حيث تستخدم أكثر من مئة مادة خام – أزهار ، ثمار ، حزازات ، قلف ، غدد حيوانات ومواد كيماوية- في صنع العطور ، وقد يحتوي العطر الواحد على 50 مادة مختلفة . إن عاصمة العالم لصناعة العطور ، مدينة صغيرة تدعى جراسGrasse ، بمقاطعة بروفانس Provence في جنوب فرنسا . وتمتد الحقول حولها أميالاً ، وهي مغطاة بالأزهار- منها اللافندر والياسمين وزهر البرتقال .
وتقطف الأزهار ، وأحياناً الأوراق ، وتنقل إلى المصانع في جراس ، حيث تجري عليها عمليات استخلاص الزيوت ، التي تعطي الأزهار رائحتها المميزة .استخلاص العطور:
تعد هذه العمليات شديدة التعقيد . ومخن أسباب ذلك ، أن الزيوت العطرة ، توجد في أجزاء مختلفة من النبات – في بتلات القرنفل ، والهياسنث ، والورد ، والزنبق ، وفي أزهار وأوراق اللافندر ، والبنفسج ، وفي خشب الأرز (السدر ) ، وفي جذور الأيرس ، وفي ثمار أشجار الموالح .
كما أن الحيوانات تلعب دورها في صناعة العطور . نتنج الحيوانات بعضاً من المواد ذات الأهمية الكبيرة في صنع العطور . وأهم هذه المواد المسك ، وهو إفراز غدي من ذكر غزال المسك الذي يعيش في جبال أطلس والهيمالايا . والعنبر وهي مادة تتكون في أمعاء حوت العنبر ويخرجها من جسمه ، فتطفو على الماء في الخليج العربي وحتل استراليا . وتأتي مادة اسمها كاستورويم من القندس الكندي . وهناك مادة تعرف باسم الزباد وهي كريهة الرائحة يفرزها قط الزباد . ورغم ذلك فهي ذات قيمة كبيرة ، إذا خلطت مع مواد أخرى .التوليف:
إن الزيوت المستخلصة من الأزهار والنباتات ، باهظة الثمن جداً ، لأن مجرد إنتاج أوقية واحدة العطر ، يتطلب كميات هائلة من الأزهار . وقد أدى ذلك إلى استخدام زيوت صناعية في جميع العطور ، مع إضافة نسبة صغيرة من زيت الأزهار الخالص . والواقع أن زيوت زنبقة الوادي ، والليلاك ، لا يمكن استخلاصها تجارياً ، وتستبدل بها دائماً الزيوت الصناعية . ولقد أصبح في مقدور الكيماويين ، بعد سنوات من البحث ، إنتاج زيوت صناعية ، مشابهة تماماً للزيوت الأصلية .
والعطور المجهزة بالصورة التي نشتريها بها ، تكون عادة مخلوطات من الزيوت الصناعية ، وخلاصات زهرية ، وبلاسم تعمل على بطء تبخرها ، وخلاصات حيوانية ، كالمسك ، تزيد من فترة بقاء العبير . وعملية توليف المكونات _ التي تتركز في باريس _ عملية تحتاج إلى كثير من الحذق الشديد ، وقليل من الناس ، من لهم حاسة الشم الحساسة التي تؤهلهم لذلك . وقد يتطلب العطر الواحد ، عدة شهور من التجارب والتوليف .تاريخ العطور:
ربما كان أول استخدام للعطور في الطقوس الدينية ، ومما لا شك فيه ، أن قدماء المصريين ، قد صنعوا قرابين من الزيوت العطرية أو المراهم ، واستخدموا العطور في تحنيط الموتى . وفي اليونان ، شاع استخدام العطور ، لدرجة أنه في بعض الأحيان ، لم يكن يسمح لغير الحلاقين والنساء بشرائها ، وذلك خوفاً من عدم توفرها للأغراض الدينية .
وقد استخدمت الامبراطورية الرومانية ، كميات خيالية من العطور ، ولم تقتصر النساء على تعطير أنفسن فحسب ، بل كن أيضاُ يعطرن قرودهن وكلابهن ، وأثناء الولائم ، كانت أسراب الولائم تطلق ، بعد غمس أجنحتها في العطر ، الذي كان يتساقط منها برفق على رؤوس المدعوين ، وفي عهد نيرون ، كان سقف قاعة الدعوات يمطر رذاذاً من العطور والأزهار .
وفي ذلك الوقت ، كان الشرق أكبر مصدر للعطور ، واستهلك نيرون ، في جنازة زوجته ، كل ما أمكن إنتاجه من عطر في الجزيرة العربية في عشر سنوات .
وقد أدت غزوات البربر إلى توقف استخدام العطور في أوروبا ، إلا أن الصليبيين أعادوا جلبها ، إذ أخذوا معهم عند عودتهم ، علباً من المراهم المعطرة لنسائهم . وقد انتشر استخدام العطور المستوردة من الشرق في أوروبا كلها . ولقد قال شكسبير في رواية ماكبث ، في القرن السادس عشر بانجلترا " لا يمكن لكل عطور الجزيرة العربية ، أن تجمل هذه اليد الصغيرة " .
ومن سوء الحظ ، أن رجال البلاط كانوا يستخدمون العطور بدلاً من الصابون والماء – وكان بلاط الملك لويس الرابع عشر الفخم ، معروفاً باسم " البلاط المعطر " . لقد كان البلاط غير صحي بشكل عجيب بالمقاييس الحديثة ، إذ لم تكن لديهم حمامات ، حتى في قصر فرساي البديع، وما لبث أن أصدر لويس الخامس عشر ، أمراً يلزم البلاط باستعمال عطر مختلف كل يوم .
وقد أصبح الاستحمام أكثر شيوعاً في القرن الثامن عشر ، إلا أن استخدام العطور ظل مستمراً بصورة أكبر ، ويقال أن نابليون كان يستهلك نصف جالون من ماء الكولونيا يومياً .
وتزدهر صناعة العطور في الوقت الحالي ، أكثر من أي وقت مضى ، وكثيراً ما تظهر في الأسواق عطور جديدة ، ذات أسماء غريبة ، وقد أصبح ما كان يعتبر كمالياً للأثرياء ، متعة يستطيع الجميع التمتع بها .
حلو كتير موضوعك احب اعرف تاريخ كل شي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسلمين يالغالية على المشاركة المميزة والمفيدة
بانتظار كل جديد منك عزيزتي
لك شكري وتقديري
ام عدول