحمد في المسند [ 1566 ] :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ:
إِنِّي لأوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلا وَرَقَ الْحُبْلَةِ ، وَهَذَا السَّمُرَ ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ .
*وقال الحميدي في مسنده [ 83 ] :
حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِى حَازِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ يَقُولُ :
أَنَا أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ –صلى الله عليه وسلم– سَابِعَ سَبْعَةٍ . وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلاَّ الْحُبْلَةَ وَوَرَقَ السَّمُرِ حَتَّى لَقَدْ قَرَحَتْ أَشْدَاقُنَا .
حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ مِثْلَ مَا تَضَعُ الشَّاةُ ، مَا لَهُ خِلْطٌ .
ثُمَّ أَصْبَحَتْ بَنُو أَسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَى الدِّينِ , لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَخَابَ عَمَلِي .
*وهو في البخاري 3728 – 6453 ثنا مسدد ثنا يحيى به – وفي مسلم 2966. بلفظ مقارب
2- قال الحافظ في المطالب العالية[ 4172 ] :
قَالَ إِسْحَاقُ : أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الرَّقِّيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، قَالَ :
كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ الله عَنْه فِي نَفَرٍ ، فَذَكَرُوا عَلِيًّا رَضِيَ الله عَنْه فَشَتَمُوهُ .
فَقَالَ سَعْدٌ رَضِيَ الله عَنْه : مَهْلًا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّا أَصَبْنَا ذَنْبًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله عز وجل :{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ رَحْمَةٌ من الله تعالى سَبَقَتْ لَنَا .
فَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنْ كَانَ والله يبغضك ويسميك الْأُخَيْنَسُ .
فَضَحِكَ سَعْدٌ رَضِيَ الله عَنْه حَتَّى اسْتَعْلَاهُ الضَّحِكُ ، ثُمَّ قَالَ : أَوَ لَيْسَ الرَّجُلُ قَدْ يَجِدُ عَلَى أَخِيهِ فِي الْأَمْرِ ، يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، ثُمَّ لَا يَبْلُغُ ذَلِكَ أَمَانَتَهُ ، وَذَكَرَ كَلِمَةً أُخْرَى .
قال الحافظ عقبه : هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ , وَقَدِ اشْتَمَلَ عَلَى فَوَائِدَ جَلِيلَةٍ .
أقول : من فوائد هذا المتن ، أن الصحابة سبق الكتاب بفوزهم ، فلا يلتفت إلى ما وقع بعد ذلك
ومنها أن ما صدر من الصحابة عند الغضب في حق بعضهم البعض ، لا ينبغي أن يؤخذ منه حكم على أحدهم بنقيصة .
3- قال ابن سعد في الطبقات [ 4933] :
أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ، قَالُوا :
دَخَلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى سَلْمَانَ يَعُودُهُ ، قَالَ : فَبَكَى سَلْمَانُ .
فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ .
وَتَلْقَى أَصْحَابَكَ ، وَتَرِدُ عَلَيْهِ الْحَوْضَ .
قَالَ سَلْمَانُ : وَاللَّهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلاَ حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا .
وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا ، فَقَالَ : لِتَكُنْ بُلْغَةُ أَحَدِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا مِثْلَ زَادِ الرَّاكِبِ ، وَحَوْلِي هَذِهِ الأَسَاوِدُ , قَالَ : وَإِنَّمَا حَوْلَهُ جَفْنَةٌ أَوْ مَطْهَرَةٌ أَوْ إِجَّانَةٌ .
قَالَ : فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ اعْهَدْ إِلَيْنَا بِعَهْدٍ نَأْخُذُهُ بَعْدَكَ ، فَقَالَ : يَا سَعْدُ اذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ هَمِّكَ إِذَا هَمَمْتَ ،وَعِنْدَ حُكْمِكَ إِذَا حَكَمْتَ ، وَعِنْدَ يَدِكَ إِذَا قَسَمْتَ .
أقول : أشياخ أبي سفيان – واسمه طلحة بن نافع – إبهامهم ينجبر بكثرتهم ، وعامة شيوخه قد أدركوا سعداً ، وهذا الخبر يصلح في أخبار سعد ويصلح في أخبار سلمان ، وهذا الخبر موجود في الزهد للإمام أحمد .
4- قال البخاري في صحيحه [ 4728 ] :
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبِي{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا}هُمْ الْحَرُورِيَّةُ ؟
قَالَ : لَا , هُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى .
أَمَّا الْيَهُودُ فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَمَّا النَّصَارَى فَكَفَرُوا بِالْجَنَّةِ وَقَالُوا لَا طَعَامَ فِيهَا وَلَا شَرَابَ .
وَالْحَرُورِيَّةُ{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمْ الْفَاسِقِينَ.
أقول : وقد تقدم معنا في آثار علي أنه نزل قوله تعالى { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} على الحرورية
5- قال مسلم في صحيحه 948- [158-453] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ :
أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ شَكَوْا سَعْدًا إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرُوا مِنْ صَلاَتِهِ .
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ مَا عَابُوهُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الصَّلاَةِ .
فَقَالَ : إِنِّي لأُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَخْرِمُ عَنْهَا إِنِّي لأَرْكُدُ بِهِمْ فِي الأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ فَقَالَ : ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ أَبَا إِسْحَاقَ .
وقال : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ جَرِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
6- قال سلم 2200- [90-966] :
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمِسْوَرِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : فِي مَرَضِهِ الَّذِي هَلَكَ فِيهِ :
الْحَدُوا لِي لَحْدًا ، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا ، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أقول : هذا الأثر والذي قبله يبين شدة حرص سعد على الاتباع .
7- قال ابن سعد في الطبقات [ 3249] :
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ سَعْدٍ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ الثُّومَ بَدَا .
أقول : بدا يعني قصد البادية لئلا يتأذى أحدٌ برائحته .
8- قال ابن سعد في الطبقات [ 3251] :
أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ : سَمِعْتُ الْحَيَّ ، يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ أَبِي قَالَ لِسَعْدٍ :
مَا يَمْنَعُكَ مِنَ الْقِتَالِ ؟
قَالَ : حَتَّى تَجِيئُونِي بِسَيْفٍ يَعْرِفُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ .
أقول : الحي كثرتهم تجبر إبهام أفراد أعيانهم ، وفي صحيح البخاري حديث عروة البارقي فيه [ أخبرنا الحي ] .
* ولهذا الخبر شاهد قال ابن سعد في الطبقات [ 3250]:
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ : نُبِّئْتُ أَنَّ سَعْدًا كَانَ يَقُولُ :
مَا أَزْعُمُ أَنِّي بِقَمِيصِي هَذَا أَحَقُّ مِنِّي بِالْخِلاَفَةِ ، قَدْ جَاهَدْتُ إِذْ أَنَا أَعْرِفُ الْجِهَادَ ، وَلاَ أَبْخَعُ نَفْسِي إِنْ كَانَ رَجُلٌ خَيْرًا مِنِّي ، لاَ أُقَاتِلُ حَتَّى تَأْتُونِي بِسَيْفٍ لَهُ عَيْنَانِ ، وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ .
فَيَقُولَ : هَذَا مُؤْمِنٌ وَهَذَا كَافِرٌ .
9- قال ابن سعد في الطبقات[ 3252]:
أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، وَعَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ، قَالاَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ :
أَنَّهُ صَحِبَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ .
قَالَ : فَمَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم حَدِيثًا حَتَّى رَجَعَ .
أقول : وهذا يدل على ورع شديد في الرواية .
* رواه ابن المبارك في مسنده عن حماد بن زيد به وقال عقبه :
قال حماد –يعني ابن زيد – : يعظم الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم , ونحن بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ونحن نضيع .
ومن هنا حمل بقية الملف بصيغة وورد
هذا وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول ..
المصدر: شبكة سحاب