أولاً :
نحب أن نهنئكِ أيتها السائلة على التوبة والرجوع إلى الله عز وجل ، فمن نعمة الله على عبده أن يوفقه للتوبة ، ويدله عليها ، فكم هم الذين باقون على المعاصي والذنوب ، ولم يوفقوا للتوبة ، فأنتِ في نعمة ، فاشكري الله على تلك النعمة ، واسأليه المزيد في ذلك .
ثانياً :
الواجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ؛ وذلك لأنه من أسمى الوظائف الإسلامية ، بل هو أشرفها وأعلاها ، وهو وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام ، كما قال تعالى : ( رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) النساء/165 .
وقد جعل الله الأمة الإسلامية خير أمة أخرجت للناس ؛ لقيامها بهذه الوظيفة العظيمة ، كما قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران/110 .
فالواجب عليكِ هو الاستمرار في نصح ودعوة من علمت أنه على خطأ ، ولا تلتفتي إلى كلام المغرضين والمثبطين لكِ ، بل اصبري واحتسبي الأجر عند الله ، واعلمي أن ما أنتِ عليه هو نوع من أنواع الجهاد ، مطلوب فيه تحمل المشاق ، والصبر على الأذى فيه ، كما قال لقمان لابنه : ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) لقمان/17 .
ثالثاً :
ما ذكرتيه من أن بعض من تقومين بنصحه يذكركِ بماضيكِ ، فهذا منه نوع من الجهل ؛ وذلك لأنه كيف يلام شخص على ذنب قد تاب منه وأقلع عنه ! وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وإذا كان الله جل وعلا يتوب على من تاب من الشرك ، فكيف بمن تاب مما هو دون الشرك من المعاصي والكبائر .
وأيضاً : إذا قيل إنه لا يدعو ولا ينصح من كان له ذنوب ومعاصٍ في السابق ، فإنه لن يدعو أحد ، ولن ينصح أحد ؛ لأنه ليس أحد معصوماً من الذنوب ، إلا من عصمه الله ، فهؤلاء الصحابة منهم من كان في جاهليته شارباً للخمر قاطعاً للرحم … وأعظم من ذلك الشرك بالله ، ولا يشك عاقل في جلالة قدرهم وعلو مكانتهم ، وأنهم خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم ، فهم لم يتركوا الدعوة بحجة أنهم فعلوا كذا وكذا في الماضي ، بل قاموا بالدعوة خير قيام ، رضي الله عنهم ورضاهم .
والعبرة بكمال النهاية ، لا بنقصان البداية ، فالعبرة بما انتهى إليه أمر الإنسان ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ) البخاري (6607) .
والذي يظهر لنا -والله أعلم- أنهم يقولون ذلك فقط من أجل الجدال ، وهم يخدعون أنفسهم بأن لهم سبباً يردون من أجله الحق الذي تأمرينهم به ، ولو أنصف هؤلاء لتفكروا فيما تأمرينهم به هل هو حق فيقبل ؟ أو باطل فيرد ؟
بقطع النظر عمن أمر به ، فإن الحق يقبل لأجل كونه حقاً ، لا من أجل من تكلم به .
وقد يكون ماضيك سبباً لقبول كلامك ، وقوة حجتك ، لأنك إنما تأمرينهم بما تأمرينهم به وقد جَرَّبت الخير والشر ، والحلو والمر ، فأنت تأمرينهم بالحق بعد علم ويقين وتجربة ، وليس من جَرّب كمن سمع فقط .
وقديماً قال بعض التائبين : "من جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي" !
فاستمري في أمرهم ونصحهم ، واحتسبي ما تجدينه من مشقة واستهزاء ، نسأل الله تعالى لك مزيداً من التوفيق والحرص على هداية الخلق .
والله أعلم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
منقول من موقع
الإسلام سؤال وجواب
جزاك الله خيرا على الموضوع الرائع
دمت بخير
جزاك الله خير
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
جزاك الله خيرا
فعلا دى احلى جملة
الصبر الصبر الصبر
جزاكى الله خيرا يا اختى على موضوعك
جزاك الله خير