صراع الديكة يصدع الأسر المستقرة… والمسئولية مشتركة
"زوجتي امرأة نكدية بطبعها، لا تجيد لغة التفاهم، تثور لأتفه الأسباب ولا تحب إلا نفسها، ثرثارة، تخلق المشكلات، كثيرة الشكوى ولا يعجبها أحد.
.. وإن لم ألبي طلباتها تحول بيتي الى جحيم، فأشعر بالضيق والتعاسة وأهرب من البيت بحثا عن الراحة"!
هذه شكوى لسان حال الكثير من الأزواج، على رغم أن صفة الثرثرة او خلق الاجواء النكدية يمكن ان تنسحب على الكثير من الرجال في الوقت نفسه، إلا أن الشكوى غالبا ما تصدر عن الزوج متهما زوجته بأنها نكدية والسبب الفرعي والأساسي وراء تطفيشه من البيت.
تتعدد أساليب الزوجة في إثارة النكد ومجادلة زوجها بالباطل، فيتمنى لو ترجع حياة العزوبية، هذا ما يكرره أكثر الرجال، فقد تخسر المرأة قلب زوجها وتهدم بيتها بسبب ميلها للنكد. فهل هي صفة نفسية عند بعض النساء أم عادة مكتسبة تتعلمها المرأة من محيطها وتنقلها إلى منزل الزوجية؟ ما هي الأسباب والنتائج المترتبة على نكد الزوجة، وكيف يروض الزوج زوجته النكدية ويصلح من أمرها ليصبح بيت الزوجية هو حقا مكانا للسكينة وراحة للزوجين معا، عموده المودة والرحمة وبناؤه قائم على التسامح والحوار الهادئ . هذا ما يجيب عليه سياق التحقيق التالي:
الأزواج والزوجات
اتفق المتزوجون على الأسباب والدوافع واختلفوا على الحلول المناسبة، فالتربية الأسرية والإحساس بالمسئولية تجاه الشريك الآخر هما أساس استقرار الحياة الزوجية، هذا ما اجمع عليه غالبية من التقيناهم.
يصف علي حسن الزوجة النكدية بقوله: "هي التي تختار الكلمات والمواقف المزعجة للزوج وتمطره عند دخوله البيت بأسئلتها وطلباتها من دون مراعاة الوقت المناسب للزوج ولا إمكانياته المادية ومدى قدرته على تحقيق رغباتها، فأكثر ما يتعب الرجل الطلبات الأسرية التي تشعره بعجزه المادي، فمن حق الزوجة أن تطلب ما تشاء لكن في حدود مقدرة زوجها".
الموروثات التقليدية
ويشير علي إلى دور التربية الأسرية وتأثير العادات الموروثة، ويحمل المجتمع المسئولية، "فمجتمعنا ذكوري الصلاحية والسيادة، والمرأة تتربى على أنها تابعة للرجل، وعليها طاعته، وهنا تتولد مع الوقت رغبة شديدة لدى المرأة في رفض هذه التبعية، هذا السلوك غير المجدي والذي يكون سببا في تعاستها أيضا وليس تعاسة الزوج فقط".
دور المؤسسات الاجتماعية
ويضيف: "ان المؤسسات الاجتماعية خصوصا الجمعيات النسائية تقع عليها مسئولية تثقيف المرأة في كيفية إدارة أسرتها والتعامل مع مشكلاتها الزوجية. فقد تكون المرأة مثقفة ومتعلمة، إلا أنها جاهلة بأبسط الأمور المتعلقة بالسعادة الأسرية وهذه امور ومهارات تكتسب بالتعلم والجهل بالحلول المناسبة لمواجهة أية مشكلة قد تكون سببا لخلق مشكلات أخرى "…" فالرجل يهرب من المنزل ويقضي معظم ساعاته خارج البيت تجنبا لوجع الرأس، إلا ان ذلك يوقعه في مشكلات أخرى كالتفكك الأسري وانحراف الأولاد".
"الزواج شراكة متساوية في الحقوق والواجبات بين الزوجين وعند فشل احدهما في مهماته فعلى الآخر ان يكون القدوة الحسنة ويأخذ بيده إلى الطريق الصحيح، لأن الضرر يشملهما معا وهذا يحمالهما مسئولية الحفاظ على الاستقرار والراحة في المنزل والذي ينعكس على حياة الأبناء".
الوعي الثقافي والاجتماعي
تبدأ نزيهة مرهون حديثها عن الأسباب فتقول: "ان الظروف والبيئة المحيطة بالإنسان تشكل مزاجه وشخصيته وتوجه سلوكه، فقلة الوعي الاجتماعي والثقافي والمستوى الاقتصادي للأسرة ومدى احترام الزوج لزوجته كإنسانة لها الحق في العيش بكرامة وتقاسم مر الحياة وحلوها وإشعارها بمكانتها وقيمتها في الأسرة، كل هذه الأمور تحد من تعصب المرأة وتذمرها، فالمرأة العربية بسيطة وراضية بتبعية زوجها، فقط تحتاج إلى أسلوب مرن وفن في التعامل".
وترى أن "النكد والاستياء الدائم لا يعكر فقط الحياة الزوجية، وإنما يؤثر على حياة الإنسان وعطائه في العمل فأغلى ما ينشده إنسان اليوم هو الراحة النفسية بسبب تعاقد أمور الحياة وصعوبتها".
نساء ذكيات
وتعلق مرهون على ذكاء بعض السيدات اللاتي استطعن أن يحولن بيوتهن إلى جنة بالحكمة والصبر والتفهم لطبيعة الزوج ونفسيته، فتقول "إنهن بذلن جهدا كبيرا من التضحية والصبر على الظروف التي تعصف بالأسرة سواء المشكلات الاجتماعية أو المادية، وبذلن الكثير من الوقت والجهد وجاهدن في خلق أجواء مريحة بالبيت، لكن ليست كل النساء قادرات على هذا العطاء فقدرة المرأة وشخصيتها وحكمتها في معالجة أمور الحياة تختلف من واحدة الى أخرى".
التربية الأسرية
ومن جانبها تؤكد أمينة علي أحمد "موظفة" أهمية مادة التربية الأسرية بدءا من المرحلة الإعدادية وحتى الجامعية والتي تؤهل الزوجين ليكونا زوجين صالحين مستقبلا، "فالنكد هو تفسير لعدم وجود الاستقرار النفسي نتيجة ظروف أو نقص في التربية، فالمرأة ليست نكدية بطبعها ما لم تساهم ظروف ومشكلات أدت في خلق هذه الصفة سواء بالكسب أو التعامد.
وتقول: "هناك نساء لا يصمدن أمام مشكلات كثيرة من الطبيعي أن تمر بها كل أسرة، وكذلك طبع بعض الرجال من سرعة العصبية والجهل بأسباب السعادة الزوجية "…" كما أن الاستقرار الأسري لا يشكل لبعضهم أي هدف في حياتهم، فتراهم منشغلين بأمور وهوايات أخرى بحيث يتجاهلون أمورا أولى باهتمامهم، وهنا تكمن المشكلة" .
الانسجام والمشاركة
وترى أمينة ان الانسجام والمشاركة والاتفاق بين الزوجين منذ بداية حياتهما هو اساس سعادتهما، "فكلاهما من بيئة مختلفة وتربى بطريقة معينة، وحتى يتحقق الاندماج النفسي والقبول لابد من معرفة كيفية التعامل مع الطرف الآخر، فتغير بعض الطباع ليس مستحيلا، وكثير من الأزواج يجهلون الطرق الصحيحة في التعامل مع شريك الحياة".
إلى ذلك يؤكد الشيخ وليد عبدالمنعم آل محمود أن الغاية من الزواج هي الإشباع النفسي والفطري واستكمال جوانب النقص من الطرف المقابل، إذ يقول "عز وجل" في كتابه الحكيم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة": فالحب والوئام يتناقضان مع صفة النكد التي تنغص الحياة الزوجية وتبعث الشعور بالنفور والكراهية للطرف الآخر خصوصا عندما يكون متعمدا من دون دوافع مبررة.
ليست المرأة فقط
وأوضح المحمود ان الصفة ليست مقتصرة على النساء فقد يكون الرجل نكديا، فالمرأة النكدية تقوم بتصرفات تدفع الزوج للهروب من بيته كما أنها تحمل الزوج والأمور أكثر مما تحتمل وتثير النزاعات والخصومات لأتفه الأسباب. "فالبعض من النساء يفعلن هذا الأمر رغبة منهن في السيطرة على الزوج من دون إحساس واعتبار لرغباته".
ويوضح آل محمود الأسباب بأنها عدة "فالبعض منها يعود إلى التربية التي تلقتها الزوجة في منزل والدها، خصوصا إذا كانت وسط أجواء مليئة بالقهر والكبت والمعاملة السيئة لها ولأمها، كذلك تأثير الصحبة السيئة عند الاستجابة لنصائح الصديقات بما لا يتفق مع حياتها الزوجية".
العاقبة السيئة
ويرى آل محمود ان العاقبة السيئة جراء تصرفات الزوجة النكدية تعود على كلا الطرفين، "فبعد المودة تأتي العداوة، وان هناك أساليبا وطرقا أخرى تستطيع المرأة أن تحصل على ما تبتغيه مع الإبقاء على حياة زوجية تنعم بالهدوء، فالرجل يقدر الزوجة التي تظهر مكانته في قلبها وبيتها وبين أهلها وتشاطره همومه وتفكر معه سويا في مستقبلهما".
ويستطرد المحمود قائلا "إن الالتزام الصحيح بدين الله تعالى هو وقاية من حياة النكد والشقاء وسبيل للسعادة الزوجية وعلى كلا الزوجين أن يجعل من شريكه محور حياته ويتبادلا الاحترام مهما حدث من اختلاف بينهما وان يكون إسعاد الطرف الآخر غاية كلا الزوجين"، ويختم حديثه بنصيحة لمن يبتلى بزوجة نكدية… "الصبر والقناعة ومحاولة الإصلاح".
المرأة لا تقوى على الصمت
وبحسب خالد العلوي فإنه يرى أن الرجل يكون هو أحيانا العنصر النكدي في البيت، وعن أسباب وجود هذه الصفة في المرأة غالبا يقول العلوي: "إن المرأة بطبيعتها لا تقوى على الكتمان، وهي سريعة التأثر والتأثير وسرعان ما تعبر عما بداخلها من ضغوطات ومشاعر سواء سلبية أو ايجابية بعكس الرجل الذي يجيد الكتمان ولا يحبذ الحديث كثيرا خصوصا في الامور التي تزعجه".
"تنشئة المرأة في مجتمعنا الشرقي ومعاناتها من النظرة الدونية من قبل الرجل وإحساسها بأن حقها مهضوم باعتبارها امرأة، كل ذلك يجعلها تلجأ للشكوى وكثرة التذمر والصراخ لعلها تجد متنفسا عن مشاعرها، كما أن الأسباب الموروثة والمكتسبة من الأسرة لها دور أيضا".
وبالسؤال عن تأثير الجهل والفراغ، يجيب العلوي "توجد نساء مثقفات إلا انهن نكديات بسبب شعورهن بالظلم من الرجل والمجتمع، وعلى رغم الحقوق التي منحتها شريعتنا الإسلامية للمرأة إلا اننا على ارض الواقع، نجد المرأة مظلومة بسبب المجتمع وليس الدين "…" فالإسلام أنصف المرأة وساواها بالرجل بل ميزها عنه في أمور عدة، كما أن ضغوطات الحياة خصوصا للمرأة العاملة وما تلاقيه من إرهاق ومسئوليات داخل وخارج البيت قد يكون سببا ويزداد مع عدم وجود زوج متفاهم يشارك زوجته المسئوليات الزوجية، كما في حال عدم تنظيم المرأة لوقتها وتوزيع أولويتها بحيث تستطيع أن توفر قسطا من الراحة لنفسها وتخلق جوا من الرومانسية مع زوجها للحوار بهدوء، وليعبر كل منهما عن مشاعره ورغباته من دون هجوم أو تبادل الاتهامات.
ويرى العلوي ان الحل بيد الزوجين، بحيث يبذل كل منهما جهده لفهم الآخر، ولا مانع من تقديم بعض التنازلات في سبيل إسعاد الطرف الآخر، كما ان التسامح والتجاوز عن الأخطاء يريح النفس الإنسانية ويخلصها من شحنات الغضب والكراهية، وهناك أمور بسيطة مثل كلمات الإطراء بين الزوجين، فلها مفعول كالسحر، والسعادة الزوجية ليست بالحظ كما يعتقد البعض فالحياة الزوجية لا تخلو من الاختلافات والمشكلات لكن السعداء منهم من عرفوا كيف يتعاملون معها ليعيشون السعادة.
اختي meme_ys
شاكرة لك هذه المشاركة المميزة … والموضوع المفيد ….
قالحياة الزوجية … حياة مشتركة تحتاج للكثير من التفاهم والتسامح …
ولاحرمنا الله من تواصلك معنا …
تقبلي شكري وتقديري
اختك
وايت روز