تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » زيادة الايمان ونقصانه

زيادة الايمان ونقصانه 2024.

قال بعض الصالحين : "إنه لتمر على القلب ساعات إن كان أهل الجنة في مثلها إنهم لفي عيش طيب " ، إنها لحظات صفاء الإيمان ونقاء النفس من أدران المعاصي والسيئات ، هذه اللحظات التي من تأملها علم حقيقة الإيمان ، وأن العبد ليبلغ بعمله الصالح قمة السعادة والسمو لما يستشعره من حلاوة الإيمان وصدق اليقين ، وإنه ليبلغ درجات من التعاسة والشقاء لقلة إيمانه وضعف يقينه ، بسبب المعاصي والسيئات .

وقد استشعر حنظلة رضي الله عنه هذه الحقيقة – حقيقة تقلب الإيمان بين الزيادة والنقص تبعا لتغير أحوال العبد – فقال لأبي بكر رضي الله عنه : نافق حنظلة . قال سبحان الله ما تقول ؟ قال حنظلة : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذّكرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا – أي خالطنا -الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً ، قال أبو بكر : فوالله إنا لنلقى مثل هذا ، فانطلق أبو بكر وحنظلة حتى دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال حنظلة : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما ذاك ، قال يا رسول الله : نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنَّ رأي عين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طُرُقِكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات) رواه مسلم

وتأمل تصوير النبي صلى الله عليه وسلم لإيمان بعض العصاة حال تلبسهم بالمعاصي ، قال صلى الله عليه وسلم عروسلا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) متفق عليه

إن نفي النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان عن هؤلاء – وإن قال العلماء إن المقصود هو نفي كماله لا نفي أصله – يصور المستوى الذي يهبط إليه الإيمان حال مقارفة المعصية ، حتى لم يعد فاعلا في نهي صاحبه عن المنكر ودفعه إلى الصلاح فكأنه لا وجود له

كل ذلك يدلنا على حقيقة الإيمان وأنه ليس أمرا ثابتا لا ينقص ، بل هو أمر قابل للزيادة إذا أتى العبد بأسباب الزيادة ، وقابل للنقص بل وذهابه بالكلية إذا أتى العبد بنواقضه ومبطلاته ، وقد أوضح القرآن هذه الحقيقة – حقيقة زيادة الإيمان ونقصانه – في كثير من آياته حتى يبين للناس أن الإيمان هبة ربانية وعطية رحمانية ،يجب المحافظة عليها باجتناب ما ينقصها من اقتراف المعاصي أو يذهبها بفعل الكفر وقوله ، فمن ذلك قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ} (الفتح :4) وقوله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} الأنفال:2

وأما الأحاديث فكثيرة جدا منها قوله صلى الله عليه وسلم : (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه سلم

وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً : (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا) رواه أحمد والترمذي وصححه ، قال الحليمي : فدلَّ هذا القول على أن حسن الخلق إيمان ، وأن عدمه نقصان إيمان ، وأن المؤمنين متفاوتون في إيمانهم ، فبعضهم أكمل إيمانا من بعض

فتبين بهذا أن زيادة الإيمان ونقصانه لا تأتي اعتباطا دونما سبب وبمحض الصدفة ، بل هي نتاج أسباب ، فالطاعة سبب الزيادة ، والمعصية سبب النقصان ، وهذا أمر يستشعره المسلم من نفسه ، فالمسلم عندما يكون في صلاته خاشعا متبتلا ، غير حاله عندما يمارس عملاً دنيوياً فضلاً عن حاله عندما يقترف معصية

نسأل المولى عز وجل أن يزيدنا إيمانا وأن يعيننا على طاعته ونيل رضاه ، إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير والحمد لله رب العالمين

بارك الله فيك ونفع بكِ
جزاك الله خيرا اختي
جزاك الله كل خير

اللهم اجعل عملنا فيما يرضيك يارب

بارك الله بكِ أختي – فراشة القنديل – ووفقك لكل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.