——————————————————————————–
السؤال:
أرجوكم أنقذوني من الصراع بين نفسي وبين شيطاني.
هل أنا مخلصة لله أم لا؟ فأنا أشعر بأني لست مخلصة لله إخلاصاً تاماً وأشعر بالذنب إذا سمعت أو قرأت حديثا عن الإخلاص! أبكى بكاءً شديداً بسبب هذا الشعور في صلاتي وفي خارجها وأدعو الله كثيرا (وبإخلاص ) أن أكون من المخلصين وأن يقبل الله عملي خالصاً لوجهه الكريم.
أنا إنسانة أسعى أن أكون متدينة جداً، أسعى لإرضاء ربي وتقواه، أرتدي النقاب، وأحفظ أجزاء من القرآن وأتابع الحفظ، لا أستطيع أن أسكت عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أنفذ وبشدة أي شيء أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقوله أو يفعله وأبتعد عما سوى ذلك، أرضي زوجي وأعلم أبنائي تقوى الله: ولكن!! آه مما بعد.. لكن أشعر بوجع كبير في قلبي وأشعر بخجل من أن أكمل ولكني أريد حلاً لما أعانيه منذ عام..
فأنا أشعر بفخر في داخلي عندما يعرف الناس أنني حفظت سورة أو أنني ختمت القرآن في فترة وجيزة -مع العلم أن الكثيرات ممن حولي أصبحن يختمن القرآن منافسة لي ويحفظنه بتشجيع منى وهذا هو غرضي! مع ذلك فأنا عندما أهم لعمل أي طاعة أو تطوع أفعله لكي أرضي ربي ولكن وأنا منشغلة في هذه الطاعة أو عندما أنهيها أتخيل نتائجها من استحسان الناس لها عندما يعلمون مع إنها ليست الغرض من قيامي بهذه الطاعة في البداية، فهل أنا مخلصة والشيطان يقنعني بأني غير ذلك؟ أم أني غير مخلصة ونفسي تقنعني بأني مخلصة؟
الجواب:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
اتصال الرياء بالعبادة على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن يكون الباعث على العبادة مراءاة الناس مِن الأصل؛ كمن قام يصلِّي مراءاة الناس، مِن أجل أن يمدحه الناس على صلاته، فهذا مبطل للعبادة.
الوجه الثاني: أن يكون مشاركاً للعبادة في أثنائها، بمعنى: أن يكون الحامل له في أول أمره الإخلاص لله، ثم طرأ الرياء في أثناء العبادة، فهذه العبادة لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها، فأولُّها صحيح بكل حال، وآخرها باطل.
مثال ذلك: رجل عنده مائة ريال يريد أن يتصدق بها، فتصدق بخمسين منها صدقةً خالصةً، ثم طرأ عليه الرياء في الخمسين الباقية فالأُولى صدقة صحيحة مقبولة، والخمسون الباقية صدقة باطلة لاختلاط الرياء فيها بالإخلاص.
الحال الثانية: أن يرتبط أول العبادة بآخرها: فلا يخلو الإنسان حينئذٍ مِن أمرين:
الأمر الأول: أن يُدافع الرياء ولا يسكن إليه، بل يعرض عنه ويكرهه: فإنه لا يؤثر شيئاً لقوله صلى الله عليه وسلم " إن الله تجاوز عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم".
الأمر الثاني: أن يطمئنَّ إلى هذا الرياء ولا يدافعه: فحينئذٍ تبطل جميع العبادة؛ لأن أولها مرتبط بآخرها.
مثال ذلك: أن يبتدئ الصلاة مخلصاً بها لله تعالى، ثم يطرأ عليها الرياء في الركعة الثانية، فتبطل الصلاة كلها لارتباط أولها بآخرها.
الوجه الثالث: أن يطرأ الرياء بعد انتهاء العبادة: فإنه لا يؤثر عليها ولا يبطلها؛ لأنها تمَّت صحيحة فلا تفسد بحدوث الرياء بعد ذلك.
وليس مِن الرياء أن يفرح الإنسان بعلم الناس بعبادته؛ لأن هذا إنما طرأ بعد الفراغ من العبادة.
وليس مِن الرياء أن يُسرَّ الإنسان بفعل الطاعة؛ لأن ذلك دليل إيمانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم "مَن سرَّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن".
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: " تلك عاجل بشرى المؤمن".
مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ( 2 / 29، 30 )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم جزاك الله خير الجزاء ونفع بك
لك تقديري واحترامي
وينقل إلى قضايا دينية